من ميناء بندر عباس إلى اليمن.. خلية حوثية تكشف مسارات تهريب السلاح الإيراني والتمويه الاحترافي

السياسية - منذ ساعتان و 25 دقيقة
المخا، نيوزيمن، خاص:

فجّرت اعترافات خلية تهريب حوثية – تم ضبطها على متن السفينة "الشروا" وهي محمّلة بكميات ضخمة من الأسلحة – واحدة من أخطر القضايا التي تكشف حجم الدعم الإيراني للجماعة الحوثية وتطور بنيتها العسكرية.

هذه الاعترافات، التي جاءت في تسجيل مصور نشره إعلام المقاومة الوطنية، لم تكن مجرد سرد لعملية ضبط اعتيادية، بل مثّلت نافذة نادرة لفهم العمق الخفي لشبكات التهريب التي تعمل تحت غطاء محكم، وتستفيد من خطوط إمداد بحرية وبرية متشعبة تمتد من إيران مرورًا بعدة دول في المنطقة، وصولًا إلى السواحل اليمنية.

وكشفت المعلومات التي أدلى بها أفراد الخلية عن خريطة جغرافية معقدة لطرق التهريب، وعن تورط قيادات بارزة في الجماعة، ودور مباشر للحرس الثوري الإيراني وحزب الله في إدارة العمليات، إلى جانب أهداف استراتيجية تتجاوز نطاق الحرب التقليدية، من خلال إدخال أسلحة متطورة، وأنظمة دفاع جوي، وطائرات مسيّرة، وصولًا إلى مواد كيميائية شديدة الخطورة مثل "الهيدرازين"، بما ينذر بتحوّل الصراع اليمني إلى ساحة مواجهة ذات أبعاد إقليمية ودولية خطيرة.

قيادات حوثية بارزة في قلب الشبكة

أظهرت اعترافات أفراد الخلية صورة واضحة عن الهيكل القيادي الذي يقف وراء عمليات التهريب، حيث برزت أسماء قيادات ميدانية نافذة في الحديدة، لعبت أدوارًا محورية في التخطيط، والتنفيذ، وضمان وصول الشحنات إلى مخازن الحوثيين دون كشفها. ومن بين أبرز هؤلاء: حسين حامد حمزة محسن العطاس، وهو أحد الشخصيات ذات الصلة المباشرة بإدارة التحركات اللوجستية للشبكة، والمسؤول عن تنسيق عمليات الاستلام في الموانئ اليمنية. وإيضًا محمد درهم قاسم المؤيد (المعروف بـ"إبراهيم المؤيد")، وهو قيادي يتمتع بصلات وثيقة بقيادات الصف الأول في الجماعة، ويتولى مهام التنسيق السياسي والأمني مع الأطراف الإقليمية الداعمة. وإيضا يحيى محمد حسن قاسم العراقي (المعروف بـ"يحيى جنية")، ويعد  همزة الوصل مع خبراء الحرس الثوري الإيراني، ومسؤولًا عن تأمين عمليات النقل البحري وتفادي الدوريات الدولية. إضافة إلى فيصل أحمد الحمزي، مختص في الإشراف الفني على الشحنات، وضمان سلامة تغليفها وتمويهها داخل المعدات التجارية.

وبحسب الاعترافات، فإن هذه القيادات لم تكن مجرد منفذة للأوامر، بل كانت على تواصل مباشر مع الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، حيث جرى تأمين التمويل اللازم، وتوفير التجهيزات المتطورة، إلى جانب الإشراف الفني والتقني على تجهيز الشحنات، بما في ذلك عمليات التمويه الاحترافية ونقل المواد الحساسة مثل الأسلحة الاستراتيجية والمواد الكيميائية. ويكشف ذلك عن مستوى التنسيق العالي الذي يجعل من هذه الشبكة جزءًا من منظومة تهريب عابرة للحدود، ذات أبعاد عسكرية واستخباراتية معقدة.

ثلاثة مسارات بحرية رئيسية لتهريب الأسلحة

تكشف اعترافات خلية التهريب الحوثية عن وجود شبكة معقدة ومتعددة المسارات لعمليات نقل الأسلحة، تضمنتها ثلاثة خطوط بحرية رئيسية، تعكس درجة عالية من التنظيم والتخطيط لتجاوز الرقابة الدولية وفرض السيطرة على إمدادات الجماعة المسلحة.

