د. صادق القاضي

د. صادق القاضي

تابعنى على

"التغييرات الجذرية".. الفأر الذي تمخضت عنه الضباع.!

Friday 29 September 2023 الساعة 04:19 pm

تنفيذًا لـ" التغييرات الجذرية" التي وعد أنه سيعلن عنها في يوم "المولد النبوي".. كان المرجح أن يقوم قائد الجماعة الحوثية "عبد الملك الحوثي"، بالإعلان عن تغييرات جوهرية حقيقية تتعلق بالأسس العميقة للنظام السياسي، وشكل الدولة، وطبيعة السلطة، ونوعية العلاقة المبدئية بين النظام والشعب.. وبالتحديد: 

• إعلان دستوري بشأن نوعية النظام في صنعاء: إما إماميا بشكل تقليدي مباشر، أو جمهوريا إماميا على غرار نظام ملالي الثورة في إيران.

• وضع زعيم الجماعة "عبد الملك الحوثي" بشكل رسمي. على رأس السلطة في هذا النظام الجديد.

• حل ما تبقى من البرلمان في صنعاء للمرة الثانية.

• فض الشراكة الشكلية في السلطة مع جناح المؤتمر الشعبي العام في صنعاء.

• تشكيل حكومة كهنوتية خالصة.

لهذه النقاط. لا سيما الأولى والثانية. أهمية وجودية في الوعي والرؤية والاستراتيجية الحوثية، ولا شك أن الجماعة الحوثية ستعلن عنها عاجلا أو آجلا. في حال خلا لها الجو تماما، وأمنت ردود الأفعال الشعبية، المسألة بالنسبة لها هي فقط مسألة وقت وظرف ملائم.

وهذا ما فهمه الشعب اليمني وقواه السياسية بمجرد الإعلان عن "تغييرات جذرية" مرتقبة، وسرعان ما بادر على المستويين الحزبي والشعبي بإرسال رسائل تحذير بالغة القوة للجماعة الحوثية:

من جهته. أصدر جناح "المؤتمر الشعبي العام" في مناطق السيطرة الحوثية، بيانا قويا حذر فيه الجماعة الحوثية من خطورة أن تنطوي التغييرات الجذرية" الموعودة، على أي مساس بالثوابت والقيم الجمهورية للنظام السياسي.

وبشكل أقوى: الاحتفالات الجماهيرية الحاشدة والعارمة بشكل عفوي وبزخم غير مسبوق في الذكرى الـ61 لثورة 26 سبتمبر، وبالذات في صنعاء وبقية المدن والأرياف الواقعة تحت سيطرة الجماعة الحوثية، قدمت رسالة بالغة القوة في نفس الشأن.

 يعني هذا في المحصلة أن الأغلبية الساحقة من الشعب اليمني، وكياناته السياسية المنظمة، رافضة تماما لأي مساس وتغيير في طبيعة النظام السياسي، وهذا الأمر. هو فقط. ما يمنع الجماعة الحوثية من تدشين نظام الإمامة العائدة بشكل رسمي.

وهذا الأمر فقط. هو ما أربك الجماعة وجعلها تصدر إعلانا ركيكا عجيبا بلسان "مجلس الدفاع الوطني" الذي لا صلاحيات ولا علاقة له بالقضية، عبر "المجلس السياسي الأعلى". عن:

"إقالة الحكومة الحالية برئاسة د. عبد العزيز بن حبتور". وتكليفها بتصريف الشئون العامة العادية. ما عدا "التعيين والعزل".

بالمناسبة: لم تكن لحكومة بن حبتور. منذ البدء. أي صلاحيات قانونية مفترضة، كانت فقط تقوم بتصريف الشئون الفنية العادية، ولا علاقة لها بالتعيين والعزل، وهو شيء يصح حتى على مؤسسة الرئاسة، فهي الأخرى بلا أهمية أو صلاحيات في صناعة القرار. 

أصحاب النفوذ والقرار هناك في الحالتين وبقية الحالات. هم المشرفون الحوثيون على مؤسسات الدولة، فهم من يديرون الأشياء المهمة ويصدرون القرارات المهمة، من خارج الدولة، وبدون أي صفة رسمية، على رأسهم زعيم الجماعة الذي يتحكم بكل شيء من كهف مجهول.