محمد عبدالرحمن

محمد عبدالرحمن

الأمريكان يا صديقي!

Monday 09 November 2020 الساعة 02:24 pm

الأمريكان يا صديقي، مذ ثلاثة قرون ويوم الانتخاب لديهم لم يتغير، وشهر الانتخاب كذلك لم يتغير، تغير المجتمع الأمريكي يا صديقي ولم تتراجع الديمقراطية، انتقل من حقبة الزراعة إلى الصناعة وبقي يمارس ديمقراطيته في اليوم والشهر والسنة المحددة دون تأخير.

القانون الأميركي يا صديقي يحكم العالم ولم يتغير رغم تغير أساليب تنفيذه حسب مصلحة الأمة الأميركية ورغبتها. شوارع أمريكا يا صديقي خالية من يافطاتها الوطنية الوهمية، وخالية من صور قادتها الأبرار والأشرار في آن معاً، عدا تماثيل تمجد حقبة من النهوض والتطور المتراكم.

المواطنة المتساوية هي التي لم تفرق بين الأجناس المختلفة التي يتكون منها هذا الشعب العظيم، فقد تجاوز مرحلة تقنين العنصرية، بينما نحن نقدسها ونضفي عليها الآيات الدينية.

أتعرف يا صديقي كيف تنتخب الأمة الأميركية رئيسها؟ أعي ذلك أنك لا تعرف إلا صوت الهتافات المتشنجة بحياة الحوثي وتقديسه، أعرف أنك لا تعرف إلا صناديق الموت وصوت انتحار القذائف وشعارات الحقد والعِداء لكل من يقف في وجه العبودية باسم الدين والوطنية.

نحن يمنيون يا صديقي عرفنا عن الديمقراطية شيئا بسيطا، واطللنا برأسنا في محاولة لتطبيقها والتقدم في الحضارة، وفي لحظة جاء غبار التاريخ يجرف ما كنا نحلم به، جاء على صهوة جياد الدين وسياطه يخلس جلودنا كلما نضجت استبدلنا غيرها.

حتى الأمريكان الذين ينتخبون رئيسهم اليوم يدعوننا إلى تقليدهم والسير في الطريق الديمقراطية، يبذلون كل دعمهم لأجل ذلك، ليس كرماً منهم أو حباً في تقليدهم، لكنه الواقع الحضاري يتحتم عليهم ذلك.

هل تدرك لماذا تدعو الله في صلاتك لإبادة الأميركان ولم يستجب لك!!! لأنك تدعو بدعاء أجوف وغير مكتمل الأركان يا صديقي، دعاء الجبان الذي يغرس رأسه في وحل التخلف مرعوباً من الديمقراطية والتقدم.

فقط وقبل أن تفكر بقتال الأمريكان عليك أن تدرك أن الرصاصة التي ستقاتل بها هم أعطوك إياها، وأن البندقية خرجت من مصانعهم، والديناميت من مخازنهم، حتى إن طعامك من مزارعهم، وثيابك من مغازلهم.

لكن يا صديقي ومن خلال ما لديك من معرفة عن المرشحين، من برأيك سيفوز ومن تؤيد، جوزيف بايدن، أم ترامب..؟! نعم يا صديقي لقد فاز بايدن وقبل ذلك لقد انتصرت الديمقراطية والأمة الأمريكية العظيمة.

تحسس صديقي جيبه وأخرج مائة ريال تناولها المحاسب وانصرف صامتاً وتركني لأكمل كأس الشاي بالحليب، حينها كنت سعيداً لأنه دفع الحساب عني وعنه، لأن في المقهى ثلاثة عمال أقوياء وأنا وحدي بدون فلوس.