افتتاح مطعم جديد في دبي والطهي "شيف ذكاء اصطناعي"

العالم - منذ ساعة و 3 دقائق
دبي، نيوزيمن:

في مدينة تتسابق مع الزمن لتحمل لقب "مدينة المستقبل"، خطف مطعم "ووهو" الأضواء بعد افتتاحه قرب برج خليفة الأسبوع الماضي، ليقدّم مفهوماً غير مسبوق في عالم الطهي: أول شيف يعمل بالذكاء الاصطناعي بالكامل، وفق ما يقدّمه مؤسسوه، في خطوة تعكس توجّه دبي لدمج التقنيات الذكية في أدق تفاصيل الحياة اليومية.

منذ اللحظات الأولى لدخول المطعم، يجد الزائر نفسه داخل مشهد يبدو مقتبساً من فيلم خيال علمي؛ هولوغرام ضخم لشاب أشقر يُدعى "أيمن" يرحّب بالزوار، قبل الانتقال إلى ممر مظلم تُضيئه خطوط نيون لامعة، وصولاً إلى قاعة يتوسطها هيكل معدني أسطواني يطلق عوالم افتراضية تتراقص على الجدران أثناء تناول الطعام.

ورغم حداثة التجربة، شهد المطعم ازدحاماً كبيراً منذ اليوم الأول، فيما تجاوز حساب "الشيف أيمن" على إنستغرام 12 ألف متابع خلال أيام قليلة، وهو ما يعكس الفضول المتزايد حول هذه التجربة الطهوية الاستثنائية.

"أيمن" – الشيف الافتراضي – جرى تدريبه على ملايين الوصفات وعلوم الأغذية الجزيئية وكتب الطهي من عشرات الحضارات، ووفق الإدارة، فإنه لا يعيد إنتاج الأطباق التقليدية بل يبتكر وصفات من الصفر. ويتولى الطاهي التركي الوحيد في المطبخ، سرحات كارانفيل، تنفيذ الوصفات التي يرسلها النموذج الذكي بدقة كبيرة.

أشهر ابتكار حتى الآن هو طبق "ترتار لحم الديناصور النيء"، الذي اعتمد فيه "أيمن" على خريطة جينية افتراضية لديناصور عاشب، ليقترح خليطاً من اللحوم والأعشاب يحاكي "الطعم المحتمل" لذلك الكائن المنقرض. الطبق يُقدَّم في طبق مطاطي يتحرك وكأنه يتنفس، ما يمنح رواد المطعم تجربة حسية غير مألوفة.

ويقول الزائر التركي إيفي أورغونلو بعد تذوقه الطبق: "لم أتخيل يوماً أنني قد آكل ديناصوراً.. الطعم غريب، لكنه لذيذ بشكل مفاجئ." لكن هذا التعاون بين الإنسان والآلة لا يخلو من التوتر، إذ يؤكد سرحات: "نختلف أحياناً… في إحدى المرات اقترح كمية فلفل تحرق الفم. جربت الطبق وناقشته، حتى عدّل النسبة إلى توازن مقبول."

بينما يصف مؤسسو "ووهو" حلمهم بأن يصبح "أيمن" نسخة افتراضية من غوردون رامسي "صارم لكنه عبقري"، لا يشارك جميع الطهاة هذا الحماس. فالطاهي السوري محمد أورفلي، صاحب مطعم "أورفلي بروس" الحاصل على نجمة ميشلان، يرفض الفكرة بقوة، قائلاً: "لا يوجد شيء اسمه شيف ذكاء اصطناعي. الطبخ نَفَس وذكريات وروح. الذكاء الاصطناعي لا يمتلك ذاكرة طفولة ولا رائحة بيت الجدة في دمشق."

ويضيف أنه يستخدم الذكاء الاصطناعي في مهام تنظيمية ومساندة، "لكنّه لن يضع يده على المقلاة أبداً." 

وليس "ووهو" التجربة الوحيدة في هذا المجال؛ فقد أطلق مطعم آخر في دبي خلال 2025 نظاماً روبوتياً يُدعى "الفليبر" لطهي البرغر والدجاج باستخدام الرؤية الحاسوبية لضبط الوقت والحرارة، بما يقلل الأخطاء ويرفع كفاءة الخدمة.

وفي إسبانيا، يعتمد مطعم "أزورميندي" الحاصل على ثلاث نجوم ميشلان على منصات الذكاء الاصطناعي لتصميم قوائم طعام مبتكرة، فيما استخدم الشيف غرانت أتشارز في مطعمه "نيكست" بشيكاغو الذكاء الاصطناعي لتوليد قائمة من تسعة أطباق عام 2026.

وتشير دراسات 2025 إلى أن دمج الذكاء الاصطناعي في تطوير قوائم الطعام يمكن أن يرفع الكفاءة بنسبة 45%، ما يعزز دوره كشريك في الابتكار أكثر منه بديلاً للطاهي.

وتقول المقيمة ديو التي حضرت المطعم مع أصدقائها: "سمعت عنه على تيك توك… الأطباق صادمة بطريقة ممتعة."

ويؤكد الشريك المؤسس أحمد شاكر أن المطعم صُمّم ليجعل الزائر يشعر وكأنه في "عام 2071، عام مئوية الإمارات"، مضيفاً: "في دبي نعيش المستقبل قبل أن يصل إلى العالم."

وفي مدينة شهدت إصدار أكثر من ١٢٠٠ رخصة مطاعم جديدة خلال عام 2024، يبدو أن الجمهور مستعد لدفع مبالغ طائلة مقابل مفاهيم طهوية غير تقليدية تعتمد على "الصدمة المنظمة".

ومع استمرار الجدل العالمي حول حدود الذكاء الاصطناعي في المجالات الإبداعية، يواصل "ووهو" رهانه على أن المستقبل لن يكون فقط في ناطحات السحاب والسيارات الطائرة، بل أيضاً في الطبق الذي أمامك… حتى لو كان مستوحى من ديناصور افتراضي أو روبوت ذكي.