الغش في الامتحانات.. ظاهرة حوثية متعمدة لتدمير جيل الحاضر والمستقبل

متفرقات - Monday 09 July 2018 الساعة 07:36 pm
صنعاء، نيوزيمن، خاص تقرير:

تعمدت سلطة الانقلاب الحوثية، علی مدی الثلاث السنوات الماضية، تدمير العملية التعليمية في المحافظات الواقعة تحت سيطرتها انطلاقا من إدراكها أن وجود شباب متعلم ومحصن بالعلم والمعرفة يصعب عليها نشر أفكارها الضالة والمنحرفة المستوردة من حوزة قم الإيرانية.

وركزت مليشيا الانقلاب الحوثي جهودها لتدمير العملية التعليمة بعد أن حاولت في بداية انقلابها إجراء تعديلات في المناهج الدراسية تتضمن غرس بذور فتنة طائفية ومذهبية وقوبلت برفض مجتمعي واسع ما جعلها تلجأ لطرق وأساليب متعددة تعيق التعليم ابتداءً من وقف صرف رواتب المعلمين ما ادی الی انقاطعهم عن التدريس ومن ثم تكليف عناصر حوثية ليس لديها اي خبرة علی افتراض أنهم سيسدون الفراغ، بينما هم في الواقع جاءوا لنشر الأفكار الحوثية المنحرفة ومحاولة التغرير علی الطلاب من التعليم الأساسي والثانوي واستدراجهم إلى جبهات القتال إلى جانب استهداف المدارس بالقصف والتدمير في المناطق المحيطة بجبهات القتال أو تحويل العديد من المدارس في المحافظات الأخری إلى مخازن للذخاير والأسلحة.

وفي ضوء توقف التحصيل التعليمي للطلاب نتيجة انقطاع الكفاءات التعليمية عن التدريس بعد وقف رواتبهم تسرب أكثر من مليوني طالب إلى خارج المدارس بينما بقية الطلاب استمروا في واقع تعليمي مزرٍ يبدأ فيه اليوم الدراسي بإذاعة مدرسية تردد زوامل الميليشيا وشعاراتها الخمينية يعقبها حصص دراسية من غير مدرسين وتتحول إلى جلسات للعب وينتهي العام الدراسي دون أي تحصيل وباختبارات شكلية تتسم بالغش.

وأصبح الغش في دولة الحوثي من الأمور الطبيعية في الاختبارات الشهرية أو اختبارات الشهادات العامة الأساسية والثانوية.

وتكافح جميع الدول أي محاولات للطلاب للغش في الامتحانات في كافة مساقات التعليم باعتبار الغش واحدا من أكثر الآفات التي تفتك بالأمم والحضارات، إذ أن تبعاتها لا تقتصر على مجال دون آخر، بل تتعدى كل المجالات وتتخطى كل الحدود وتطال كل جوانب الحياة الدينية، الأخلاقية، التربوية، الاقتصادية والاجتماعية وإلى ما هو أبعد من ذلك.

وتزداد خطورة الغش بشكل أكبر عندما يتعلق الأمر بالتعليم الذي بات اليوم الركيزة الاساسية للبناء والتنمية الشاملة.

ويمكننا وصف التعليم بأنه الجسر الذي يربط بين "الإرث المعرفي للبشر" المتمثل في المعارف والخبرات والمهارات وبين شتى المجالات الحيوية التي تعتبر أساس البناء المجتمعي.

تحدٍ يهدم التعليم

ويجمع الخبراء والاختصاصيون بأن تعمد الحوثيين تحويل الغش الی ظاهرة يندرج ضمن استراتيجية حوثية ممنهجة لتدمير حاضر ومستقبل اليمن واستهداف لجيل بكاملة من النشء والشباب باعتبارهم أمل الحاضر وبناة المستقبل، وإيجاد جيل متخلف وغير متعلم يسهل للحوثيين التغرير عليهم بفكرهم الكهنوتي والإمامي المتخلف.

ويحذر المختصون من أن ظاهرة الغش في الاختبارات أصبحت تهدد مستقبل الأجيال في ظل تساهل الطلاب وغياب المدرسين وعدم اهتمام الطلاب بالمذاكرة والاتكال على الغش للنجاح.

ووصف ناشطون الظاهرة بأنها عبث واستهتار بحق التعليم في اليمن حيث لم يمر بحالة سوء كما هو حاله الآن في ظل استمرار ممارسات مليشيات الحوثي بحق العملية التعليمية والتلاعب بمستقبل التعليم وتفخيخ عقول الأجيال.

وتتميز هذه السنة عن غيرها من السنين الماضية من وقت سيطرة الحوثي ودخوله صنعاء، بتغيير الطاقم الرقابي والذي كان يشكل من التربويين من معلمات ومعلمين وابدالها بمراقبين حوثيين يحملون بطاقة تسمى بطاقة مشاركة وعليها صورة لرئيس ما يسمى المجلس السياسي الصريع صالح الصماد.

وفي هذا الصدد تقول الطالبة خلود محمد "من يراقبنا ليست معلماتنا ولا معلمات تبع التربية، بل مراقبات حوثيات يحملن بطائق مشاركة عليها صورة الصماد".

وكشف طلاب وطالبات في الثانوية العامة وأولياء أمور، أن قيادات المليشيات في وزارة التربية والتعليم فرضت على الطلاب في أكثر من مركز امتحاني دفع مبالغ مالية بشكل يومي من أجل أن يغضوا الطرف عن عمليات الغش للطلاب وقت الامتحانات.

