تهديدات المشاط لإسرائيل تتحول إلى سكاكين و"أيام سوداء" على اليمنيين

السياسية - منذ 3 ساعات و 57 دقيقة
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

تحولت تهديدات مهدي المشاط، رئيس ما يسمى "المجلس السياسي الأعلى" التابع للحوثيين، إلى كابوس جديد على اليمنيين في مناطق سيطرة الميليشيا، بعدما توعد إسرائيل بـ"أيام سوداء" عقب الغارات الجوية الأخيرة التي استهدفت أبرز قيادات حكومته غير المعترف بها في صنعاء، لكنها انتهت عمليًا إلى أيام سوداء يعيشها المدنيون تحت قبضتها الأمنية.

فبينما روج المشاط في خطابه الأخير إلى أن "النصر على تل أبيب قريب" وأن جماعته سترد على الغارات بعمليات انتقامية، كان الواقع مختلفًا تمامًا؛ إذ اتجهت الجماعة إلى الداخل، لتشحذ سكاكينها ضد الشعب اليمني، عبر إطلاق سلسلة من الحملات القمعية والجبايات والاعتقالات، في محاولة لتعويض خسائرها الفادحة وإحكام سيطرتها على المجتمع المنهك.

مصادر محلية في صنعاء أكدت أن الميليشيات شرعت فور انتهاء خطاب المشاط في عقد اجتماعات مغلقة لقياداتها الميدانية، جرى خلالها التوجيه بتوسيع حملات التحشيد وفتح معسكرات جديدة لتدريب المدنيين والأطفال، تحت مزاعم "التأهب لمواجهة العدوان الإسرائيلي". كما ألزمت موظفين حكوميين بحضور دورات قتالية وعقائدية مكثفة، محذرة من رفض المشاركة تحت طائلة الاتهام بـ"العمالة والتجسس".

وأضافت المصادر إن الحوثيين يحاولون استغلال الضربة الإسرائيلية المدوية – التي أسفرت عن مصرع رئيس حكومة الجماعة أحمد غالب الرهوي و11 من وزرائه – كذريعة لفرض قبضتهم الأمنية بشكل أكبر، مستغلين شعار "تحصين الجبهة الداخلية من الاختراق" لقمع أي أصوات رافضة أو منتقدة.

في أول خطاب له عقب الغارات، ظهر زعيم الميليشيات عبدالملك الحوثي متجنبًا الحديث عن أي رد عسكري على إسرائيل رغم مزاعمه السابقة بامتلاك قدرات صاروخية "ردعية". وبدلاً من ذلك، ركز خطابه على الداخل اليمني، معلنًا تدشين "مرحلة جديدة من المعركة الأمنية" تهدف – بحسب وصفه – إلى "ملاحقة الخونة والعملاء".

هذا التوجه، بحسب محللين، يعكس حجم القلق داخل أروقة الميليشيات من اختراق أمني واستخباراتي أدى إلى سقوط أبرز حكومتها، ويدل على أن الجماعة باتت تخشى الانهيار الداخلي أكثر من أي مواجهة خارجية.

وتحولت التهديدات الحوثية إلى واقع مظلم يعيشه المواطنون، إذ كثفت الميليشيات خلال اليومين الماضيين من حملات المداهمة والاختطاف، وشملت موظفين حكوميين وعاملين في منظمات إنسانية، تحت تهم "التجسس لصالح إسرائيل". كما فرضت الميليشيات جبايات مالية جديدة على التجار والمواطنين تحت مسمى "دعم الجبهة" و"مجهود حربي"، في وقت يواجه فيه ملايين اليمنيين أوضاعًا إنسانية كارثية.

ويؤكد سياسيون ونشطاء حقوقيين أن هذه السياسات تمثل نهجًا متكررًا للجماعة كلما تكبدت خسائر عسكرية أو سياسية، إذ تسعى إلى تعويض ذلك عبر التضييق على المدنيين، وفرض مزيد من القيود الأمنية والإتاوات المالية، وتوسيع عمليات التجنيد الإجباري للأطفال والشباب.

في ظل هذه المعطيات، يرى مراقبون أن خطاب المشاط وعبدالملك الحوثي لم يكن سوى غطاء لمرحلة أشد قمعًا ضد اليمنيين، حيث تحولت وعود الثأر من إسرائيل إلى واقع أكثر قسوة على الشعب الذي يدفع ثمن مغامرات الميليشيات وخسائرها السياسية والعسكرية. وبات واضحًا أن ما ينتظر اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين ليس "نصرًا" كما يروج قادتهم، بل أيامًا أشد سوادًا من ذي قبل، عنوانها القمع والابتزاز ومصادرة ما تبقى من حريات وحقوق.

سخر النائب في برلمان صنعاء عبده بشر من خطاب المشاط الذي وصف فيه الضربة الإسرائيلية، التي أطاحت برئيس حكومة الجماعة وعدد من وزرائها، بأنها مجرد "ضربة حظ". وقال بشر في تغريدة على منصة "إكس": "المشاط يقول ما تم من عدوان راح ضحيته رئيس الوزراء وكل أو معظم الوزراء وآخرون رحمهم الله أنه ضربة حظ! نتمنى ألا نرى استمرار ضربات الحظ".

وأكد بشر أن استمرار الحماقة والاستهتار الذي تمارسه سلطة صنعاء، فضلاً عن عجزها عن رفع معاناة المواطنين، جعل الناس يتمنون زوالها، في إشارة إلى حجم السخط الشعبي المتصاعد داخل مناطق سيطرة الحوثيين، حتى بين الدوائر التي كانت محسوبة على الجماعة.

وقال الناشط اليمني سليم الرصاص إن الضربة الجوية الأخيرة كشفت عن الخيانات الداخلية داخل صفوف جماعة الحوثي، مؤكدًا أن الحملة الأمنية والاعتقالات الهستيرية التي شنتها الجماعة بعد الضربة ليست سوى محاولة لإخفاء الفضائح الداخلية.وأوضح الرصاص أن الحكومة الحوثية نفسها كانت وراء تسليم الإحداثيات التي أدت إلى استهداف قياداتها، وأن ما وقع هو بداية تصفية حسابات داخلية وتصفية للضمائر، حيث وقع الناجون من القصف في قبضة الميليشيا نفسها. 

وأضاف أن اقتحام المقار الأممية وخطف الموظفين وضرب المدنيين الذين خدموا الجماعة لسنوات يأتي ضمن استراتيجية العصابة لإلقاء اللوم على الآخرين، مشيرًا إلى أن كل من يعرف كثيرًا أو يشكل تهديدًا يُصبح هدفًا للانتهاكات. وخلص الرصاص إلى القول إن الجماعة دخلت مرحلة "تأكل نفسها بنفسها"، مؤكداً أن هذه الحوادث تعكس انهيار الثقة داخل الجماعة وحقيقة أن الثورة الحوثية بدأت تلتهم أبنائها قبل أي طرف آخر.