بعد كل قراءة في مدونات التاريخ اليمني الخاصة بالدول والممالك إلى ما قبل الزمن الجمهوري، أخرج بانطباع واحد غير مريح:
أن "تاريخنا السياسي" لم يكن تاريخ عروش، وصروح وعمران ومدن، وقوانين، وتقاليد حكم، وثقافة وفنون، بقدر ما كان تاريخ حرب أهلية مستمرة بلا انقطاع،
أو بالأحرى سلاسل عنقودية من الحروب الأهلية.
فالكتب التي وثقت سِيَر السلاطين والولاة،
تُفرد المساحة الأكبر لأخبار الحملات والغزوات والغارات التي قاموا بها في الداخل لبسط النفوذ، وقمع التمردات والانشقاقات.
وفي السياق فقط تظهر إشارات عابرة إلى أعمال وأنشطة أخرى غير الحرب والنزاع.
وتاريخ الأئمة الزيديين بدوره لا يخرج عن هذا النسق؛
إذ يتحوّل سجل كل إمام إلى أرشيف معارك داخلية متتابعة، مع تبدل أسماء الخصوم داخل البنية الحربية ذاتها.
وأشعر أحياناً أن أكبر الدول والممالك شهرة في تاريخنا لم تكن سوى عناوين للفترات التي استطاعت خلالها سلالة واحدة أن ترجّح كفّتها، لبعض الوقت، في ميزان حرب أهلية متعددة الأطراف.. لا أكثر.
هل هذه خصوصية يمنية أم أن لها نظائر وأشباه؟
بالتأكيد لها نظائر وأشباه في ماضي كثير من المجتمعات والأمم؛
والفرق أن تلك الأمم عرفت، في لحظة ما، الطريق للخروج من الحالة الوحشية إلى ليونة الحضارة.
أما اليمني فكان قد وضع قدمه على الطريق الصحيح،
لكنه لم يثبت فيه طويلاً، ربما لم تتوفر له الشروط ولا الزمن الكافي، فانحرف وانزلق من جديد إلى الدوامة القديمة نفسها
من صفحة الكاتب على الفيسبوك
>
