في زمن الحوثي: رمضان لا يشبه رمضان وصنعاء غريبة لسكانها

متفرقات - Sunday 20 May 2018 الساعة 03:17 pm
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

صنعاء لم تعد صنعاء.. صنعاء صارت كئيبة. عبارتان لا تكف ألسن سكان العاصمة اليمنية عن ترديدها منذ الاجتياحة الحوثية المسلحة، بيد أن مساحة هذا الشعور اتسعت مع بداية شهر رمضان هذا العام.

فمنذ اللحظات الأولى لحلول شهر رمضان، شعر سكان صنعاء بفداحة الحقبة الحوثية، إذ بدت العاصمة بنظرهم أشبه بمنفى قسري، والجميع مجبر على التعاطي مع نمط حياة دخيل والتسليم بطقوس لا تشبههم ولم يعهدوها إلى وقت قريب.

ذلك أن ميليشيا الحوثي، سلبت بهجة ملايين السكان في العاصمة اليمنية صنعاء، والمناطق الخاضعة لها، بحلول شهر رمضان، وحولت مدينة التعدد إلى معمل صغير ينتج القهر.

ففي ظل الأحوال المعيشية المتردية لأغلب السكان، جراء نهب الحوثيين للموارد، وامتناعهم عن دفع الرواتب للموظفين، ضاعفت الجماعة حجم المعاناة مع مطلع رمضان، عبر فرض زيادة جديدة على أسعار الوقود، بما يعادل نصف دولار أميركي، لكل 20 لتراً.

وارتفعت أسعار المواد الغذائية في صنعاء مع حلول شهر رمضان، لتزداد معاناة سكان تراجعت قدرتهم الشرائية بشكل كبير بسبب انقطاع مرتباتهم الحكومية لزهو عامين.

بيد أن الوضع الاقتصادي المتأزم ليس سببا وحيدا لما يبدو شعورا عارما بالغربة لدى سكان صنعاء، إذ أن أعمال القمع المستمرة والتضييق بحق معارضي ميليشيا الحوثي، ومحاولات فرض نموذجها الحياتي والديني الشاذ على مدينة ظلت إلى وقت قريب تختزل اليمن الكبير بتنوعه الثقافي والاجتماعي والسياسي، سبب إضافي.

ففي الوقت الذي كانت تضج فيه أجواء العاصمة صنعاء، ليلاً، بروحانية الشهر الكريم، عبر مكبرات الصوت من المساجد التي تنقل أداء صلاة التراويح، امتثل أئمة المساجد لتعليمات ميليشيا الحوثي بوقف مكبرات الصوت، وتخصيصها فقط لبث خطب زعيم الجماعة ودروسه الطائفية، التي أعلنت المصادر الرسمية الحوثية أنها ستكون مستمرة في كل أيام رمضان.

ففي أول أيام رمضان، اقتحمت ميليشيا الحوثي عدداً من المساجد عنوة، وأغلق مسلحوها مكبرات الصوت في أثناء صلاة التراويح، في حين تطورت الأمور في الأحياء الشمالية من صنعاء إلى قيام عناصر مسلحة من الجماعة بإغلاق المساجد، ومنع المصلين من أداء صلاة التراويح، كما حصل في مسجد "الأسطى".

وفي المحصلة تكون ميليشيا الحوثي قد اعتقلت طقوس رمضان المعهودة لدى السكان، وفرضت عليهم طقوسا غريبة، وعطفا على ذلك بدت صنعاء غير مألوفة لأهلها، وهذا ما تقوله -على الأقل- ردود عينة من سكان العاصمة على تدوينة في "تويتر"، للإعلامي والسياسي نبيل الصوفي، دعاهم فيها، إلى "تسجيل كل ما يمكن معرفته عن مدينة كانت بلاد ملايين اليمنيين ثم صارت محرمة عليهم بسبب سقاطة ميراث من العفن واللصوصية".

وجاءت تغريدة الإعلامي الصوفي تعليقا على تدوينة للصحفي توفيق الجند قال فيها: "30 عاما و30 رمضان عشتها بصنعاء، لكنها لا تشبه رمضان اليوم ولا يشبهها".

