أحمد الجعدي

أحمد الجعدي

تابعنى على

كم بكيناك..

Monday 21 December 2020 الساعة 09:29 pm

بكينا الطمأنينة التي تنفسناها وأنت بيننا في لحظات أسدل العالم ستاره عن قمعٍ أخذ من دمائنا أغلاها ، أبكي اللحظة العزيزة التي كدتُ بها أختنق عندما شعرتُ بالضياع وبصوتٍ متورم وقلق شكوتُ بها لك في لقاءٍ عابرٍ أمام بيت جدّي ولأنك أنتَ الذي قلت لي (نحن في الطريق الصحيح) عدتُ بابتسامه عريضة عشتُ بها يوم العيد.

بكينا ثقل الإنسان ، صوتنا الصاخب ، عنفوان الحق ، جرأة القضية ، شموخ العلم ، ونَفَس الحرّية ، والنّاس كل النّاس يهتفون خلفك باللات الكبيرة التي لا تقبل الظلم والخنوع.

بكينا الصوت المعارض والعقل المثقف والسياسي المحنّك والرجل الحكيم والقلب الصابر ذاك الذي كان يسمعُ نزقنا بلطف وقماءتنا بحلم وطيشنا بتقدير ما يدفعنا في الأخير لللنكفاء خلف فهمه والخنوع لشرحه والشعور بالسلام الداخلي عن قناعة بعد لتٍّ وعجنٍ لا يقابله أبداً ، أبداً لم يقابله الا بابتسامة طالما شعرنا بأبوتها وأشعرتنا بلذةِ الحوار وقيمته وقامته العظيمة.

نعتَ النّاس اسمهُ بتخصصه (المهندس عبدالله) هكذا كان أول اسمه، لكنّه لم يكن مهندساً ناجحاً بتخصصه فحسب وإنما مقاتلاً شجاعاً (حرّاً وحرُّ) كما يقول درويش ، مع النّاس في نضالهم السلمي وفي الحرب أوّل من حمل بنّدقه.

ولما اغتالتك يد الغدر لم تمت ، بل ظلّت روحك ولسمكَ محراباً لتصوفنا ونوراً نقتبس منه في الأيام الحالكة الظلمة ، ذكراك نصرا ، وشهادتك فرجاً يستشرف منه النّاس أمنهم وسلامهم عند أول إعلان بالقبض على قتلتك.

عزيزياً غيابك عنّاً وغاليا رحيلك ، رحيلك الذي لم تملأه الأيام ولا حتى الانتصارات العظيمة.