الحدود والتهريب والولاءات.. مشروع "حوثي- إخواني" لإغراق المهرة بالفوضى
السياسية - منذ 4 ساعات و 24 دقيقة
شهدت محافظة المهرة شرقي اليمن، خلال الأيام الماضية، توترًا أمنيًا متصاعدًا على خلفية اعتقال أحد أبرز القيادات الميدانية التابعة لميليشيا الحوثي، ويدعى محمد أحمد الزايدي، في منفذ صرفيت الحدودي أثناء محاولته المغادرة صوب سلطنة عُمان، في تطور فجّر سلسلة من الأحداث الأمنية والعسكرية، وسط مخاوف من مخطط تقوده جماعة الحوثي و"إخوان اليمن" لإقحام المحافظة في مربع الفوضى والصراع.
وأثار اعتقال الزايدي غضبًا حوثيًا واسعًا، دفع الجماعة إلى حشد مسلحيها عبر طرق صحراوية مهربة في محاولة للضغط لإطلاق سراحه، وتهديد الأمن في المحافظة التي ظلت بعيدة إلى حد كبير عن المواجهات المسلحة خلال سنوات الحرب.
وأكد مسؤول محلي في محافظة المهرة أن العشرات من المسلحين الحوثيين، معظمهم من محافظتي الجوف ومأرب، وصلوا على متن سيارات مسلحة إلى مديرية شحن الحدودية عبر طرق التهريب الصحراوية، تحت ذريعة "تقديم العزاء" في وفاة والد أحد مالكي الفنادق من عائلة الزايدي، في محاولة لتمويه تحركاتهم.
وأشار المصدر إلى أن السلطات الأمنية دفعت بتعزيزات عسكرية مكثفة إلى المديرية، ومنعت المسلحين من التوجه نحو مدينة الغيضة، عاصمة المحافظة، ما أجبرهم على الانسحاب مسافة 20 كيلومترًا عن المديرية المحاذية للحدود العمانية.
وقالت مصادر عسكرية إن وحدات الجيش اليمني المتمركزة في محور الغيضة العسكري اشتبكت الجمعة مع مسلحين من قبيلة خولان موالين للقيادي الحوثي المعتقل، أثناء محاولتهم دخول بلدة "رماه" مدججين بالأسلحة. وأكدت المصادر أن بعض هؤلاء المسلحين تسللوا مجددًا إلى بلدة شحن، حيث عقدوا اجتماعًا مع الشيخ الموالي للحوثيين علي سالم الحريزي، في خطوة اعتُبرت محاولة لتفجير الوضع ميدانيًا.
وأشارت المصادر إلى أن الحريزي قام باستقبال المسلحين تحت غطاء وفود قبلية لمناقشة عملية اعتقال القيادي الحوثي "الزايدي"، وأن اللقاءات ما هي إلا اجتماعات هدفها إدارة مشروع التخريب وإغراق المحافظة في الفوضى حتى مطالب غير مشروعة.
في الأثناء، وصلت عززت القوات العسكرية والأمنية من انتشارها في مناطق شحن والغيضة ورماه، ضمن جهود لتأمين المحافظة والتصدي لأي تهديدات قادمة من المليشيات الحوثية أو حلفائها المحليين.
وتوعد قائد محور الغيضة، اللواء محسن علي مرصع، من وصفهم بـ"المتسللين المعتدين" بأن الرد سيكون حازمًا، مؤكدًا رفع الجاهزية القتالية لقواته. وقال: "نحن في جهوزية تامة، وسندفنهم في صحراء المهرة كما تُدفن أحلامهم في مأرب".
ووجّه مرصع الوحدات العسكرية بالتوسع في الانتشار الصحراوي لقطع طرق التهريب التي تستخدمها ميليشيا الحوثي لتمرير الأسلحة والمقاتلين، محذرًا من التهاون في حماية حدود المحافظة.
كما توعد قائد محور الغيضة بمعاقبة المتورطين في مقتل العقيد عبدالله بن زايد، وإصابة كل من الضابط يحيى الوشلي وجنديين آخرين.
وقال اللواء مرصع: "إن كل من تورط في استهداف القوات المسلحة أو سعى لإقلاق الأمن والاستقرار سينال جزاءه العادل وفق القانون". وأضاف "أن محور الغيضة لن يتساهل مطلقًا مع كل من تسول له نفسه المساس بأمن واستقرار المهرة أو الإضرار بمصالح المواطنين".
وأشار مرصع إلى أن "الكمين المسلح الذي تعرضت له الحملة الأمنية وقوات المحور وهي في طريقها إلى حوف لتنفيذ مهمة وطنية يمثل خرقًا واضحًا للنظام والقانون، ويستهدف السكينة العامة والسلم الاجتماعي".
من جهته، عبّر المجلس الانتقالي الجنوبي في المهرة عن "بالغ القلق" إزاء التطورات الأمنية، محذرًا من تنامي نفوذ الجماعات المسلحة الخارجة عن إطار الدولة، وتحوّل بعض المناطق إلى حاضنة آمنة لعناصر حوثية وإخوانية تسعى لزعزعة الأمن وتهديد السيادة الوطنية.
وأكد المجلس في بيان رسمي أن هناك تحالفات مشبوهة تسعى لتمرير مشاريع سياسية وعسكرية مرفوضة، وتهدف إلى تغيير هوية المهرة وتفجير الوضع فيها. كما شدد البيان على ضرورة فرض هيبة الدولة وتعزيز الأجهزة الأمنية، مشيدًا بدور مشايخ وأعيان المهرة الذين وقفوا مع الدولة وأمنها.
الناشط المهري غسان بن علي قال إن ما تشهده المهرة حاليًا هو نتاج تنسيق إخواني–حوثي واضح، حيث تحاول الجماعتان استغلال اعتقال الزايدي وتصويره كـ"شيخ قبلي" للتغطية على موقعه العسكري في صفوف الحوثيين، وقيادته لمهام تجنيد وتهديد وشراء ولاءات.
وأوضح أن قيادات إخوانية بارزة في المهرة، أبرزهم الشيخ علي سالم الحريزي، لعبت دورًا في حماية القيادي الحوثي ومنع القبض عليه، مستندين إلى أعراف قبلية مرفوضة لحماية عناصر مصنفة إرهابية.
وأكد ناشطون أن الحوثيين والإخوان يتقاسمون الأدوار في مهاجمة مؤسسات الدولة، من خلال التعبئة الإعلامية والدعوات لاقتحام المهرة وإطلاق سراح الزايدي، رغم ثبوت ارتباطه بجرائم حوثية ضد المدنيين في مأرب والجوف.
ويرى مراقبون أن الأحداث الأخيرة تحمل أبعادًا استراتيجية حساسة، نظرًا لموقع المهرة الجغرافي المحاذي لسلطنة عمان، وانفتاحها على بحر العرب، ما يجعلها هدفا محوريًا للجماعات المسلحة الراغبة في السيطرة على المعابر والتهريب والتموضع العسكري.
وأكد المراقبون أن خطاب اللواء مرصع جاء بمثابة رسالة تطمين للسكان وتحذير حازم لأي محاولة اختبار جاهزية الجيش، في وقت باتت فيه المهرة ساحة مستهدفة من أكثر من جهة تسعى لنقل الصراع إليها.