في ذكرى الوحدة.. المليشيات والشعب تركة ثقيلة من الشتات

السياسية - Friday 24 May 2019 الساعة 11:18 pm
عدن، نيوزيمن، خاص:

تمر الذكرى ال29 لقيام الوحدة اليمنية، واليمن يعيش حرباً بدأتها مليشيا الحوثي باجتياح العاصمة صنعاء لتصل إلى العاصمة التجارية والصناعية عدن، حرباً دمرت كل مقدرات اليمن، وأثبتت همجية الجماعة ونزوعها نحو تمزيق البلد وتجزئته، وإعادة ترسيم خارطة خاصة بالمليشيا ونوازعها السلالية المرتبطة بإيران وحزب الله اللبناني.

تأتي هذه الذكرى والجميع يتساءل ماذا تبقى من هذا الحدث العظيم، وماذا أبقت هذه الجماعة من هذه الذكرى سوى الآلام والدم والدمار والمجاعة التي وصلت كل بيت وقرية.

الصحفي أحمد الأغبري، علق على هذا الحدث بقوله: "اليمنيون في العيد الـ29 لجمهوريتهم عاجزون عن الحصول على بطاقة شخصية، وجواز سفر". وتساءل: "ماذا تبقى من هذا الوطن بدون هاتين الوثيقيتن؟!".

إحصائيات مخيفة

كرس الحوثيون كل المقدرات لصالح المعارك التي يخوضونها ضد الشعب نفسه، في الوقت الذي يقودون معارك على حدود الضالع لاحتلال مريس، وقعطبة، والوصول إلى أبعد نقطة، يعتقلون العشرات بين مواطنين وناشطين في حجة وعمران وصنعاء وذمار، دون أي اعتبار لحقوق الإنسان، ولعشرات القتلى والأسرى من صفوفهم الذين يتساقطون في المعارك.

مؤخراً وُجهت الاتهامات لهم بسرقة المعونات والتحكم بها لصالح جلب مقاتلين إلى صفوفهم، وهو اتهام سبقة سرقة رواتب ما يقرب من مليون موظف في الجهاز الإداري، وتعطيل تام لمعظم أجهزة الدولة، وتسريح أكثر من 400 أكاديمي من وظائفهم في الجامعات، ناهيك عن استيعاب آلاف من العناصر السلالية في مفاصل الدولة؛ بصورة تجعل من الجهاز الإداري جهازاً خاصاً بأسر محدودة.

الأمم المتحدة، وفي إحدى إحصائياتها المخيفة تقول بأن 19 مليون يمني تحت خط الفقر، وتضيف بأن ما يقرب من 8 ملايين على وشك المجاعة، كما تشير بعض التقارير إلى وفاة طفل يمني كل 12 دقيقة بمعدل 120 طفلاً يومياً، وهي أرقام مهولة لا يمكن حدوثها إلا في عهد جماعة الحوثي.

خدمات معدومة

وفيما يفتقر اليمنيون إلى أبسط الخدمات والمقومات، تسعى الجماعة وعبر قادتها وإعلامها الضخم الذي تصرف عليه الملايين، إلى تضليل الرأي العام والمواطنين، بأنها تقود حرباً كونية ومصيرية ضد جماعات "متطرفة، ومرتزقة خونة"، ناهيك عن استخدام شعارها الموت لأمريكا وإسرائيل بصورة عبثية لقتل الشعب اليمني لا أكثر.

وتشير العديد من التقارير إلى أنه صار من الصعب على غالبية اليمنيين الحصول على أهم الأساسيات من المواد وحتى الأشياء البديهية، مثل توفير مياه الشرب والاستخدام العام، حيث بلغ قيمة صهريج الماء في بعض المدن ما يقارب 70 ألف ريال، أي ما يزيد عن 100 دولار، فيما تشكو الكثير من الأسر في مناطق من صنعاء وإب صعوبة حصولها عليه، حيث يكلف بعضهم 50 دولاراً في أفضل الأوقات، ومثله الغاز المنزلي الذي تجاوز أسعاراً لا توجد في أي مكان في العالم.

وقد انتعشت السوق السوداء التي تقودها قيادات محسوبة على مليشيا الانقلاب الحوثي، ما أنهك المواطن الذي أصبح غير قادر على مواجهة الحياة اليومية أمام هذه الأسعار والسلع المحتكرة والسوق السوداء العشوائية.

المليشيا والزكاة

نُشرت مؤخراً آلاف اللافتات في شوارع العاصمة صنعاء والمدن المسيطرة عليها، تدعو فيها المليشيا المواطنين إلى دفع الواجبات الزكوية، مشددة على عدم التأخير.

