د. عادل الشرجبي

د. عادل الشرجبي

تابعنى على

التسويات الجزئية تفاقم المعاناة الإنسانية

Wednesday 14 November 2018 الساعة 04:02 pm

واحدة من أبرز سمات الأنظمة والنخب التي حكمت اليمن منذ ستينات القرن العشرين إلى اليوم، سواء بالتعاقب أو التزامن، هي عدم الشفافية، وحجب المعلومات عن المواطنين، لاسيما المعلومات المتعلقة بالحكومة وممارستها للسلطة وإدارتها للشأن العام. فخلال الحرب القائمة منذ أربع سنوات، لم يفصح الطرفان المتحاربان سوى عن بعض الأخبار المتعلقة بالمواجهات المسلحة، وببيانات وأخبار وتصريحات تحوي مبالغات أكثر مما تحتوي من الحقائق.

أما الاتصالات السياسية بين الطرفين المتحاربين والاتفاقات والتوافقات والوساطات الخارجية والضغوط الإقليمية والدولية، فلا تطلعان الشعب اليمني عنها، ولا تسربان أي معلومات أو أخبار حولها، وأحدث مثال على ذلك الهدنة غير المعلنة التي بدأت الليلة قبل الماضية في الحديدة، فلم يعلن أي من الطرفين عن الهدنة، ولا كيف تم التوصل إليها، ولا هدفها ومدتها والتزامات كل طرف، ولم يعرف المواطنون في محافظات الجمهورية عن توقف معركة الحديدة إلا من خلال منشورات بعض النشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلال هذه المنشورات عرف البعض أن هناك وساطة دولية، أمريكية تحديداً، وبغض النظر عن ذلك، فإن اليمنيين يتوقون للوصول إلى نهاية لهذه الحرب، سواء عبر تسوية أو حسم عسكري سريع، بما ينهي معاناتهم الإنسانية التي طال أمدها، أما الاتفاقات الجزئية والتوافقات المؤقتة فلن تؤدي إلا إلى إطالة أمد الحرب وبالتالي استمرار المعاناة الإنسانية وتعقدها، لاسيما أن طرفي الحرب لا يوليان الأزمة الإنسانية التي يعاني من آثارها السلبية كل المواطنين اليمنيين الاهتمام الذي تستحقه.

فأي اتفاق بشأن معركة الحديدة دون إنهاء الحرب سيؤدي إلى زيادة معاناة المواطنين، وإلى مزيد من التدهور للأوضاع المعيشية، حيث ستتشكل سلطتان للجباية إحداهما داخل ميناء الحديدة، والأخرى خارج مدينة الحديدة، ما سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وستغدو الغالبية العظمى من المواطنين غير قادرين على تأمين احتياجاتهم المعيشية الضرورية، لاسيما في ظل إيقاف صرف مرتبات موظفي الدولة منذ أكثر من عامين، والتي تشكل المصدر الرئيس لدخل العائلات اليمنية، فالدولة هي المشغل الرئيس في اليمن، ويبلغ عدد موظفي الدولة حوالى مليون ونصف مليون موظف.