المسار المباشر من ميناء بندر عباس إلى ميناء الصليف، ويعد هذا المسار الأهم والأكثر وضوحًا، حيث تُشحن الأسلحة مباشرة من ميناء بندر عباس الإيراني إلى ميناء الصليف في غرب اليمن. هذه الخطوة تعكس الصلة المباشرة بين إيران وجماعة الحوثي، وتظهر استخدام ميناء الصليف كنقطة محورية لاستقبال شحنات ضخمة من الأسلحة الثقيلة والمتطورة. على الرغم من الرقابة الدولية، يستمر هذا الخط في العمل بفضل التنسيق المباشر بين الحرس الثوري الإيراني والقيادات الحوثية، ما يجعل من الصعب على القوات البحرية الدولية اعتراض هذه الشحنات.

فيما المسار الثاني هو الصومالي، ويمثل هذا المسار تكتيكًا أكثر تعقيدًا في التهريب، حيث تُنقل الأسلحة من إيران أو مناطق أخرى عبر قوارب صغيرة إلى السواحل الصومالية، التي تتميز بوجود مناطق ذات سيطرة ضعيفة وتسهيلات غير رسمية. ومن هناك، تُنقل الشحنات بحذر شديد إلى ميناء الصليف تحت إشراف مباشر من خبراء الحرس الثوري الإيراني، الذين يضمنون وصولها بأمان إلى الأراضي اليمنية. هذا المسار يعكس القدرة على استخدام الشبكات الإقليمية للتهريب والاستفادة من ضعف الأمن في بعض المناطق الساحلية لتحقيق أهداف الجماعة.

والمسار الثالث هو التجاري المموّه عبر جيبوتي، ويتسم هذا المسار بالتمويه والاحترافية العالية، حيث تُرسل الشحنات إلى جيبوتي تحت غطاء شحنات تجارية عادية، مثل البضائع والسلع الاستهلاكية، ما يجعل من الصعب كشفها عند التفتيش. بعد وصولها إلى جيبوتي، يتم نقل هذه الشحنات بواسطة عناصر محلية على متن قوارب صغيرة أو عبر طرق غير رسمية إلى ميناء الصليف. ويشير هذا المسار إلى وجود تعاون محلي داخل جيبوتي، وربما نفوذ لجماعات إقليمية تسهل حركة هذه الشحنات مقابل مكاسب مالية، ما يوسع أبعاد الشبكة ويجعل من تتبعها ومراقبتها مهمة معقدة للغاية.

تمويه الشحنات بأسلوب احترافي ومتقن

تُظهر الشحنة المضبوطة، والتي تُعدّ الشحنة رقم 12 ضمن سلسلة عمليات التهريب التي نفذتها هذه الشبكة، مدى الاحترافية العالية والتخطيط الدقيق الذي تعتمد عليه خلية التهريب الحوثية في إخفاء الأسلحة الاستراتيجية. فقد جرى إخفاء محتويات الشحنة ضمن حاويات ومعدات صناعية ذات استخدامات مدنية، مثل مولدات كهربائية ضخمة، مضخات هواء، وأعمدة هيدروليكية، ما يجعل من الصعب على فرق التفتيش الكشف عنها بسهولة أو الاشتباه في طبيعة البضائع.

داخل هذه المعدات، تم تفكيك الأسلحة بشكل متقن إلى أجزاء صغيرة، ومن ثم تجميعها داخل هذه القطع الصناعية، الأمر الذي يعكس فهمًا متقدمًا لطرق التمويه والتهريب، بالإضافة إلى سعي واضح لتجنب الرصد والمراقبة الدولية.

تضمنت هذه الشحنة أسلحة استراتيجية ذات حساسية عالية، منها صواريخ متطورة يمكن استخدامها لضرب أهداف بعيدة بدقة، وطائرات مسيّرة قتالية مزودة بتقنيات متقدمة، إلى جانب أنظمة دفاع جوي متقدمة ورادارات قادرة على كشف ومتابعة الأهداف بدقة عالية.

