في صباح عادي على جبهة مقبنة، غربي محافظة تعز، كان طه الشرعبي يسير بخطى ثابتة، لا يحمل في جعبته سوى إيمان بقضيته، وحب لوطن يذوب بين أنقاض الحروب.
لكن الأرض التي طالما دافع عنها خانته في لحظة واحدة، وانفجر لغم غادر تحت قدميه، فسَرَق من جسده ما سرق، وأعطى لروحه ما لا يُعطى إلا للعظماء: الصمود.
بُتِرت قدماه، وأصيبت يده التي كانت تكتب الدروس لطلاب يعانون الأمرّين في سبيل الحصول على العلم، وغاب نور عينه اليمنى التي كانت ترى في الأفق البعيد وطنًا حرًا.
وما إن التفت حوله الضمادات، حتى شق طريقه من جديد؛ ليس بخطى، بل بإرادة.
من فوهة النار إلى فصل الدرس، من صرخات الألم والقهر إلى همسات الحكمة، ومن كفاح لأجل البقاء إلى بناء للعقل.
اليوم، يقف المدرس طه حسن عبده الشرعبي، ليس ليدرّس الحروف فحسب، بل ليُعلّم معنى أن تكون إنسانًا في زمن الانكسار.
يكتب على السبورة بأصابع نزفت، ويُلهم طلابه الصغار بعين واحدة رأت ما لا يراه الآخرون.
الصور المنشورة لا تحتاج شرحًا؛ ففي كل نظرة منه قصة وطن بكامله.
في ابتسامته تحت الألم درس في الكرامة، وفي صمته صرخة لا يسمعها إلا قلب نابض بالإنسانية.
تعظيم سلام لك أيها الأب، أيها الأستاذ، أيها القائد…
طه حسن الشرعبي، الذي علّمنا أن الجسد قد يُهدم، لكن الروح… ما دامت تناضل، فلا تُقهر أبدًا.
وتحية صامتة، من القلب، لكل مناضل شريف يقدّم ذاته قربانًا؛ ليس طلبًا للمجد، بل حبًا لوطن يستحق أن يُبنى، حتى بدماء أبنائه.
من صفحة الكاتب على الفيسبوك

>
