سمير الصنعاني

سمير الصنعاني

مليشيات الإسلام السياسي وخدمة إيران وتركيا ضد العرب

Saturday 18 January 2020 الساعة 02:12 pm

 ما بين تصريحات القيادي الإخواني عسكر زعيل عن تمجيد الأتراك واحتلالهم لليمن، وبين تعظيم الحوثيين للقيادي الإيراني الفارسي قاسم سليماني ونشر صوره في العاصمة صنعاء وبكائياتهم عليه بشكل فاق بكائيات الإيرانيين تتضح الصورة الحقيقية لطبيعة وفكر الحركات الإسلامية ذات الإيديولوجية الدينية المذهبية.

تمجيد زعيل للأتراك، وتقديس الحوثيين لسليماني كشفا عن الوجه الحقيقي ليس لعمالة وتبعية الإخوان والحوثيين لمشروعي خلافة تركيا وإمامة فارس الإيرانية، بل وقدمت دليلا وبرهانا واضحا وفاضحا للحركات التي تتخذ من الدين شعارا تخدع به الناس وهي في الحقيقة مجرد دمى تؤدي دورها في لعبة الصراع السياسي في المنطقة، وتخدم مشروعين مختلفين الاول هو مشروع الخلافة الإسلامية الذي تستغله تركيا لتعيد به أمجاد ونفوذ الامبراطورية العثمانية التي احتلت دول المنطقة العربية وحكمتها ونهبت ثرواتها وعاثت فيها فسادا، فيما يخدم الحوثيون مشروع إيران الفارسية الهادفة إلى استعادة امجاد الامبراطورية الفارسية التي ايضا احتلت البلدان العربية وبسطت هيمنتها على جزيرة العرب ومنها اليمن وعاثت في حكمها فسادا ونهبا وسرقة.

لا أحد يمكنه إنكار أن تسابق تركيا وإيران وصراعهما على النفوذ في المنطقة يستهدف الهيمنة على المنطقة العربية وتقديم نفسيهما وكأنهما ممثلان وقائدان للمسلمين، فتركيا تقدم نفسها قائدة محور الإسلام السني، فيما تسعى إيران لتقديم نفسها قائدة محور الإسلام الشيعي وكلاهما يرى أن إعادة ماضي هيمنتهما الاستعمارية لن يتحقق إلا ببسط نفوذهم في المنطقة العربية واستغلال الدين لحشد وتعبئة الشعوب وراء مشاريعهم، وللأسف الشديد أنهما يسعيان لتحقيق ذلك عبر أدواتهما واذرعهما المليشاوية المتمثلة في حركة الإخوان المسلمين وما يتبعها من قوى تدور في فلك فكرها وطريقة عملها، والاذراع المليشاوية الشيعية كحزب الله والحشد الشعبي والحوثيين، وكلها اذرع تدير بها إيران وتركيا صراعهما على النفوذ في المنطقة.

ولكي تكون الصورة أوضح فحين العودة إلى التاريخ الذي ظل يرسخ في أذهان الأجيال اليمنية سنجد كيف تم تصوير القائد سيف بن ذي يزن وتقديمه على أنه بطل وقائد يمني دحر الاحتلال الحبشي وهو في الحقيقة لم يفعل أكثر من استعانته بالفرس لدحر الأحباش ثم سلم للفرس البلد بقضها وقضيضها ليحتلوها ويحكموها كيفما شاءوا، وفي الوقت نفسه فإن ذلك التاريخ ظل يمجد الاحتلال العثماني لليمن ويقدمه للأجيال على أنه فتح وخلافة إسلامية، وهو الأمر الذي يعكس حقيقة تبعية حركات الإسلام السياسي الإخوانية ثم الحوثية للخارج منذ اليوم الأول لتأسيسها وكيف استغلت نفوذها سواء قبل الثورة اليمنية 26 سبتمبر و14 أكتوبر أو بعدها في الترويج لمشروعين مختلفين في الاسلوب ومتفقين في الهدف وهو السيطرة على السلطة بعصا الخلافة أو بدبوس الامامة، وكلاهما (الخلافة والامامة) للأسف لم يكونا مشروعين خاصين بهذه الحركات بل بمن يقف خلفهما من القوى الاستعمارية في المنطقة كما هو الحال اليوم في صراع النفوذ الإيراني التركي على المنطقة العربية وتوحدهما وإن اختلفا في ضرب أي مشروع نهضوي عربي قومي أساسه إقامة حضارة عربية بعيدة عن التدخلات الخارجية وقادرة على تلبية طموحات وتطلعات الشعوب العربية في الاستقلال والحرية وبناء دولها ومنطقتها بفكر بعيد عن الفكر الديني الأيديولوجي المذهبي المتعصب والمتخلف.

وإذا كان ثمة من إيجابية واحدة وسط ركام الفوضى التي تعيشها المنطقة واليمن على وجه الخصوص منذ فوضى 2011م فإنها تتمثل في كشف الأقنعة عن حقيقة الأدوار التي تلعبها الأذرع المليشاوية للحركات الإسلامية السنية والشيعية في المنطقة عموما وفي اليمن على وجه الخصوص، حيث تؤدي هذه الحركات (الإخوان والحوثيين) دورهما في خدمة مصالح إيران وتركيا واهدافهما في السعي لبسط نفوذهما على المنطقة العربية وتدمير جيوشها ودولها الوطنية ومصادرة حرية شعوبها لصالح فرض أجندات النفوذ الإيراني التركي تحت مسميات وشعارات مقنعة بأكاذيب دينية هي (الخلافة والإمامة)، وهو ما بات يتأكد اليوم أكثر من أي وقت مضى.


وانطلاقاً من ذلك كله فإن الواجب يقتضي اليوم أن تكون هناك مواجهة شاملة ضد هذه المشاريع قوامها وأساسها فضح وتعرية حقيقة هذه الحركات الإسلامية وكذبها واستغلالها للدين من جهة، ومن جهة أخرى كشف كيف أنها ليست سوى مجرد أدوات تؤدي أدوارا وظيفية لصالح الآخرين وعلى رأسهم إيران وتركيا وصراعهما الذي يستهدف بسط نفوذهم على الشعوب والدول العربية.