الغش مقابل الجبهات

وفي مسعى آخر لاستقطاب الطلاب إلى صفوف مليشيا الانقلاب، وتدمير ما تبقى من العملية التعليمية في البلاد، لجأت المليشيات الحوثية إلى طريقة جديدة لاستقطاب طلاب المدارس في العاصمة اليمنية صنعاء وبقية المحافظات الخاضعة لسيطرتها، حيث سمحت للعديد من الطلاب، الذين تم قيدهم في كشوف مسبقة، بالغش بشكل واسع في امتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية التي بدأت مطلع الأسبوع الماضي علی أن يتوجهوا بعد الامتحانات إلى الجبهات.

وأوضحت قيادات تربوية في محافظة حجة ل (نيوز يمن)، أن مشرفي المليشيات في المحافظة وعدوا الطلاب بأنهم سيحصلون على مجموع نهائي لا يقل عن 85% شريطة أن يبادروا بعد انتهاء الامتحانات إلى الانخراط في جبهات القتال في صفوفهم من أجل الحصول على المعدلات العالية.. مؤكدة في الوقت ذاته أن الطلاب الملتحقين بجبهات الميليشيات تم رفع كشوف بأسمائهم، وسيتم انجاحهم وبمعدلات عالية ودون امتحانات باعتبارهم "مجاهدين ضد اليهود والنصاری" كما تزعم ميليشيا الكهنوت الحوثية.

وفي محافظة الحديدة أكد أحد التربويين أن عناصر المليشيات الحوثية أمروا القائمين على الامتحانات بإتاحة الغش للطلاب بصورة مباشرة، وهو ما جعلهم يقومون بحل الامتحان مباشرة من الكتب المدرسية في سياق مساعي المليشيات لاستقطابهم من أجل القتال في صفوفها في جبهة الساحل الغربي.

اما في العاصمة صنعاء فيقول الطالب مصطفى عبده "المراقبون في قاعة اللجان ينتظرون إلى قبل نهاية وقت الاختبار بنصف ساعة وبعدها يسمحون للطلاب بالغش".
ويستدرك قائلا، "في هذا الوقت يكون أغلب الطلبة قد خرجوا ولم يبق في اللجنة إلا أصحاب الحوثيين".

أشكال وأنواع الغش

وتتنوع أشكال ومظاهر الغش في الامتحانات في مناطق سيطرة الحوثي بين اقتحام لمراكز وقاعات اللجان بقوة السلاح وتسريب نماذج الاختبارات ونشوب فوضى ومشاغبة وتسلق لجدارن مراكز الاختبارات وتجمهر أولياء الأمور في البوابات وحول نوافذ اللجان، إلا أن هذه السنة تتميز بأشكال جديدة للغش عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

يقول مدرس في مدرسة خاصة "تفاجأت بدخول أحد أفراد المليشيات وهو حامل سلاحه الآلي ليطلب مني أن أساعده في حل أسئلة الاختبارات لأحد الطلاب في لجنة الاختبار والتي وصلت إليه عبر الوتس".

ويتابع قائلاً، "وكان المسلح الحوثي يستعجلني ويقول "اقطب - أي استعجل- باقي ربع ساعة".

فيما يقول الطالب محمد زايد، "هناك تسيب كبير وواضح لم يعد هناك الحزم أو الرهبة من دخول لجنة الاختبار". ويضيف، "كل طالب في يده تلفونه والنت شغال".

ويكشف أن هناك مجموعات تم إنشاؤها في الوتس وفي الفيس بوك من أجل الغش في الاختبارات.

ويستطرد قائلا، "المصيبة أن مدير أو مديرة هذه المجموعات معلم أو معلمة".. مؤكدا أنه تم إنشاء هذه المجموعات قبل الاختبار وتم تحديد من سينضم لها وقد دفعوا مقدما للمعلم اتعابه مبالغ مالية، وكل ما على الطلبة هو تصوير وإرسال أسئلة الاختبارات إلى المجموعات ليبادر المعلم المختص بطباعتها وحل الاسئلة وتصويرها مجددا وإعادة إرسالها للمجموعة لتظهر مع الحل لدی كل الطلاب المشتركين في المجموعة".

الاستاذة حنان حسين أكدت من جانبها أن العملية التعليمية تدمرت بشكل عام في مناطق سيطرة الحوثيين.. مشددة في هذا الشأن علی ضرورة أن يتحسن وضع المدرس الذي هو أكثر الموظفين اضطهادا تحت سلطة الانقلابيين.

وتقول "لجوء الطالب الی غش يرجع الی توقف الدراسة وغياب المدرسين الأكفاء واستبدالهم بمدرسين غير مختصين لايستطيعون تقديم شيء للطالب فضلا عن كون المناهج مكثفة ومعقدة".

وتضيف "خطورة الغش في الامتحانات المدرسية تعمل على تشويش معالم التقويم وتزييف النتائج والحقائق مما يؤثر سلبا على العملية التعليمية وتصبح غير ذات قيمة، لأن مخرجاتها جيل مغشوش".

بدوره يقول الأستاذ كمال الحاج، "الحوثيون يطبقون استراتيجة ممهنجة لتدمير المجتمع اليمني لكي يطول بقاؤهم في ظل مجتمع جاهل ومتخلف".

ويردف قائلا، "من أجل تدمير أمة، لابد من تدمير عقول الأجيال القادمة، وهذا لن يتحقق إلا بافشال العملية التعليمية، وهذا أخطر من الحرب ومن الصواريخ نفسها".