ملايين الريالات ضائعة ومنهوبة.. مأساة منكوبين داخل دكاكين الصرافة بمناطق الحوثي
إقتصاد - منذ 3 ساعات و 7 دقائق
"فقدت مدخرات حياتي بالكامل. لا نعرف إلى من نلجأ، وكل يوم يمر تزيد خسارتنا، فمجرد التفكير في أن أموالنا تُباع دون رقابة يجعل القلب يقف." هكذا عبر أحد المودعين لدى مؤسسة أبو العز للصرافة في مفرق مديرية ماوية الواقع تحت سيطرة ميليشيا الحوثي الإيرانية.
في حين قالت مواطنة أخرى، لديها حساب استثماري صغير لدى مؤسسة الصرافة ذاتها : "الأزمة لم تقتصر على الأموال فقط، بل حرمنا من حقوقنا في الأعمال اليومية. الأطفال يعانون، والمجتمع كله يعيش قلقًا مستمرًا."
وبين خيوط الفساد وانعدام الرقابة، يختبئ مصير عشرات الملايين من الريالات من العملة المحلية والعملة الأجنبية خلف دهاليز دكاكين الصرافة في مناطق الحوثيين، حيث تحولت الأموال المكتسبة بعرق جبين المودعين إلى حكايات فقد وخسارة بلا إنصاف.
مؤسسة أبو العز للصرافة التي تضم عدة شركات صرافة صغيرة أغلقت أبوابها بشكل مفاجئ، وجعلت المودعين في حيرة وشتات لا يعرفون أين أموالهم وإلى أين يتوجهون للمطالبة بها. ما جرى للمؤسسة أبو العز ليست مجرد قضية مالية، بل تجسد عمق معاناة الناس في مناطق النزاع، حيث السلطة غير الخاضعة للرقابة تتغاضى عن حقوق المواطنين، ويتلاعب الوسطاء والتوكيلات المشبوهة بمصائرهم.
وكشف الصحفي سامي نعمان، في منشور له على صفحته في فيسبوك، عن حجم الخسائر التي تكبدها المودعون جراء إغلاق مؤسسة أبو العز بفروعها الثلاثة في السويداء، الشيشة، ومفرق ماوية، مشيرًا إلى فقدان عشرات الملايين من الريالات السعودية التي لم يجد أصحابها ملاذًا لاستردادها.
>> مع تضييق الخناق من "مركزي عدن".. شركات صرافة على وشك الإفلاس والهروب
وقال نعمان: "المناطق التي كانت نشطة فيها مؤسسة أبو العز تحت سيطرة ميليشيا الحوثي التي لا تكترث لحقوق الناس ولا لأموالهم، فيما يواصل الأشخاص المرتبطون بالصراف تحركات حثيثة لبيع ما تبقى من أصوله وعقاراته عبر توكيلات مشبوهة، بينما المنكوبون عاجزون عن استرداد حقوقهم."
وتابع المنشور أن "أبو العز"، الذي اختفى عن الأنظار، يبرم توكيلات لصالح سماسرة ووسطاء يقومون ببيع ممتلكاته المتبقية، فيما لا يوجد أي تحرك فعلي من الجهات المعنية لاسترجاع أموال المودعين والشركاء المتضررين. ووصف نعمان هذه التصرفات بأنها "بيع الرواح" و"بيعة لصوص"، معبّرًا عن حجم الظلم الذي يواجهه الناس في هذه الأزمة.
الأزمة المالية لم تقتصر على فقدان الأموال فحسب، بل ارتبطت بتفاقم معاناة الأسر التي اعتمدت على هذه الأموال لتأمين احتياجاتها الأساسية. المنكوبون يجدون أنفسهم أمام مأزق مزدوج: فقدان مدخراتهم وغياب أي حماية قانونية أو رقابية، وسط بيئة تمكّن سماسرة متسترين من التلاعب بما تبقى من أصول الصراف.
وبحسب مصادر محلية في مديرية ماوية، فإن كل التحركات التي يقوم بها سماسرة أبو العز لتسييل الأصول تتم بسرعة كبيرة ومن مكان مجهول، ما يجعل استرداد الأموال شبه مستحيل في الوقت الحالي، ويترك المودعين أمام مأزق مزدوج: فقدان الأموال وغياب أي حماية قانونية.
شدد الصحفي سامي نعمان على أهمية أن يتابع المنكوبون القضية بصرامة، والضغط على الوجهاء والجهات المعنية لمنع تبييض الأصول وبيع العقارات والأموال المتبقية، والعمل على استعادة ما أمكن من حقوقهم. وأكد أن صمت السلطات أو تغاضيها عن هذه الانتهاكات يضاعف من معاناة المواطنين ويشجع على المزيد من السلوكيات المالية غير القانونية.
ويرى خبراء مصرفيون أن أزمة مؤسسة أبو العز للصرافة تسلط الضوء على هشاشة النظام المالي في مناطق النزاع، ومدى تأثير السيطرة غير المشروعة للميليشيات على حقوق الناس وممتلكاتهم. وتبرز الحاجة الماسة لتدخل عاجل من المجتمع المدني والجهات الرقابية لاسترداد الأموال، ووقف عمليات التلاعب بأصول الصرافة قبل أن تتحول الخسائر المالية إلى مأساة إنسانية أكبر.
وتظهر هذه الأزمة كيف يمكن لسيطرة ميليشيا الحوثي على مناطق معينة أن تتحول إلى أداة ضغط غير مباشرة على المواطنين والمستثمرين، إذ لا توجد آليات حقيقية لردع عمليات البيع المشبوهة أو استعادة الأموال. هذا يعكس هشاشة القوانين المالية تحت سيطرة جماعات مسلحة، ويجعل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية تتفاقم يومًا بعد يوم.