أوجاع بلا نهاية.. المرأة اليمنية تدفع الثمن الأكبر للحرب الحوثية

السياسية - منذ ساعة و 32 دقيقة
عدن، نيوزيمن، خاص:

لسنواتٍ طويلة، ظلت المرأة اليمنية تواجه حرباً لا تقلّ قسوة عما يجري في ساحات القتال. فبين النزوح المتكرر، وفقدان المعيل، وانهيار الخدمات، وتدهور الأمن، أصبحت النساء الأكثر تضرراً من الصراع الذي أشعلته مليشيا الحوثي، والذي حوّل حياتهن إلى سلسلة من الخوف والتهديد والحرمان.

فالعشرات من النساء يواجهن يومياً العنف الجسدي والنفسي والاقتصادي، بينما تجد أخريات أنفسهن خلف القضبان دون تهمة، أو ضحايا لألغام، أو لسوء المعاملة في مراكز الاحتجاز. ويأتي اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة 25 نوفمبر من كل عام ليعيد إلى الواجهة حجم الألم الذي تحمله المرأة اليمنية بصمت، ويكشف عن مآسٍ تجاوزت حدود الاحتمال الإنساني.

وأصدرت مؤسسة تمكين المرأة اليمنية (YWEF) تقريراً جديداً يكشف حجم الانتهاكات التي ارتكبتها مليشيا الحوثي بحق النساء خلال الفترة من 2015 وحتى نوفمبر 2025، حيث سجل التقرير أكثر من 40 ألف انتهاك.

التقرير، وثق أرقاماً صادمة، بينها: 2720 حالة قتل نتيجة القصف بالصواريخ والمسيّرات والأسلحة الثقيلة، و375 إصابة بسبب القنص المباشر الذي استهدف النساء في الطرقات والمزارع والقرى. وكذا 605 إصابات بالألغام والعبوات الناسفة، وهي أرقام تعكس اتساع رقعة الخطر في المناطق المأهولة.

وأشار التقرير إلى أن عدد حالات القتل داخل الأسر بفعل التحريض والتعبئة الفكرية الحوثية بلغت 169 حالة، فيما حين أن عدد حالات الاختطاف لنساء وفتيات بينها إخفاء قسر وتعذيب في أماكن سرية بلغت 1901 حالة. وأشار التقرير إلى أن 

2940 حالة اختطاف إضافية تعرض لها نساء بينها أحكام بالإعدام والسجن صدرت من محاكم حوثية غير شرعية، و42 حالة اغتصاب موثقة داخل أماكن الاحتجاز أو أثناء عمليات المداهمة والنزوح.

وأكد التقرير أن النساء يشكّلن نصف إجمالي أربعة ملايين نازح، وأن حوالي 9.6 مليون امرأة وفتاة يعانين من الجوع وانعدام الخدمات نتيجة سياسات التجويع التي تمارسها المليشيا في مناطق سيطرتها. ووثّق أيضاً 16,451 حالة فصل تعسفي لنساء من وظائف حكومية، إضافة إلى 14,800 حالة إحلال وظيفي استُبعدت فيها موظفات واستُبدلن بعناصر موالية للحوثيين.

النساء يتحملن العبء الأكبر

من جانبه، قال المركز الأمريكي للعدالة (ACJ) إن النساء في اليمن تعرضن خلال السنوات العشر الماضية لانتهاكات جسيمة ارتكبت غالبها مليشيا الحوثي، مؤكداً أن المرأة كانت “الحلقة الأضعف” التي دفعت الثمن الأكبر للصراع.

وأوضح المركز في بيانه الصادر في 25 نوفمبر، أن الانتهاكات شملت: القتل، والاعتقال التعسفي، والتعذيب، والعنف الجنسي، والقمع وانتهاك الكرامة، والحرمان من التعليم والخدمات الصحية، والتشريد القسري، والإخفاء القسري، وغيرها من الجرائم والانتهاكات التي مارستها ولا تزال تمارسها الميليشيات الحوثية بحق اليمنيات في عدة محافظات يمنية.

وأشار إلى أن تقارير حقوقية سابقة أثبتت أن الحوثيين يتحملون 72% من إجمالي الانتهاكات المرتكبة ضد النساء. كما أورد البيان بيانات أممية تفيد بأن عدد النازحين داخلياً بلغ 4.8 مليون شخص، تشكل النساء والفتيات 80% منهم، ما يجعلهن الأكثر عرضة للعنف والاستغلال وغياب خدمات الحماية.

وبيّن التقرير أن 27% من الأسر النازحة تُعيلها نساء بعد فقدان المعيل أو تشتت الأسر أثناء الحرب، وهو ما ضاعف من حجم المسؤوليات والأعباء الاجتماعية والاقتصادية. ودعا المركز الأمريكي المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لحماية النساء، ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات، وتوفير برامج دعم نفسي وطبي وقانوني، وضمان مشاركة المرأة في مفاوضات السلام وإعادة الإعمار.

أسوأ مراحل العنف

بدوره وصفت رئيسة دائرة المرأة في المكتب السياسي للمقاومة الوطنية، إيمان النشيري، ما تتعرض له المرأة اليمنية من انتهاكات متواصلة على يد الميليشيات الحوثية بأنها “أسوأ مراحل العنف” منذ أكثر من عشر سنوات.

وأوضحت النشيري لوكالة 2 ديسمبر أن النساء في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضن للإرهاب جسدي ونفسي وعقلي، واختطاف وتعذيب وإخفاء قسري، وإخضاعهن لدورات طائفية وإجبارية تروج للتطرف، ناهيك عن عنف اقتصادي وجبايات ترهق الأسر، واستهداف الصحفيات والناشطات وموظفات المجتمع المدني، وحرمان الأطفال من التعليم، ما يفاقم معاناة الأمهات.

وأكدت أن المليشيا فرضت واقعاً جديداً داخل المجتمع اليمني، حيث تقلصت مشاركة المرأة في مواقع صنع القرار، وتراجعت فرصها في التوظيف والتعليم، بينما أصبحت أكثر عرضة للملاحقات الأمنية والتهديد. وأشارت إلى أن النساء يعشن حالة قلق دائم بسبب النزوح المتكرر، وتقييد الحركة، والخوف من الاعتقال أو المضايقة، إضافة إلى صعوبة الوصول للخدمات الطبية والتعليمية.

وطالبت النشيري المنظمات الدولية بالوقوف إلى جانب المرأة اليمنية، ودعم جهود حمايتها وتمكينها، مؤكدة أن “المرأة اليمنية هي الركيزة الأساسية للمجتمع، ولا يمكن تركها تحت رحمة الانتهاكات دون حماية أو دعم”.

وتكشف هذه التقارير والشهادات عن صورة قاتمة لما تعانيه المرأة اليمنية تحت سطوة مليشيا الحوثي، وتؤكد أن العنف ضد النساء لم يعد مجرد انتهاك فردي، بل أصبح ظاهرة ممنهجة تستدعي موقفاً دولياً حازماً.

وفي اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، يتجدد النداء لحماية النساء اليمنيات، ومحاسبة الجناة، وتخفيف معاناة من دفعن ثمناً باهظاً لصراع لم يخترنه.