أزمة المياه تشعل الغضب الشعبي في تعز.. احتجاجات حاشدة وتحذيرات أمنية وسلطة عاجزة
السياسية - Tuesday 08 July 2025 الساعة 07:28 pm
احتشد المئات من أبناء مدينة تعز، يوم الثلاثاء، أمام مبنى السلطة المحلية المؤقت في شارع جمال، احتجاجًا على تفاقم أزمة مياه الشرب وغياب الحلول من قبل السلطات المحلية، في ظل أوضاع إنسانية متردية ومعاناة متصاعدة للسكان منذ أسابيع.
ورفع المتظاهرون شعارات غاضبة عبّروا من خلالها عن استيائهم من غياب دور الجهات المختصة في تنظيم توزيع المياه وضبط أسعارها، مطالبين بتدخل فوري لوضع حلول عاجلة ومستدامة لهذه الأزمة التي باتت تهدد حياة المواطنين. كما حمل عدد من المحتجين عبوات المياه الفارغة فوق الحمير في مشهد رمزي يعكس حجم المعاناة التي يعيشها السكان في البحث اليومي عن الماء.
وهتف المحتجون بشعارات منها: "أين الماء؟ أين الماء؟"، محمّلين السلطة المحلية، وعلى رأسها محافظ تعز نبيل شمسان، المسؤولية الكاملة عن استمرار الأزمة، متهمين إياها بالعجز والتقاعس في اتخاذ أي إجراءات فاعلة منذ تفاقم الوضع قبل أكثر من ثلاثة أشهر.
وتزامن هذا التحرك الشعبي مع تفاقم غير مسبوق في أزمة المياه داخل المدينة الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية، حيث وصلت الأوضاع إلى حد انعدام مياه الشرب الصحية في معظم محطات التعبئة والبقالات، وسط ارتفاع جنوني في الأسعار نتيجة شح الموارد وغياب الرقابة الرسمية.
وأكد عدد من الأهالي أن محطات المياه الصحية توقفت كليًا عن العمل بسبب نضوب الآبار التي كانت تعتمد عليها المدينة، ولم يتبقَ سوى بئر واحدة فقط في وادي الضباب. وأدى ذلك إلى قفز سعر "وايت" المياه من 12 ألف ريال إلى 35 ألف ريال، بينما ارتفع سعر "الدبة" سعة 10 لترات من 100 ريال إلى 500 ريال في السوق السوداء.
وباتت شوارع وأحياء المدينة تعجّ بمشاهد المواطنين، أطفالاً ونساءً ورجالاً، وهم يحملون العبوات البلاستيكية، أو ينتظرون في طوابير طويلة أمام محطات المياه المتوقفة، أو يستخدمون الدراجات النارية لنقل المياه من مسافات بعيدة، في مشهد يعكس حجم الأزمة وغياب الحد الأدنى من تدخل الدولة.
من جهتها، أصدرت إدارة شرطة تعز بيانًا حازمًا حذّرت فيه من استمرار الأزمة، وأعلنت أنها أمهلت الجهات المختصة 24 ساعة فقط لاتخاذ إجراءات فعلية لحل مشكلة المياه، متوعدة بتدخل أمني وضبطي صارم إذا استمر التقصير والإهمال.
وأصدرت الإدارة بيانا على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أن توجيهات مباشرة صدرت من مدير عام الشرطة، العميد منصور الأكحلي، لكافة الوحدات الأمنية بالتعاون الكامل مع الجهات المعنية بالمياه، ومساندتها في تنفيذ المهام الرقابية، بما يشمل ضبط المخالفات وإحالة المتسببين إلى الجهات المختصة.
ويأتي هذا التحرك الأمني في ظل تصاعد حاد في أزمة المياه خلال الأيام الماضية، بعد انعدام مياه الشرب (الكوثر) الناتجة عن محطات التحلية، وهو ما فاقم بشكل غير مسبوق من معاناة السكان.
وأكد البيان أن شرطة تعز تتابع تطورات الأزمة بشكل حثيث، مشيرة إلى أنها على تواصل مستمر مع المؤسسات المسؤولة عن توفير المياه ومراقبة آلية التوزيع، وأنها لن تقف موقف المتفرج إذا ثبت وجود تقصير متعمد أو تهاون رسمي. محذرًا من تجاهل معاناة آلاف الأسر في المدينة التي ترزح منذ أكثر من أربعة أشهر تحت وطأة أزمة مياه مزمنة، ازدادت حدتها مؤخرًا إلى مستوى غير مسبوق.
وتأتي هذه التطورات في ظل حالة من الغضب الشعبي، خاصة بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على تصاعد الأزمة دون أي حلول ملموسة من السلطة المحلية. وكان محافظ تعز قد أقال، قبل نحو شهر، مدير مؤسسة المياه على خلفية اتهامات بالفساد والتلاعب بالمخزون المائي، وبيعه لتجار السوق السوداء بأسعار مضاعفة، وفقًا لناشطين.
ويؤكد المواطنون أن حل أزمة المياه يتطلب إرادة سياسية حقيقية، ومواجهة جادة لملف الفساد والعبث بالمقدرات، والعمل على حماية ما تبقى من الآبار، وضمان وصول المياه إلى جميع السكان بعيدًا عن الوساطات والمحسوبيات.