"الحاج زيد".. ستيني يعول 5 أسر بعد أن قتل الحوثي أبناءه الخمسة

متفرقات - Wednesday 18 March 2020 الساعة 10:55 am
نيوزيمن، جلال محمد:

دخلت الحرب في اليمن عامها السادس تاركةً آباء بلا أبناء، وأبناء بدون آباء، وزوجات يعشن المأساة وهن ما زلن في مقتبل العمر، بعد أن التهمت الحرب أزواجهن.
وتحدث لـ"نيوزيمن"، عبدالكريم حسين، أحد سكان صنعاء، عن معاناة أحد جيرانهم في الحي، بعد أن فقد خمسة من أبنائه في جبهات مليشيا الحوثي، وكيف أصبح الأب "الطاعن في السن" متحملا مسؤولية خمس أسر لم يكن يوماً يتوقع أنه سيحتمل هذا الحمل الشاق.
يقول عبدالكريم، بدأت مأساة الحاج "زيد" بمقتل الابن الأكبر، الذي كان يعمل خطيبا في أحد جوامع صنعاء، قبل أن ينخرط في جماعة الحوثيين، وقتل في منتصف 2015 في محافظة عدن، وكأن موته كان كلمة السر لإخوانه بأن يلحقوا به رغم معارضة والدهم لذلك.
وفي كل عام كان يقتل أحدهم "عاطف - أحمد - محمد - ومؤخراً سليم الذي قتل في الجوف منذ أسبوع"، وجميعهم تركوا أبناءهم ونساءهم عبئاً مضافاً لوالدهم، الذي بقى وحيداً لا ولد له إلا ثلاث بنات! مضيفاً: نشعر بالحسرة والألم عندما نراه في حالة ذهاب وإياب للسوق لشراء احتياجات العائلة الكبيرة.. نقوم بمساعدته ولكن بكل تأكيد لسنا في كل وقت حاجته موجودين.
نجود أحمد -أرملة وأم لطفل لا يتجاوز عمرها 22 عاماً- وجدت نفسها بعد عامين من زواجها أرملة لأحد ضحايا الحرب وأماً لطفل لن يراه والده وهو يخطو خطواته الأولى.
تقول نجود أحمد (اسم مستعار بسبب تحفظها عن هويتها)، لم يكن زوجي مؤمناً بالحرب وتجارها رغم أنه كان جندياً في إحدى الوحدات العسكرية في العاصمة صنعاء، ولكن بعد أن تم تهديده بفصله نهائياً إذا لم يحضر دورة ثقافية، وبناءً على نصيحة أصدقائه الذين قالوا له "سر للدورة من شان ما يفصلوك" ذهب وتم عقد دورة ثقافية ومن ثم عسكرية وغاب عن البيت شهرين، وعندما عاد كان في حالة متغيرة تماماً عما كان عليه "كثير الشرود، يتحدث عن القتال".
تضيف نجود، ذهب زوجي لجبهة الضالع، ليعود إلينا جثة متفحمة، حينها لم أصدق الأمر من هول الصدمة بفقدان زوجي، ونظراً للمسؤولية الكبيرة التي أتحملها تجاه طفلي.
مجتمع لا يرحم 
يرى مجتمعنا في المرأة التي "توفي" زوجها مجرد أرملة ليس لها إلا الستر، وكلمة الستر هنا مفهوم ينطوي تحته تضييق لا حد له، وخيار محدود لا سواه ويتمثل في أن تتزوج بشقيق زوجها المتوفى وحتى وإن كان يصغرها بأعوام، وكأنها مجرد “سلعة” تم شراؤها ويحق لهم نقل ملكيتها من واحد لآخر، غير آبهين بمشاعرها ومعاناتها التي تشعر بها نتيجة فقدانها لزوجها.
تروي نجود أحمد معاناتها، لنيوز يمن، قائلة: "لم يمض على وفاة زوجي أربعة أشهر حتى جاءت والدة زوجي وأبوه وأخواته يقولون إنهم قرروا بالتشاور مع أهلي أن يزوجوني بأخ زوجي رغم أنه أصغر مني بخمسة أعوام، ولا أراه إلا أخا صغيرا لي، وكما هو حالة "الأرملة" يكون التبرير بأنهم لا يريدون أبن ابنهم يتربى عند غريب.
تمضي نجود في حديثها والدموع تملأ عينيها، أنا فقط أريد أعرف لماذا يفكرون أن ابني سيتربى عند "الغريب"، أنا لا أريد أن أتزوج، خلاص يكفي تجربتي الأولى، تزوجت عن حب وعشت عامين من أجمل أيام حياتي، ولكن تلك الأيام انتهت بموت زوجي.. ولا أريد أن أدخل أي تجربة أخرى، فقط أريد أن أعيش لأجل ابني، وعلى ذكرى والده.
وفي ظل رحى الحرب التي ما زالت تدور لتسحق كل يوم أرواحاً أخرى لتضاف لقائمة من سحقوا، تظل المرأة اليمنية تعيش المعاناة منفردة دون أي مراعاة أو مساندة، وخصوصاً من فقدت زوجها وأصبحت "أرملة"، وهو ما يجعلها تعاني الاكتئاب والقلق والاضطرابات التحولية التي تجعل الأسر تظنهن أصبن بمس أو سحر.