وعلقت متابعة تحمل اسم (جنون وطن) على دعوة الإعلامي الصوفي قائلة: "رمضان غريب في صنعاء لا يعرفنا ولا نعرفه.. تكسوه شعاراتهم وصورهم وصرختهم وأسلحتهم.. هذا الموجود في صنعاء.. أجواء ثقافة لا تشبهنا.. دين غير ديننا".
وتضيف: "أناس ولاؤهم للسيد لا للوطن ولا للدين.. سرقوا الدين والدنيا.. سرقوا كل معنى.. الديمقراطية والجمهورية حتى الحرية دفنوها ليبقى الجهل سيدا في المشهد".

متابعة باسم (حرائر اليمن) علقت تقول: "رمضان هذا العام يتيم.. شعب بأكمله فقد والده واﻷب الروحي له الزعيم علي عبدالله صالح.. الغصة تخنق كل اليمنيين كبارا وصغارا.. شعب بأكمله يبكي".

حساب باسم (المخابرات اليمنية شبوة) علق بالقول: "أي رمضان يا أخ نبيل.. صاروا الناس صائمين 3 سنين وصنعاء مكبلة القدمين مقيدة اليدين".

أما "مهيب" فيقول: "والله صنعاء ظلام لن نشعر بمشاعر الشهر الكريم لن نسمع مكبرات الأصوات لن نسمع صلات التراويح لن نسمع الفرحة العارمة لدى الاطفال والكبار.. محزن ما يحدث، ننتظر الفرج من رب السماوات ومن الأحرار الوطنيين".

متابع آخر باسم (أبو اسلام) يقول: "صنعاء كئيبة وتائهة ومرضية.. لا يتحرك فيها براحة وابتسامة الا رجال وأتباع السيئ".

بدوره عبد الرحمن العلوي راشد علق ردا على الصوفي: "رمضان في صنعاء كهرباء طافي تفعيل الخمس.. ماء مرة واحدة في الأسبوع.. أسعار مرتفعة.. مرتبات لا توجد.. غاز معدوم عاصمة خالية من الحركة.. حرية لا توجد".
ويضيف مستحضرا بيتا شعريا لأديب اليمن الكبير الراحل عبد الله البردوني: "ماذا أحدث عن صنعاء يا أبتي".

متابعة تحمل اسم (أم سعاد) علقت تقول: "حال متعب للناس قبل رمضان فكيف برمضان.. لله الحمد اللي مرتاح وحالته ميسورة يحس برمضان وحاجات رمضان متوفرة عنده وبعض الأسر المستورة يمكن مش ملاقيه.. تمر تفطر فيه.. الله المستعان".

متابع باسم (الاحمدي) غرد قائلاً: "رمضان يتيم الزعيم.. رمضان يتيم التراويح والميكرفونات تتلو الخضوع أثناء الصلاة. أصبح المتعبدون متقين داخل مساجدهم وحسب ذلك على الله هين".
يضيف: "أصبح يذكر فيها اللعن والشتم والموت والتحريض وليس الذكر ورفع كلمة الله كما أمر".

أما المتابع طارق محمد فقال يرد على تدوينة الإعلامي الصوفي: "رمضاننا يا أستاذي في صنعاء حزين.. قلوب الناس منكسرة متشائمة تحدق أعينهم في السماء لعلهم يرون بصيص أمل ينقذهم مما هم فيه لتعود لهم مدينتهم كما كانوا يألفونها ويعتادونها في رمضانات سابقة.. قسماً لم تعد صنعاء التي كنا نعرفها".

حساب باسم "حسين" يقول: "والله اخس رمضان بحياتي رمضان شيعي فارسي خالي من الأجواء الرمضانية والتراويح والتسبيح. سفر طعامنا فارغة الا من بعض الارز ندعو على الحوثيين بعد كل صلاة".

وقد كان الختام مع متابع يدعى أبو زياد الخولاني، حيث رد قائلا: "صنعاء هيمن عليها المرتزقة وسوف يكنسوا منها مهانين أذلاء والأيام بيننا". وتابع: "لن يبقى في صنعاء حوثي أو متعاون مع الحوثي".