يقول عبد السلام أحمد، من سكان صنعاء، المطالبة بدفع الزكاة بهذه الصورة وفي هذا التوقيت، أبسط مثال على مدى رؤية هذه الجماعة واستيعابها لمعنى الدولة والمواطنة والحقوق والحريات.

ويتساءل مستنكراً: الحبة البيض بخمسين ريالاً والكيلو الطماطم ب800 ريال، والموظف بدون راتب فكيف سيتم دفع الزكاة؟!

كما ظهرت مؤخراً صورة أثارت الرأي العام المحلي لأحد الأطباء في مستشفى الثورة العام الحكومي بصنعاء، ووجهه ملطخ بالدماء جراء الاعتداء عليه من قبل مشرف حوثي، وهناك ممارسات مشابهة تحدث من وقت لآخر في مدينة تعز بعد سيطرة فصيل سياسي واحد على المدينة.

معتقلون يواجهون الموت

أظهرت إحصائية أخيرة أن عدد المختطفين من قبل الحوثي في مدينة حجة فقط خلال الشهور الأخيرة، أكثر من 350 معتقلاً، بعضهم تم نقله إلى عمران وصنعاء، وتظهر الإحصائية أن بعضهم عاد جثة هامدة وعليه آثار تعذيب تعرض لها في سجون الجماعة، فيما لم تنفع دعوات الحقوقيين والناشطين و"رابطة الأمهات" إلى معاقبة المجرمين، والإفراج الفوري عن الآلاف منهم، وهو ما تنتظره المليشيا بفارغ الصبر للمساومة وتبادلهم بأسرى حرب، وابتزاز أهاليهم والضغط من خلالهم على سير المفاوضات باتجاه يخدم الجماعة لا أكثر.

علماً أن هناك شخصيات وقيادات سياسية وعسكرية بارزة، إلى جانب عشرات الصحفيين والناشطين الذين تم اعتقالهم من بيوتهم وأماكن عملهم منذ بداية الانقلاب وما زالوا حتى اللحظة في سجون المليشيا.

مئات التقارير أثبتت أن السجون التي يستخدمها الحوثي غير مؤهلة، وأن معظمها يفتقر إلى أبسط الخدمات، هذا غير السجون التي استحدثتها المليشيا في المدن الواقعة تحت سيطرتها نظرا لزيادة عدد المعتقلين، إلى جانب تعمدها ذلك لإبقاء المعتقل بعيداً عن الأنظار.

وتعد العاصمة صنعاء ومحافظات تعز والحديدة وذمار وحجة وعمران أكثر المدن التي تعج بالمعتقلين.

زيادة عدد المتسولين

أغلقت مليشيا الحوثي كل الأبواب أمام الحالة الإنسانية التي يمر بها المواطن، حيث تقول التقارير إن المليشيا احتكرت جميع الأعمال الخيرية والإغاثية وجعلتها محدودة بأيد تتبعها، وأنها أغلقت حوالى 30 جمعية في صنعاء خلال يومين بعد رفضها دفع نسبة لصالح دعم الجبهات.

ووفقاً للأمم المتحدة فإن ما يقرب من 75 في المائة من اليمنيين بحاجة للمساعدة والحماية، ويفتقرون إلى الأمن الغذائي، وأن معظمهم يعيشون على وجبات محدودة لا تكفيهم لليوم التالي.

كل ذلك أدى إلى ارتفاع حالات التسول أوساط اليمنيين بشكل ينذر بمجاعة، وقد وجهت العديد من الاتهامات لمليشيا الحوثي بنهب مقدرات المواطن من ضمنها المساعدات الغذائية، وخنق المدن بافتعال أزمات متلاحقة.

كما تؤكد التقارير التي ترفعها بعض المنظمات والصحفيين، بصورة مستمرة من داخل اليمن، بأن لا شيء ينمو إلا عدد المتسولين والمقابر، وقد شهدت المدن الواقعة تحت سلطة الجماعة زيادة مخيفة منذ اجتياح العاصمة صنعاء قبل 4 سنوات، حيث ارتفع عدد المتسولين بحسب دراسات محلية لعدد 8 محافظات، على سبيل المثال في العاصمة صنعاء قفز عدد المتسولين إلى أكثر من 200 ألف متسول ومتسولة من جميع الأعمار، وأن نسبة كبيرة منهم دون سن 18، بحسب إحصائية لأكاديميين مختصين بالسكان.