هذه التقنية في التمويه لا تعكس فقط خبرة فائقة في عمليات التهريب، بل تكشف عن حجم الدعم الفني والتقني الذي توفره إيران لجماعة الحوثي، والذي يمكنهم من تجهيز وإرسال أسلحة متطورة تخدم أجندتهم في تصعيد الصراع، مهددة بذلك الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة بأسرها.

خطر كيميائي متزايد يهدد الأمن الإقليمي

تُعدّ الاعترافات التي كشفت عن تهريب مواد كيميائية خطيرة من بين أكثر الجوانب إثارة للقلق في ملف تهريب الأسلحة الحوثي المدعوم من إيران. فقد تم ضبط مواد كيميائية عالية السمية، من بينها "الهيدرازين" و"النيتروجين السائل"، والتي تم حفظها بعناية فائقة داخل حافظات تبريد متطورة تعمل على الحفاظ على درجات حرارة منخفضة ومستقرة، وذلك تحت إشراف مباشر من خبراء مختصين إيرانيين، ما يدل على الاهتمام الشديد بالدقة العلمية والفنية في نقل هذه المواد الخطرة.

ويُستخدم الهيدرازين بشكل رئيسي كمادة وقود في الصواريخ والطائرات المسيرة، وهو عنصر حيوي يسمح بزيادة مدى ودقة الأسلحة، مما يجعل من توافره في أيدي جماعة الحوثي تهديدًا استراتيجيًا جديدًا يتجاوز الأسلحة التقليدية إلى تقنيات متقدمة ترفع من قدرة الصراع على التدمير والتمدد.

أما النيتروجين السائل، فهو مادة تحتاج إلى حفظ دقيق وبيئة مناسبة، ويستخدم في عدة تطبيقات عسكرية متقدمة، منها التبريد الفائق لبعض الأجهزة الحساسة أو في صناعة متفجرات وتقنيات متطورة قد تتصل بأسلحة كيميائية.

وجود هذه المواد ضمن شحنات التهريب لا يقتصر على جانب التسلح المتطور فحسب، بل يفتح أيضاً الباب أمام سيناريوهات أخطر، منها احتمال تصنيع أو استخدام أسلحة كيميائية تؤدي إلى كارثة إنسانية وبيئية في اليمن والمنطقة بأسرها.

هذا التطور الخطير في نوعية المواد المهربة يؤكد بوضوح أن الصراع في اليمن لم يعد مقتصرًا على المواجهات التقليدية، بل يشهد تصعيدًا في الأبعاد الاستراتيجية والتقنية، مما يتطلب رداً دوليًا عاجلاً وحازماً لمنع تفاقم المخاطر التي تهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي.

شبكات تجنيد وتدريب إقليمية ذات أبعاد معقدة

كشفت اعترافات أفراد خلية التهريب عن وجود شبكة إقليمية متكاملة للتجنيد والتدريب تُدار بتنسيق دقيق بين ميليشيا الحوثي وحلفائها في المنطقة. تبدأ عمليات التجنيد عبر رحلات منظمة من مطار صنعاء الدولي ومنفذ الأردن البري، حيث يتم اختيار العناصر وتجنيدهم ضمن خطة ممنهجة تستهدف تأهيلهم عسكرياً وت ideولوجياً.

وفقاً لما ورد في الاعترافات، يتولى حزب الله اللبناني دور الوسيط الأساسي في نقل هؤلاء المجندين من اليمن إلى سوريا، حيث يخضعون لتدريبات عسكرية مكثفة في معسكرات الحزب، مستفيدين من خبراته الطويلة في الحروب غير النظامية والتكتيكات الحربية الحديثة. بعد المرحلة السورية، يتم نقل العناصر عبر رحلات جوية إلى طهران، حيث يخضعون لتدريب إضافي متخصص تحت إشراف مباشر من قيادات إيرانية، وعلى رأسهم المدعو محمد جعفر الطالبي، المسؤول عن معسكر تدريب خاص بالجماعة الحوثية داخل إيران.

ويشير هذا الترتيب إلى أن الحوثيين لا يقتصرون على التدريبات المحلية بل يسعون إلى إكساب عناصرهم خبرات إقليمية متقدمة تسهل توظيفها في ساحات القتال في اليمن، مما يعكس توجههم لاستدامة الصراع عبر تطوير قدراتهم القتالية بشكل مستمر.

