لن يصل اليمن واليمنيون إلى سلامهم المنشود في ظل الهيمنة الحوثية على المحافظات الشمالية والتي تعد الكتلة البشرية الأكبر، ويتحكم بصورة إرهابية في كل تفاصيل الحياة العامة ليفرض ثقافته السلالية والمذهبية التي لا تقبل بالآخر ما لم يقدم الولاء والطاعة والتسليم لفكر الجماعة وقيادتها الفاشية.
فالسلام أمر لا يعرفه الحوثي ولا تعترف به أدبيات الجماعة وايديولوجيتها المتطرفة.
والشعب من وجهة نظر الحوثي مجرد غوغاء لا يستحق الحياة والكرامة باعتبار ان هناك تقسيمات وفرزا للشعب من حيث "أتباع" سلموا أمرهم للجماعة الحوثية وعطلوا فكرهم وتفكيرهم، وقسم آخر يتم وصفهم بالمنافقين والمندسين والخونة، وهذا القسم هم أولئك الذين رفضوا ويرفضون الانخراط أو القبول بفكر الحوثي ووجوده الشاذ في حياة اليمنيين.
وبين تلك الأفكار والتقسيم الحوثي فرق شاسع وبين السلام الذي تبحث الشرعية ودول الإقليم في إمكانيه إقامته وفرضه.
ولا شك أن الحوثي مستمتع بهذه المحاولات التي تمنحه وقتاً والتسهيلات التي تدر عليه الأموال ليقوم بالاستعداد أكثر لحرب طويلة ضد اليمنيين.
ولن ينجو الجيران من دول الاقليم مطلقاً من هذا الشر المستطير، فمهما حاولت الرياض إغراء الحوثي وتقديم التنازلات في سعيها لإغلاق ملف الحرب وتأمين ذاتها حتى وإن كان على حساب قضايا يمنية عادلة ومشروعة كالقضية الجنوبية، او قضية السيادة الفعلية للجمهورية والقانون والمساواة، إلا أنها -اي الرياض- تجهل أن الحوثي ومع كل محاولة منها او ابداء أي حسن نية يصور الأمر لأتباعه على أنه "انكسار" ويستغل ذلك في التحشيد والتجنيد والتعبئة الثقافية الدموية الذي لا يرى أن حدود فاشيته اليمن بشماله وجنوبه فقط، بل يرى أن من واجبه المقدس هو إسقاط النظام السعودي وتحرير مكة والمدينة.
وهذه حقائق تُدرس ويلقن بها أتباع الحوثي في كل حلقة مسجد وندوة ومجلس.
ومن هذا المنطلق يراوغ الحوثي لكسب الوقت أطول فترة ممكنة ويناور بالملف الإنساني الذي تسبب في أكثر مآلاته السيئة وما زال مستمراً في خلق واقع إنساني صعب من نهب كل مقدرات الدولة وايراداتها بدءاً من ميناء الحديدة وكل الضرائب والجمارك والإتاوات المفروضة على كل السلع والتجار في مناطق الشمال المنكوب.