التبرع للطيران المسيّر.. جديد المليشيا لتطوير بطون مشرفيها

متفرقات - Tuesday 31 July 2018 الساعة 08:25 pm
مهدي العمراني، نيوزيمن، خاص:

قبل كشفها مصير حملة دعم ما أسمتها قوتها الصاروخية التي انطلقت مطلع مايو من العام الجاري 2018م، ابتكرت مليشيات الحوثي الكهنوتية وسيلة جديدة للالتفاف على ما تبقى من أموال المواطنين وممتلكاتهم العينية، معلنة في هذا الصدد حملة مماثلة جديدة جاءت هذه الكرّة تحت عنوان "دعم الطيران المسيّر".

حملة مليشيا الحوثي، لامتصاص دماء المواطنين الواقعين في نطاق المحافظات تحت سلطتها، تأتي في وقت يكمل موظفو الدولة شهرهم الـ(20) دونما مرتبات، وفي ظل أوضاع اقتصادية ومعيشية متردية، فوفقاً لآخر بيانات منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، يحتاج 22 مليون شخص، أي 75 في المائة من السكان، إلى شكل من أشكال المساعدات الإنسانية والحماية، منهم 4.8 ملايين شخص لا يعرفون من أين سيحصلون على وجبتهم التالية.

مصير مجهول لتبرعات سابقة

وتلزم المليشيا محافظيها ومديري المديريات والمكاتب التنفيذية في المحافظات الواقعة تحت قبضتها بتنفيذ مثل هذه الحملات، مقابل نسبة من المبالغ المالية والتي يجري توريد القليل منها إلى حسابات خاصة، فيما يتم نقل معظم المبالغ المجمعة إلى جهات ومناطق مجهولة بإشراف عدد محدود من مشرفي المليشيا.

وفي نوفمبر من العام 2016م، اختتمت المليشيا حملة مماثلة جاءت تحت مسمى دعم البنك المركزي اليمني، وتوفير السيولة النقدية، لصرف مرتبات موظفي الدولة، ورغم فشلها في الإيفاء بالتزام صرف المرتبات، أعلنت المليشيا تحقيق الحملة لأهدافها المتمثلة في "كسر هجمة العدو على الاقتصاد الوطني والبنك المركزي في محاولته للنيل من الصمود والصبر اليمني"، حسب تعبيرها.

وسائل جباية غير قانونية

وفي ظل انعدام الشفافية بكيفية إنفاق مثل هذه المبالغ التي تصل إلى مئات الملايين، ونكوث المليشيا عن التزامها بإلغاء أي حسابات إيرادية مستحدثة، وإعادة انسياب الإيرادات العامة للدولة إلى أوعيتها الرسمية القانونية ممثلة بالبنك المركزي اليمني، وإقرار موازنة تشغيلية عبر البرلمان ممثل الأمة، بما في ذلك تحديد الإنفاق على وزارة الدفاع، يرى المحامي القانوني، عبدالمجيد قاسم، أن حملات التبرعات المالية التي تنظمها رسمياً مليشيا الحوثي، في ظل إدارتها الفاشلة لمؤسسات الدولة، تعد وسائل جباية غير قانونية وغير ملزمة للمواطنين. وقال، "طالما السلطة القائمة عاجزة عن توفير الخدمات والحقوق للمواطنين فلا شي يلزمهم بالمشاركة في حملات التبرع لمن يفترض أنها سلطة".. ويفترض المحامي القانوني قاسم، بأن على سلطة الأمر الواقع، في مثل هكذا أوضاع اقتصادية، إعفاء المواطنين من أي رسوم ضريبية أو خدمية، حتى عودة دورة الحياة الاقتصادية واستئناف صرف المرتبات وتقديم الخدمات العامة.

إفلاس رسمي بغطاء قبلي

وفيما يشبه الفضيحة السياسية وما يمكن اعتباره إفلاسا وانهيارا اقتصاديا، أعلنت السلطات المحلية (السلطة الرسمية المفترضة) بمحافظة صعدة، تدشينها يوم الاثنين 30 يوليو 2018م، ومعها مجلس التلاحم القبلي (مجلس فئوي خاص بالمليشيا)، أعلنت تدشينها رسمياً حملة (دعم سلاح الجو المسير بالمال في مكاتب البريد بمحافظة صعدة)، وبعد ساعات من إعلان خبر الحملة رسمياً عبر وكالة الأنباء التي تسيطر عليها المليشيات، أجرت المليشيا تصحيحاً لخبر الحملة، وأوكل التصحيح مهمة تدشين الحملة الجديدة لمسمى "مجلس التلاحم القبلي"، بدلاً من السلطات المحلية التي اكتفى التصحيح بالإشارة إلى حضورها مناسبة التدشين فقط.!

ونسبت الوكالة لمحافظ صعدة المعين من المليشيا مباركته لما وصفه (الإنجاز النوعي لقسم التصنيع العسكري وللجيش واللجان الشعبية والشعب اليمني بشكل عام استهداف مطار أبوظبي الدولي بمنظومة الطائرات المسيرة صماد3)، وقال "إن أبناء محافظة صعدة لن يألوا جهداً في دعم وإسناد قسم التصنيع العسكري..".