كما أشارت الاعترافات إلى دور محتمل لسلطنة عمان في تسهيل بعض المسارات اللوجستية المتعلقة بحركة المجندين والشحنات، وهو ما يفتح باب التساؤلات حول مدى تورط بعض الجهات الإقليمية في دعم هذه الشبكة، سواء عبر تقديم تسهيلات نقل أو عبر حماية خطوط التهريب والتجنيد من الرقابة الدولية.

هذا التداخل الإقليمي يعكس تعقيد الأزمة اليمنية التي باتت جزءًا من صراع إقليمي متعدد الأبعاد، ما يستوجب تحركاً دولياً وإقليمياً متكاملاً لكسر حلقات الدعم والتدريب، والحد من تصعيد العنف وتفكيك شبكات الإرهاب والتهريب العابرة للحدود.

التحايل على الرقابة البحرية ومراوغة الدوريات الدولية

أظهرت اعترافات خلية التهريب الحوثية أساليب متقدمة وممنهجة في تفادي الرقابة البحرية الدولية، حيث تعتمد الشبكة على تجنب المرور عبر المناطق البحرية التي تشهد مراقبة مشددة، وخاصة مضيق باب المندب، الذي يُعد أحد أهم الممرات البحرية الاستراتيجية والمراقبة دولياً بشكل مكثف.


وبدلاً من استخدام هذا الممر البحري الحيوي، تفضل شبكات التهريب الحوثية مسارات بديلة تتجه غرباً عبر المياه الإريترية، حيث تفرض هذه المسارات تحديات لوجستية على القوات البحرية الدولية نظراً لطبيعة الساحل الواسعة والتضاريس البحرية التي تسهل عمليات التمويه والاختفاء.

وتعتمد الشبكة على استخدام قوارب صغيرة وسريعة، مزودة بتقنيات اتصالات متطورة تمكنها من التغير السريع في مساراتها بناءً على تحركات الدوريات البحرية، كما تُوظف عناصر محلية مطلعة على التضاريس البحرية لتوجيه الشحنات عبر مسالك أقل مراقبة. هذا التحايل البحري يقلل من فرص اكتشاف الشحنات ويزيد من تعقيد مهمة الجهات الرقابية التي تحاول مراقبة هذه الطرق البحرية الحيوية.

هذا التكتيك لا يعكس فقط رغبة في تفادي الرقابة، بل يشير إلى وجود خبرات عميقة ومعرفة دقيقة بنقاط الضعف في أنظمة المراقبة البحرية الدولية، ما يجعل الشبكة قادرة على استغلال الثغرات لصالحها وتحقيق تهريب ناجح للأسلحة والمواد الحساسة عبر بحر يتسم بالخطورة والحساسية الأمنية العالية.

كما أن توسع هذه المسارات البحرية إلى مناطق أقل مراقبة يعكس استراتيجية متطورة تُبنى على دراسات استخباراتية دقيقة، تُظهر مدى الدعم الخارجي الذي تحظى به هذه الشبكة، مما يستوجب تعزيز التعاون الدولي والإقليمي في مراقبة الساحل الغربي لليمن ومجابهة هذه الشبكات التي تهدد الأمن البحري الإقليمي والدولي.

تحليل سياسي وأمني شامل

تعكس اعترافات خلية التهريب الحوثية، التي كشفت عن تفاصيل شبكة معقدة ومترابطة، وجود بنية دولية منظمة ومتطورة تعمل على تمويل وإمداد ميليشيا الحوثي بأسلحة ومعدات استراتيجية منذ عام 2013. خلال هذه الفترة، تم تهريب ما لا يقل عن 19 شحنة سلاح ضخمة، بمتوسط يصل إلى 35 طنًا لكل شحنة، وهو مؤشر واضح على وجود هيكلية لوجستية وتمويلية راسخة ومتعددة الأطراف، تدير هذه العمليات بشكل احترافي ومتقن. هذه الشبكة لا تقتصر على نقل الأسلحة فحسب، بل تشكل منظومة دعم متكاملة تشمل التخطيط والتدريب والتوزيع، ما يعكس مدى تعقيد وتطور عمليات الحوثيين المدعومة من إيران.

