سامي نعمان

سامي نعمان

تابعنى على

مؤتمر التفاهة العربية

منذ ساعتان و 23 دقيقة

شخصيات بأسماء رنانة تكتب مقالات وتظهر في الفضائيات بتحليلات عميقة عن وضع الأمة ومستقبلها، وعن خطورة ضياع الهوية العربية، يستمعون لزعيم ميليشيا عنصرية إرهابية جاهل بلا مؤهل علمي أو قيمي، يتحدث عن مغامراته في فلسطين المحتلة التي يغطي بها على جرائمه الوحشية، وجرائم أسرته وأتباعه بحق اليمنيين منذ أكثر من عقدين.

كان المؤتمر القومي العربي يشكل فرصة لرحلات وسفريات لكهول القومية للاجتماع والتمشيات، بمؤهل القدرة على الكتابة والحديث الممجوج عن الأمة والتحديات، والخروج ببيان ختامي مستنسخ ومُحدَّث سنوياً، بما يمجد قيادة الدولة المستضيفة غالباً وقيادتها الممولة لسفرياتهم وإقامتهم (ومصاريفهم أحياناً).

وعلى شاكلتهم الكيان الموازي، "المؤتمر القومي الإسلامي"، وهو كيان أوسع يضم أعضاء مشتركين في الكيانين.

لم يكن المؤتمر القومي العربي أكثر من فرصة لرحلات ترفيهية إلى بيروت ودمشق والمغرب وصنعاء ودول عربية أخرى، ولقاء شخصيات "كهلة" تتغنى بالقومية العربية للحظوة برحلة سنوية والتنظير عن المخاطر المحدقة بالأمة.

ومع احترامنا لبعض الشخصيات المحترمة المناضلة التي كانت جزءاً من هزلية القومية عبر التاريخ، رغم أن لها بصمات في النضال الوطني، إلا أن هؤلاء الكهول كانوا يجتمعون وينتقدون القمم العربية وتخاذل الحكومات، ولا يخرجون بأكثر من بيان على طريقة حكامهم، ويزيدون بتمجيد المستضيف صاحب الغُرم عليهم.

كان الزعيم العربي الذي يواجه مشكلة أو أزمة داخلية ويريد أن يغطي عليها لدى النخب العربية، يستدعي كهول القومية العربية إلى بلده لعقد مؤتمرهم السنوي الذي يحدده التمويل والمستضيف غالباً، فيمول تذاكرهم وإقامتهم، وإن كان كريماً منحهم فائض مصاريف إضافية، ليسبحوا بحمده ويمجدوا نظامه القومي "المدافع عن الأمة"، ويضمنوا في بيانهم الختامي البائس عبارات منمقة لدعم نظامه في مواجهة مشاكله الداخلية، ويعتبرون تمويل مؤتمرهم بطاقة عبور قومية تلغي المشاكل الداخلية، بل وتعتبرها ضرباً من المؤامرات.

كان ذلك ديدن المؤتمر في عهد الدول والأنظمة القمعية، فكيف سيغدو في عهد الميليشيات الطائفية الإرهابية المرتزقة لإيران؟! اليمن نموذجاً.

ها هو المؤتمر اليوم يؤول إلى تسييد الجاهل العنصري، مرتزق إيران عبدالملك الحوثي، عليه باعتباره "بطل القومية"، فيما هو عميل رخيص وعنصري، منتهك للقومية العربية والوطنية اليمنية حتى النخاع، يقتل اليمنيين بالجملة لأنهم ليسوا حوثيين أو إيرانيين أو شيعة وعنصريين.

إنها نهاية تليق بتاريخ المؤتمر القومي ومسيرته منذ البداية. وكما أخبرني أحد أعضائه في صنعاء أكثر من مرة، في رحلة إلى دمشق أو بيروت:

"خلينا نتمشّى.. ما فيش معنا فرص غير هذه.. وخليها تحبل بربح!"

وماذا يمكن أن يلد هذا المؤتمر العقيم الهزيل منذ بداياته مثلاً؟

ثورة عربية تجمع الأمة؟ قطعاً لا. ليس أكثر من بيان هزيل وسخيف ممجوج ومستنسخ، يمكن لأي متابع عادي لمؤتمراته السنوية التنبؤ به قبل صدوره.

لن يلد إلا إنجازاً من قبيل استجلاب شخص مثل المجرم عبدالملك الحوثي، ليلقي عليهم كذباته وحديثه الممجوج الكاذب الخاطئ، ليغطي به سوءته وأفعاله العنصرية القبيحة بحق اليمنيين.

وسيهتفون ويسبحون بحمد الحوثي، كما سبحوا ومجدوا سابقاً نصر الله وبشار الأسد وغيرهم.

هؤلاء هم شلّة القومجية العربية، أو ربما القومجية الإسلامية.

لا عزاء للقومية في منتحلي اسمها وصفَتها.

من صفحة الكاتب على الفيسبوك