حملات التجنيد القسري أول أسباب النزوح.. "ذراع إيران" يقسم مجتمع تهامة بين السجون والجبهات

المخا تهامة - Thursday 20 December 2018 الساعة 07:21 pm
الحديدة، نيوزيمن، خاص:

تنفذ جماعة الحوثي، الذراع الإيرانية في اليمن، عبر لجان تطلق عليها "التثقيف الجهادي"، حملة تحشيد في مساجد مدينة الحديدة ومناطق تهامة التي ماتزال تحت سيطرتها، بالتوازي مع حملة تجنيد إجبارية لأبناء المحافظة.

وأوضحت مصادر "نيوزيمن"، أن المليشيا تحاول إيجاد تكامل بين حملة التعبئة الذهنية المذهبية وحملة التجنيد الإجبارية التي تقوم بها في مدينة الحديدة، لفرض أمر واقع على السكان.

وقال لـ"نيوزيمن"، عبيد وهب الله حسن بلغيث "53 عاماً" يسكن حي الجنبية في مديرية الحالي بالحديدة، إن تصعيد ميليشيا الحوثي أجبره على النزوح من منزله إلى خارج الحديدة، ومن ثم إلى صنعاء.

وبحسب رواية عبيد، فإن قصة نزوحه من الحديدة، بدأت عندما أخبره نجلاه (فتح 16 عاماً ومنقذ 18 عاماً) اللذان يدرسان في مرحلة الثانوية، بأن الحوثيين أبلغوهما بأنهما سيكونان في دورة تدريبية وثقافية مع كل الطلاب في 5 شُعَبْ في المرحلة الثانوية وكذا أغلب طلاب المرحلة الأساسية.

وأضاف وهب الله، إنه "فوجئ بإدراج أبنائه فتح ومنقذ وعبيدة في كشوف من يجب أن يلتحقوا بدورات الحوثيين، وأن ابنته عبيده هي الأخرى يجب عليها الالتحاق بـ"الزينبيات" ضمن الدورات الثقافية التي ستستمر لأسبوعين على يد مشرفة تكنى بـ"أم المؤمنين".

وقال إن ابنته عبيدة أخبرته عدم رغبتها بالمشاركة، غير أنها تخشى عليه من ردة فعل الحوثيين حال رفضت ذلك، خاصة وأن المشرفة هددت الطالبات بأن الآباء والأمهات الذين يرفضون إلحاق أبنائهم بالجبهات وبناتهم بالدورات النسائية يناصبن الله ورسوله العداء ويعتبرون من أعداء الله ورسوله، ولا فرق بينهم والمرتزقة الذين يريدون احتلال مدينة الحديدة.

يضيف عبيد، متحدثاً بأسىً وحرقة، إن العاقل سالم فتيني "عاقل حي الجنبية"، استدعاه وأخبره أن عليه تسجيل أبنائه وأخته أو زوجته، وأن اثنين من أبنائه سيكونان ضمن الدفعة التي ستذهب إلى الالتحاق بالتجنيد خلال الأيام القادمة، وأبلغه أن عليه أن يختار أياً من أبنائه من سيمنحه لله إضافةً إلى وجوب أن يحفز آل بيته من النساء ليكن بين صفوف المجاهدات في حملة دورات الترغيب في الالتحاق بالفريضة الغائبة ضمن كواكب الزينبيات.

وقال "إن تلك الإجراءات جعلته يصاب بالذهول والقلق معاً".

يسترسل عبيد في سرد الوقائع التي عاشها مع سكان حي الجنبية، بقوله: "إن أحد المتحوثين أخبرهم عند صلاة المغرب بأن عليهم البقاء في المسجد بعد الصلاة للاستماع إلى محاضرة بين صلاتي المغرب والعشاء، وأخبرهم بوجوب عدم قول آمين بعد ركعتي الجهر في صلاة المغرب لكونها مخالفة لما ورد في سنة آل البيت".

ويكمل إن "شخصاً يكنى بأبو حسين ألقى محاضرةً عرفهم فيها بكنيته وأنه أتى من عمران ليبشرهم بنصر الله الذي سيكون على يد المستضعفين من أبناء تهامة، وأن الساعة قد دقت أجراسها للالتحاق بمن يحملون رايات النصر وبشارات إسقاط سطوة أمريكا والتنكيل بالمرتزقة أعوان اليهود وإسرائيل، وأن الجهاد أضحى فرض عين على الجميع، أطفالاً ورجالاً ونساءً، وأن دحر المرتزقة واجبٌ ومن يتخلف عنه ولا يدفع أبناءه وآل بيته إلى الجهاد قد ناصب الله العداء ورسوله والمؤمنين، وأنه قد حان وقت الاتجار مع الله وبيع أبنائنا لله ليسبقوهم إلى الجنة ويهيئوا لهم قصوراً في الفردوس الأعلى. وسرد عليهم مقولات من ملازم حسين بدر الدين الحوثي حول الجهاد ومصير المسلمين حين غابت عنهم هذه الفريضة".

ويستذكر بلغيث وقائع مقتل ثلاثة أطفال من زملاء أبنائه ممن ألحقتهم المليشيا بالجبهات قسراً، لافتاً إلى أن أسرهم عرفت بمقتلهم بعدما علق الحوثيون صوراً لهم في الحي قبل أن يجبروا ذوي الضحايا على الاحتفال بمقتلهم".

اقرأ: جرائم حوثية في سجون تهامة الأربعة.. تعذيب وقتل وترويع

وقال: "رأيت أن أبنائي سيلقون ذات المصير المحتوم الذي اختارته لهم مليشيا الحوثي".

يختتم الخمسيني أبو الغيث سرد مأساته، أنه اضطر إلى إرسال اثنين من أبنائه وأخته إلى مسقط رأسه في قرية البلغيثية في مديرية الضحي نفس ذلك اليوم مباشرةً، ولحقهم مع زوجته وأمه وابنته وابنه في اليوم التالي لينتقل بعد يومين من دفعتي النزوح إلى الضحي في رحلة نزوح جديدة إلى العاصمة صنعاء فاراً من قهر المليشيا وسطوتها وإرهابها التي كانت أقوى وأشد بطشاً في ريف مديرية الضحي.

يذكر أن مليشيا الحوثي دشنت حملات تجنيد متزامنة تهدف إلى الزج بأكبر عدد من أبناء محافظة الحديدة إلى القتال بين صفوفها، مستخدمةً إرهاباً يشمل ملاحقة جميع سكان المحافظة وتقسيم المجتمع المحلي إلى قسمين إما معارضٌ لهم ليكون مصيرهم التنكيل في معتقلات التعذيب والإخفاء القسري الذي ينتهي بالتصفية، أو موافق لهم فيزجون به في الجبهات.

وقالت منظمة رصد للحقوق والحريات "R - F – S – D" في تقرير حديث تتبع حركة النازحين الذي أورد أن سياسة الحوثيين في مدينة الحديدة والمديريات الجنوبية والشرقية وشمال المحافظة، إن إجراءات الحوثيين تسببت في مضاعفة أعداد الضحايا من الأطفال.

وأشارت إلى أن إرهاب ميليشيا الحوثي وتزايد أعداد المعتقلين في سجونها فاقم حركة النزوح من المديريات التي لا تشهد مواجهات مسلحة، معتبرة ذلك مؤشراً خطيراً لا يخدم مساعي السلام على المدى الآني، سيكون له عواقب خطيرة ستؤدي إلى تشظي المجتمع لعقود طويلة.