اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال» يفتح باب التساؤلات حول تداعياته الإقليمية

السياسية - منذ 6 ساعات و 41 دقيقة
تعز، نيوزيمن:

في تطور سياسي لافت، أعلنت إسرائيل اعترافها بـ«جمهورية أرض الصومال» دولةً مستقلة وذات سيادة، في خطوة أثارت تساؤلات واسعة بشأن خلفياتها وتداعياتها الإقليمية، ولا سيما في ظل التصعيد القائم في البحر الأحمر، واستمرار المواجهة غير المباشرة بين إسرائيل ومليشيا الحوثي، وما يرافق ذلك من توتر متزايد في واحد من أكثر الممرات البحرية حساسية في العالم.

وأصبحت إسرائيل أول دولة تعترف بالإقليم الذي أعلن انفصاله من جانب واحد عن الصومال عام 1991، معلنة إقامة علاقات دبلوماسية كاملة واتفاقات تعاون في مجالات الزراعة والتكنولوجيا، في خطوة قالت إنها تأتي «بروح اتفاقيات أبراهام».

ويرى المحلل السياسي الصومالي "عبد الولي جامع بري" في حديثه لصحيفة "الشرق الأوسط" أن الاعتراف الإسرائيلي يحمل دلالات مهمة، كونه يمنح إسرائيل «طوقاً دبلوماسياً في موقع جغرافي يمكن أن يكون بديلاً أو مكملاً لعملياتها في البحر الأحمر، لا سيما إذا صعّد الحوثيون هجماتهم على السفن أو طرق الملاحة». 

ويوضح أن إسرائيل تنظر إلى هذه الخطوة ليس فقط بوصفها فرصة دبلوماسية، بل كركيزة استراتيجية لمراقبة الممرات المائية، وتعزيز تموضعها في مواجهة النفوذ الإيراني والحوثي والضغط عليهما.

من جهته، يؤكد الباحث اليمني "أشرف المنش" لذات الصحيفة، أن اعتراف نتنياهو يأتي في سياق بحث إسرائيل عن موطئ قدم قبالة اليمن، بهدف مواجهة تهديدات ميليشيات الحوثي لخطوط الملاحة، نظراً لما يتمتع به إقليم أرض الصومال من موقع استثنائي يمتد بساحل طويل على خليج عدن، ويتمركز عند نقطة التقاء المحيط الهندي مع البحر الأحمر في منطقة القرن الأفريقي.

ويرى مراقبون أن الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» قد يكون له تأثير مباشر على مضيق باب المندب، وقد يسهم في تقييد الإمدادات الواصلة إلى الحوثيين، لكنه في المقابل قد يزيد من حدة التوتر ويهدد أمن الملاحة في البحر الأحمر.

ولا يستبعد "بري"، في ضوء هذا الاعتراف والتصعيد الإسرائيلي ضد الحوثيين، إمكانية تطور التعاون بين الطرفين مستقبلاً ليشمل جوانب أمنية، أو بحث أفكار تتعلق بوجود عسكري، باعتبار ذلك جزءاً من استراتيجية مواجهة تهديدات الحوثيين. 

وفي ما يتعلق بردود فعل الحوثيين، يتوقع "بري" أن تشهد المرحلة المقبلة تصعيداً في التهديدات أو الهجمات، بوصفها رد فعل على أي وجود عسكري أو تعاون أمني مع إسرائيل قرب السواحل اليمنية، لكنه يشير إلى عدم وجود مؤشرات رسمية حتى الآن على رد مباشر، في ظل اقتصار الخطوة الحالية على الاعتراف السياسي دون توسع عسكري معلن.

استنكار واسع

أثار اعتراف إسرائيل بـ«جمهورية أرض الصومال» دولةً مستقلة موجة تنديد عربي وإسلامي وأفريقي واسعة، وسط تحذيرات من تداعيات خطيرة على أمن الصومال واستقرار منطقة القرن الأفريقي، واعتباره انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي ومبادئ سيادة الدول.

وسارعت دول عربية، في مقدمتها السعودية ومصر، إلى رفض الاعتراف الإسرائيلي، مؤكدة دعمها الكامل لوحدة وسيادة الأراضي الصومالية، ومشددة على أن الخطوة الإسرائيلية تمثل إجراءً أحادياً يخالف ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي. كما أصدرت الكويت والأردن والعراق بيانات مماثلة أدانت فيها القرار.

من جهتها، حذّرت الخارجية الفلسطينية من أن الاعتراف الإسرائيلي يهدف إلى زعزعة الأمن القومي العربي، وأعربت عن مخاوف من استخدام الإقليم ضمن مخططات تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، واصفة الخطوة بأنها تهديد مباشر للأمن الإقليمي.

كما أدانت تركيا الاعتراف، واعتبرته تدخلاً سافراً في الشؤون الصومالية، وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، متهمة حكومة نتنياهو بمحاولة تصدير أزماتها وتقويض الاستقرار في المنطقة.

وعلى مستوى المنظمات، رفضت جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي الخطوة الإسرائيلية، محذّرين من أنها تشكّل «سابقة خطيرة» قد تفتح الباب أمام مزيد من النزاعات والانقسامات في القرن الأفريقي.

وفي أفريقيا، جدّد الاتحاد الأفريقي و«إيغاد» تمسكهما بوحدة الصومال وسلامة أراضيه، ورفضهما أي اعتراف أحادي بـ«أرض الصومال»، محذرين من أن المساس بالحدود الموروثة يهدد بتفتيت دول القارة وإحياء مشاريع الانفصال.