صالح أبو عوذل

صالح أبو عوذل

تابعنى على

أجعلوا "تعز" أولوية على أي قضية

منذ ساعتان و 30 دقيقة

إذا كانت هناك قضية تستحق أن تكون في صدارة الاهتمام الوطني، فهي قضية تعز؛ هذه المدينة التي مثلت على مدى نصف قرن الامتداد الثقافي والسياسي لليمن، تواجه اليوم فوضى وإرهابًا ممنهجًا، يتطلب من الجميع الوقوف معها بصدق.

فهي مدينة محاصَرة منذ أكثر من عقد — يحاصرها الحوثيون من الخارج، وجماعة الإخوان المسلمين من الداخل.

لقد حان الوقت لأن تستريح هذه المدينة من عبث جماعات الإسلام السياسي، وتنطلق نحو البناء والتنمية، وهذا لن يتحقق إلا بمشروع وطني يمنح أبناءها الحق في إدارة شؤونهم بعيدًا عن وصاية محمد اليدومي وعبدالملك الحوثي.

منذ أيام، تحاول القنوات التابعة للإخوان، التي تبث من مدينة إسطنبول التركية، صرف الأنظار عن الجريمة البشعة التي ارتكبتها بعض التشكيلات العسكرية بحق مسؤولة محلية هي افتهان المشهري، التي اغتالها الإرهاب في وضح النهار وسط مدينة تعز.

جريمة إعدام ميداني مع سبق الإصرار والترصّد، سبقها تحريض ممنهج، لتعيد إلى الأذهان حوادث مشابهة، كاغتيال عافية محمد فضل وفيروز اليافعي في عدن قبل نحو ثلاثة عشر عامًا.

في التاسع من فبراير 2013م، اقتحمت قوات ما كان يُعرف بـ"سلطة 11 فبراير" حي السعادة في خور مكسر بعدن، وأطلقت النار عشوائيًا على المواطنين، ما أدى إلى استشهاد المواطنة عافية محمد عوض، وكانت حاملًا في شهرها السابع.

ولم تكن الشهيدة عافية الأولى؛ فقد سبقتها فيروز اليافعي، التي أصيبت برصاصات غادرة أثناء نفاسها، لتفارق الحياة وتترك طفلًا لم يتجاوز عمره أربعة أسابيع.

كما تكررت المشاهد المأساوية في جريمة قتل الشابة ندى شوقي في المعلا، ضمن سلسلة جرائم ارتكبتها سلطة أمنية قمعية متعطشة للدماء، دشنت حكمها على جماجم العشرات من الشباب والأطفال منذ "جمعة الكرامة" في صنعاء في العام 2011م.

إن هذه الجماعات الدموية لا يمكن أن تحكم أي بلد عربي بالسلم والتعايش والديمقراطية، فهي لا تزدهر إلا في بيئة الفوضى وسفك الدماء.

فقد خاض الإخوان حرب صيف 1994م تحت شعارات تكفيرية، وفي عام 2015م كرر الحوثيون المشهد ذاته بفتاوى جديدة، بزعم محاربة "التطرف"، لكن المفارقة أن جماعات التطرف ظلت — ولا تزال — تحتفظ بوجود قوي في خاصرة محافظة ذمار جنوبي صنعاء، دون ان تقترب منها هذه الجماعات المسلحة.

الوضع في تعز اليوم، وتصاعد الخطاب المتطرف ضد النخب النسوية — وما تتعرض له الزميلة اروى الشميري من حملات تحريضية — يؤكد أن هذه الجماعات لا تؤمن بالحوار، ولا تعرف لغة غير العنف والإرهاب.

لذلك، نصيحتي لكل اليمنيين: اجعلوا من تعز قضيتكم الأولى.

فلن تُستعاد صنعاء إلا باستعادة تعز، حين تعود إلى أهلها وتتحرر من جماعات العنف والإرهاب بكل صورها وألوانها.

ضعوا أيديكم في أيدي القوى والأحزاب الوطنية الصادقة، وواجهوا التنظيمات العابرة للحدود بشجاعة وبسالة، فـلا أمن ولا استقرار في اليمن إلا باستعادة تعز المدينة المدنية المسالمة.

من صفحة الكاتب على منصة إكس