المولد النبوي في صنعاء.. موسم سنوي لإثراء المليشيا وابتزاز التجار

متفرقات - Sunday 04 November 2018 الساعة 09:21 am
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

من مناسبة دينية اعتيادية يحتفي بها المجتمع اليمني بعفوية وتلقائية، وتحيي ذكراها السلطات الرسمية المتعاقبة في شمال الوطن برمزية محدودة تراعي في ذلك حساسية الابعاد المذهبية والتنوع الفكري والثقافي داخل المجتمع اليمني، تحاول مليشيا الحوثي الكهنوتية إخراج مناسبة "المولد النبوى" من سياقها الديني والاجتماعي ومعانيها الروحية في ذهنية ووعي المجتمع، إلى منحى مختلف تماما يجعل من المناسبة كما لو أنها مشروع استثماري حصري بالجماعة، وموسم سنوي لإثراء قياداتها وجباية المزيد من الإتاوات ومضاعفة رسوم الضرائب وقسائم جبايات الأموال تحت مسميات عدّة.

فعلى مقربة من موعد ذكرى المولد النبوي (لعام 1440هجرية)، تبدو مليشيا الحوثي بعناصرها ومشرفيها وبأجهزة السلطة المستولية عليها، في صنعاء والمحافظات الواقعة تحت سيطرتها، في حالة استنفار قصوى لممارسة المزيد من أعمال السلب والنهب والسطو على ممتلكات المواطنين، واستحداث وسائل جباية جديدة لرسوم الضرائب والجمارك وخدمات النظافة والإنارة، تحت ذريعة الإعداد والتحضير والحشد لاستقبال المولد النبوي.

حق التحسين وحق الحسين..!

وعلى بُعد (10) أمتار من بوابة سوق لبيع القات في شارع كلية الشرطة وسط صنعاء، يفترش عبدالله اليريمي، بائع قات، الأرض محتضنا بضاعته ومترقبا عملاءه الذين اعتادوا شراء القات من دكانه داخل السوق، لقد فوجئ اليريمي بإغلاق مليشيا الحوثي لدكانه إثر رفضه دفع إتاوات غير قانونية إضافية، "ندفع الضرائب يوميا في النقاط وندفع حق السوق وحق التحسين وحق الحسين وحق أم الجن.. أيش عاد يشتوا منا؟" بحرقة بالغة يتساءل اليريمي مضيفاً في حديث لـ"نيوزيمن": رفضنا دفع مبالغ مالية إضافية للاحتفال بمناسبة المولد النبوي ولهذا السبب أغلقوا علينا الدكاكين"، مضيفا بسخرية "أنا متأكد إنّ النبي (ص) ما يرضاش نقرّح الضّمار للاحتفال بمولده..".

استجابة لمخططات تقسيم الشعوب طائفياً ومذهبياً

ولذات السبب استعرض اجتماع لقيادات المليشيا في محافظة المحويت، "سبل تحسين إيرادات الضرائب والأوقاف والواجبات وأراضي وعقارات الدولة" والاستعدادات للاحتفال بالمولد النبوي.

ودعا الاجتماع "إلی الإعداد الجيد للاحتفال بالمولد النبوي بفعاليات جماهيرية تليق بعظمة المناسبة ودلالاتها في الميدان الجهادي لمواجهة ما وصف بطواغيت العصر.."، وإضافة إلى استغلال المناسبة لجني الاموال ومضاعفة ارصدة قيادات المليشيا، تعتقد مليشيا الحوثي ان احتشاد ومشاركة مواطنين وموظفين فعالياتها المرتقبة بمناسبة المولد النبوي، يمنحها زخما جماهيريا وما تعتقده غطاء شعبيا وسياسيا.

ويرى الباحث الاجتماعي عبدالرقيب فاضل، في حديث لـ"نيوزيمن" أن مليشيا الحوثي باحيائها المناسبات الدينية بنوع من الافراط إنما تستجيب بذلك لمخططات تقسيم المنطقة والشعوب العربية واثارة النعرات الطائفية والمذهبية التي تزعم أنها تواجهها، معتقدا ان "اليمن يختلف عن سوريا ويختلف عن العراق"، مؤكدا تميز اليمن عبر التاريخ بالتنوع والتعدد الفكري والثقافي والتعايش بين مختلف المذاهب.

مناسبات مستحدثة وإتاوات متعددة

وفي محافظة صنعاء وما يعرف بمديريات الطوق اقر اجتماع حكومي مماثل لاجتماع المحويت، آلية جديدة لتحصيل ضرائب القات، والاستعداد للاحتفاء بالمولد النبوي، ورغم أن إيرادات الضرائب تصب في حسابات قيادات مليشيا الحوثي فقد أكد "الاجتماع على أهمية رفد الضرائب بالكوادر المؤهلة وتفعيل الفروع وحصر الأوعية الضريبية والمكلفين على مستوى كل مديرية واستكمال عملية الربط في عدد من الأسواق".

وفي سوق بمديرية جحانة محافظة صنعاء، يشتكي عبدالله الشيبه، تاجر مواد غذائية، تلقيهم اشعارات خطية من جهات غير قانونية تطالبهم بالإسهام في إحياء فعاليات المولد النبوي، تتضمن دعوتهم لتقديم مبالغ مالية، بطريقه لا تخلو من الابتزاز والتهديد، واشتكى لـ"نيوزيمن" تعدد الجهات المطالبة بالإتاوات وأن كل جهة تبتكر مناسبة وقضية جديدة، وقال "ما عد درينا بما نحتفل كل شهر وكل اسبوع ومعهم خبر جديد..!".