وعلى الصعيد الاستراتيجي، يشكل إدخال مواد كيميائية خطيرة مثل الهيدرازين والنيتروجين السائل نقلة نوعية في طبيعة الصراع اليمني. فهذه المواد، التي يمكن استخدامها في تصنيع وقود الصواريخ أو أسلحة كيميائية، ترفع من مستوى التهديدات الأمنية من مجرد حرب تقليدية إلى تهديد محتمل للأمن الإقليمي والدولي، ما يستوجب تحركًا عاجلاً وحازمًا من المجتمع الدولي لتفادي تفاقم الأزمة وتوسيع رقعة النزاع إلى ما هو أبعد من الحدود اليمنية.

وتتضح الأبعاد الإقليمية للشبكة من خلال امتداد خطوط التهريب عبر عدة دول، تشمل إيران التي تشكل مركز تمويل وتوجيه الشبكة، مرورًا بالصومال وجيبوتي اللتين تستخدمان كطرق بحرية بديلة، ووصولًا إلى سلطنة عمان التي ورد ذكرها في الاعترافات كدولة تسهل بعض المسارات اللوجستية. كما يبرز دور حزب الله اللبناني وسوريا كعناصر محورية في شبكة تجنيد وتدريب العناصر، مما يعكس أن هذه الشبكة لا تقتصر على إطار محلي بل تتعداه إلى أبعاد إقليمية تثير قلقًا أمنيًا واسعًا.

وفي ظل وجود قوات دولية في البحر الأحمر وخليج عدن تهدف إلى مراقبة وتأمين الممرات البحرية الدولية، يطرح استمرار هذه العمليات السؤال عن مدى فعالية منظومات الرقابة الدولية الحالية. فالثغرات الأمنية والاستراتيجية التي استغلتها هذه الشبكة تؤكد على وجود قصور ملحوظ في التنسيق والرقابة، الأمر الذي يتطلب تعزيز التعاون الدولي والإقليمي، واعتماد آليات رقابية أكثر دقة وتكنولوجيا متطورة لكبح جماح عمليات التهريب التي تهدد الأمن البحري والسلامة الإقليمية والدولية.

واقع مقلق 

مراقبون أكدوا أن اعترافات خلية "الشروا" الحوثية تكشف عن بنية تهريب متطورة ومعقدة تتجاوز مجرد عمليات نقل أسلحة عادية، لتُبرز منظومة متكاملة تمزج بين الدعم اللوجستي الإقليمي الواسع، والتقنيات العسكرية المتقدمة، وأساليب التمويه والاحتيال الاحترافية. وأن هذه الشبكة ليست مجرد أداة لتمكين ميليشيا محلية، بل تمثل جزءًا من استراتيجية إقليمية تسعى إلى تحويل اليمن إلى نقطة انطلاق لنشر الفوضى وزعزعة استقرار المنطقة بأدوات متعددة الأوجه، تشمل الأسلحة التقليدية والمواد الكيميائية وحتى الدعم اللوجستي والتجنيد الممنهج.

وفي ضوء هذا الواقع المقلق، يصبح من الضروري أن يتحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل ومنسق لتفكيك هذه الشبكات بشكل شامل، ليس فقط عبر إجراءات عسكرية وأمنية، وإنما أيضاً عبر تعزيز الرقابة البحرية والجوية، وتفعيل آليات التعاون الاستخباراتي بين الدول المعنية، وقطع خطوط التمويل والتوريد. كما يجب أن يترافق ذلك مع دعم جهود السلام والاستقرار في اليمن، لضمان عدم استغلال الأوضاع الضعيفة لتوسيع نفوذ الجماعات المسلحة وتهديد الأمن الإقليمي.

إن فشل التحرك السريع والمنسق قد يؤدي إلى تحول اليمن إلى منصة انطلاق لتهديدات متعددة الأبعاد تتجاوز حدودها الجغرافية، وتعيد رسم خريطة الصراعات في المنطقة بشكل أكثر تعقيدًا وخطورة. لذلك، تحمل اعترافات هذه الخلية رسالة تحذيرية واضحة تدعو إلى اليقظة والجدية في مواجهة التحديات الأمنية التي تتشكل اليوم، والتي قد تؤثر على أمن الملاحة الدولية، واستقرار دول الخليج، والأمن العالمي بشكل عام.