وقالت وكالة سبأ التي تسيطر عليها المليشيا إن "مكاتب البريد بمدينة صعدة شهدت اليوم حالة من الإقبال الواسع وسط حالة من الفرح والابتهاج والإشادة بعمليات الطيران المسير، متمنين لها مزيداً من الإبداع والتميز".

نفقات مجهولة وإيرادات مسروقة

ومنذ العام الماضي ينتظر مجلس النواب في صنعاء وفاء حكومة المليشيا بتعهداتها وفق برنامجها المقدم للمجلس وذلك بصرف مرتبات موظفي الدولة من مدنيين وعسكريين ومتقاعدين وحالات الضمان الاجتماعي، ويطالب البرلمان الحكومة تقديم بيانات تفصيلية بخطط إنفاقها المتوقعة، وحجم الإيرادات وجانب الإنفاق العام وإجمالي عام الإيرادات والتمويل المحلي المتاح وخطة الإنفاق والفجوة التمويلية.

وفي حين تتجاهل المليشيا مطالب البرلمان، وتواصل ابتكار وسائل إضافية متجددة لتجفيف جيوب المواطنين واستنفاد مدخراتهم ومتعلقاتهم الشخصية، تحت مسميات عدة، كحملات التبرع المصنفة بحسب نوعية السلاح، وحملات "المجهود الحربي"، وقوافل دعم "الجيش واللجان"، تتركز مطالب مجلس النواب لحكومة المليشيا في الشأن الاقتصادي والمالي حول "أهمية تحصيل موارد الدولة وإيداعها الخزينة العامة في البنك المركزي اليمني والتركيز على إيرادات النفط ومشتقاته والضرائب بكل أنواعها ومحاربة الفساد بكل أشكاله".

تطوير السلاح من بطون المشرفين

وعقب تدشين حملة مماثلة بميدان التحرير بصنعاء، قال الشاب عبدالله الريمي، بائع جائل، لـ( نيوز يمن)، إن ما يثير استغرابه هو دعوات المواطنين للمشاركة في مثل هذه الحملات وإعلانها رسمياً، معتبراً مجرد إعلان جمع التبرعات بمثابة إقرار رسمي بانهيار وفشل السلطة وفقدان لشرعيتها المفترضة، وقال "الشعب لم يفوضك بالحرب حتى تستمر في إفقاره بذريعة دعم الجبهات والأسلحة"، ويعتقد الريمي، أن على مليشيات الحوثي جمع الأموال اللازمة لصناعة وتطوير الأسلحة من بطون مشرفيها، دونما إشغال المواطنين بمثل هكذا حملات لا ناقة لهم فيها ولا جمل.

انتهاك خصوصيات

ومن حين لآخر تبعث المليشيا رسائل موبايل جماعية، تحث المشتركين في شبكات الاتصالات على التبرع ودعم المليشيا برسائل هاتفية لأرقام محددة، عند كل شاردة وواردة، وتحت مسميات متشابهة، كالدعوة لدعم المرابطين، والدعوة لدعم أسر المرابطين، ومساندة النازحين، ورعاية الجرحى وأبناء الجرحى، بما في ذلك الدعوة للمساهمة في إغاثة متضرري إعصار محافظة سقطرى، المحافظة الواقعة خارج نطاق سلطة مليشيا الحوثي..!

وسرقة إيرادات

وكان النائب في البرلمان والوزير السابق بحكومة المليشيا، عبده بشر، كشف في وقت سابق مصير الأموال التي تبرع بها رجال مال وأعمال وعموم المواطنين في حملة دعم البنك المركزي، وقال في جلسة برلمانية "مغلقة" لمجلس النواب بأن مركزي صنعاء لا يستلم أي مبلغ مالي من المؤسسات الإيرادية، متهماً قيادات المليشيا الحوثية بسرقة كافة إيرادات الدولة، ووضعها في حسابات خاصة خارج أسوار البنك. وفضح بشر أكذوبة عجز المليشيا عن صرف المرتبات، وقال إنه أجرى مقابلات مع جهات إيرادية عديدة كالنفط والاتصالات، مؤكداً بأن الأرقام التي توردها تلك المؤسسات شهرياً لخزينة الدولة كبيرة وتغطي كافة المرتبات والمستحقات المالية للدولة.
وتساءل بشر، حينها عن مصير الملايين التي قال إنها أودعت في مراكز البريد عن طريق التجار ورجال الأعمال والمواطنين، والتي قدموها بغرض "دعم البنك المركزي" ولمجابهة القرار الذي أصدره الرئيس هادي حينها، والذي قضى بنقل مقر البنك من صنعاء إلى عدن، وأكد النائب بشر أنه "تم إيداع مبالغ كبيرة في خزانة البريد، لكنها لم تورّد إلى حساب مركزي صنعاء، ولا يعلم أحد مصيرها".

ورفض بشر، حينها، اقتراح رئيس المجلس بأن يناقش هذا الموضوع في جلسة "مغلقة"، قائلاً بأن محاربة الفساد والفاسدين ولصوص الدولة لا يجب أن يتم في الخفاء، ولا يوجد ما يجب الخوف منه، طالباً من المجلس مناقشة هذا الأمر الحساس في مؤتمر صحفي لكي يعلم الناس من يسرقهم وينهب أموالهم.!