أحمد الجعدي

أحمد الجعدي

تابعنى على

دمّاج صعدة ومعبر ذمار

Friday 13 November 2020 الساعة 01:54 pm

سبقت حرب اجتياح الجنوب حربٌ في دمّاج ممهدةً وواضعة أبجديات الشحن الطائفي، ولكن حسب الخصوصية اليمنية، على عكس الحروب الطائفية التي شهدتها المنطقة فإن حرب اليمن تطبخ على نار هادئة استفاد مشعلوها من كل التجارب والحروب الطائفية التي سبقتها.

في الحديدة وصلت إلى يدي منشورات تدعو النّاس للخروج في صعيدٍ واحد لمنع استقبال قوافل السلفية التي خرجت من دمّاج، بينما كان ضجيج المساجد يملأ جو الحديدة المكفهر بالاستعداد لحربٍ من أذناب إيران في اليمن، إنهم حوثة هكذا أسميناهم وبالمقابل كان الحوثة بالزي التقليدي يزحفون إلى باجل يفتشون في أوراق النّاس والهويات عن من أسموهم بالدواعش في رحلة مملوءة بالأكاذيب انتهت وتحطمت جنوباً في عدن.

وصلتُ إلى عدن بالتزامن مع تحليق الطيران فوق دار الرئاسة أوقفتني نقاط تفتيش كان القائم عليها شاب لا يعرف للدين مكاناً يسب الله ويتوعد من يسبون عائشة بالويل والثبور، ولكن كان للمدينة أخلاق أكبر من تلك التي تدعوها للدفاع عن نفسها من الشيعة باسم السنة أو أن تخاف على نفسها ممن يصفونها بالداعشية الإرهابية، لقد كان النّاس يقاتلون عن المدينة التي أحبوها وحسب.

هنا بدأت فكرة الطائفية كشعار وفتاوى تخرج للنّاس بين الفينةِ والأخرى وخطاب يجد من خلاله أمراء الحرب الاستحقاق بالأخذ بزمام الأمور، ليس هذا فقط، بل الأمر كان يتأسس بشكلٍ عميق، إذ إن أطرافاً من التحالف لم تكن لتثق الا بمن كان على تواصل معهم في حرب دماج، وعلاقات أُخرى قديمة جعلت من السلفية النافذة التي يطل منها التحالف لليمن.

جاء الشمال بكل تفاصيله ب(دمّاج / صعدة) و(معبر / ذمار) بمصطلحات الزنبيل والقنديل وفتاوى الزنداني ووعود الخلافة الإخوانجية، جاؤوا للجنوب يسبون الحوثي ويفسدون الحرب والتحرير في الجنوب وكأنهم يريدون توقيع صفقة مع الجنوبيين إما أن تعملوا (لنا وليس معنا) من أجل تحرير الشمال وإلا افسدنا عليكم حياتكم.

وجد الجنوبيون في الساحل من يتحالف معهم شمالاً، أو بمعنى آخر وجد الشماليون في الساحل من يتحالف معهم لتحرير أرضهم، لا يهم، ما يهم حقّاً هو أن تلك الثلّة من الشماليين والجنوبيين يقاتلون الحوثي وتربّص الإخوان معاً في الغرب والشمال ويقاتلونهم شرقاً في معارك مفتوحة سقط كل ما له علاقة بالسياسة والحلول الدبلوماسية عند بوابة شقرة، حتى إن كثيراً من اتفاق الرياض حرام إن قتل النّاس قليلة، لذا يتردد السؤال الذي نسأله اليوم لأنفسنا هل السعودية بحاجة للمنهج السلفي بشكله التنظيمي لتنقله من الشمال إلى الجنوب بكل تفاصيله وبكل خبث: دمّاج للضالع ومعبر لأبين، ولَك أيها القارئ الكريم أن تطلق العنان لمخيلتك ما الذي يمكن أن تفعله تلك التفاصيل جنوباً، لماذا لا نكتفي بأن تكون التحالفات على هيئة مؤسسات عسكرية وليست تنظيمات مؤدلجة؟

ألم تكن حركة الإخوان المصنفة إرهابية في المملكة كافية ليحاربها الجنوبيون اليوم إلى جانب حربهم مع الحوثي أمام صمت التحالف الذي لم نفهم أسبابه في الإبقاء على التحالف مع جماعة الإخوان.

اتقوا الله، فلقد أفسدت التنظيمات المؤدلجة حياتنا.