الحوثي وبرامج الثأر من الجمهورية اليمنية.. "أحفاد بلال" وجرائم يحيى بن الحسين وخُمس الهاشميين

تقارير - Thursday 09 July 2020 الساعة 11:55 am
صنعاء، نيوزيمن، فارس جميل:

عملت الإمامة خلال قرون من الحكم والحرب والدمار على طمس الهوية اليمنية التاريخية، وأخفت ومنعت طباعة كتب التاريخ اليمني لتروج نظرية الولاية وأحقية قريش والهاشميين بالحكم دون سواهم، حتى دفعتها الحاجة الملحة للسماح بطباعة بعض الكتب مطلع القرن العشرين، فقط لتحفز اليمنيين على قتال الأتراك والبريطانيين بعد أن خف اندفاعهم للقتال تحت راية طائفية، وبعد تكريس الهوية الوطنية اليمنية نتيجة جهود الحركة الوطنية اليمنية، عاد الحوثي للحديث عن نشر الهوية الإيمانية التي لا يهمه منها سوى ترويج وتكريس مبدأ الولاية الذي يمنحه حق حكم 30 مليون يمني، هبط عليهم ببرشوت التراث الديني المزيف الذي يلبي مصالحه وأطماعه، ليحتكر الدين ويوزع صكوكه على أتباعه دون سواهم، فأين فكرة الدولة من خطاب رجل لم يقف لتحية علم الجمهورية مرة واحدة في حياته؟

لا يوجد شعار واحد لجماعة الحوثيين يتضمن كلمة اليمن أو الجمهورية، ويتم فرض هوية طائفية على أجيال بكاملها تردد شعار صرخة الكراهية، ولا تقيم وزناً للنشيد الوطني!!

ناضل اليمنيون عقوداً لتخليص دولتهم من قبضة الإمامة، وقاموا بثورة منحوها أرواح الآلاف منهم في 26 سبتمبر 1962، جاء الحوثي ليقوم بترميم قبر الطاغية أحمد بن حميد الدين، وينشر كتاباً عن هذه الثورة العظيمة باعتبارها انقلاباً عسكرياً!!

ظهر عبدالعزيز بن حبتور، الأكاديمي الذي تعلم في ظل دولة جمهورية منحته المناصب والمكانة والثروة والحياة الكريمة، ليترأس فعالية باعتباره رئيساً للحكومة الحوثية بصنعاء، ليناقش توجيهات رجل الكهف بدمج من سماهم (أحفاد بلال) كتسمية تصادر وطنيتهم اليمنية، وغاب عن أي فعالية أو اجتماع يناقش مرتبات موظفي القطاع العام تحت سيطرة الجماعة، ولا يتجرأ على انتقاد أصغر مسلح حوثي يبتز المواطن ويهينه ويعتقله خارج أي قانون، هل هناك دولة تحول رئيس أهم جامعة يمنية إلى مجرد مراسل لدى رجل ينظر للجامعة كمؤسسة للانحلال والاختلاط والفساد الأخلاقي؟!

تبث إذاعات الحوثي المحلية مسلسلات وبرامج تمجد جرائم يحيى بن الحسين وسلالته، وتجبر مواطنا في ريمة على ترديد وصف "الإمام الشهيد" والمذيع يملي عليه خطايا الجمهورية التي قال إنها لم تتجاوز صنعاء، بينما تعتبر المقاومة اليمنية لجبروت أي إمام تمردا، لأن الإمام يحكمها بتفويض إلهي ولو قتل ونهب وأفتى بقتل ونهب جميع اليمنيين الذين يخالفون مذهبه، حتى لو خضعوا لسلطته، هل هذه هي الهوية الإيمانية التي يريد الرجل فرضها؟

في مرحلة أصبح فيها الحديث عن الدمج الاجتماعي معيباً لأنه يتناول مجموعة ضيقة من السكان كقبيلة أو منطقة بعينها أولا، ولأنه يتم بتدخل طرف ثالث فهو دمج وليس اندماجا طوعيا واعيا ثانيا، وبينما يتحدث العالم عن الاندماج الوطني لكل أطياف ومكونات البلد كهوية وطنية واحدة تحكمها قوانين الدولة والحقوق والواجبات المتساوية، جاء الحوثي بتقليعة دمج من سماهم (أحفاد بلال) بطريقة هزيلة استعراضية مكشوفة، وكأنه يتكرم على فئة من الشعب بدمجهم مع إخوانهم اليمنيين، وهم جزء أصيل منهم، منذ ما قبل قدوم الفار يحيى بن الحسين الرسي من قريش إلى اليمن بعد المرور بطبرستان في القرن الثالث الهجري.

الأمر الآخر أن خطابا كهذا صدر من شخص لا يمثل أي سلطة ولا صفة أمام اليمنيين، وإنما هو رئيس جماعة طائفية اغتصبت السلطة ومؤسسات الدولة اليمنية، وتدعي أنها سلالة أعلى شأنا ومكانة من كل اليمنيين.

منح الحوثي من يدعي تحدرهم من سلالة علي بن أبي طالب 20% من موارد الدولة، في قانون انقلب عليه أصلا بتأسيس هيئة زكاة تابعة لأحمد حامد وشركاه، وألغى مصلحة الواجبات اليمنية التي كانت تخصص أغلب موارد الزكاة للسلطات المحلية لتعود على أبناء كل منطقة، وحولها إلى موارد مركزية يحتكر إنفاقها وتوزيعها على من يريد وكيف يريد، أليست هذه سرقة واضحة وصريحة لأموال اليمنيين، ومخالفة جوهرية لدستور دولة اليمنيين الذي ينص على المساواة بين جميع أبناء هذه الدولة دون تمييز من أي نوع، وهل لا يزال هناك فقراء من سلالة استولت على كل المناصب والمصالح بشكل صارخ ووقح وغبي، إلا من رفض التورط في ممارسات وخطاب الجماعة، وتعامل كمواطن يمني يحترم نفسه، وهذا لن يحصل على شيء؟!

كان كبار شيوخ القبائل يخاطبون الطاغية ابن حميدالدين في رسائلهم بـ"مولانا الإمام حفيد الرسول وحامي الدين"، ويختتمون الرسالة بوصف أنفسهم بـ"مقبل أقدامكم، وربيب نعمتكم"، هل يريد رجل الكهف إعادة هذه الممارسات الغابرة والعنصرية؟

أرسل محمد البدر آخر حكام سلالة بيت حميد الدين إلى عمه الحسن بن يحيى حميد الدين قبل ثورة 26 سبتمبر بأيام، وعرض عليه العودة لليمن لمواجهة أكبر المخاطر في رأيه، وهو تراجع حب (آل البيت) في اليمن وخاصة مناطق شمال الشمال التي هي حاضنة الأئمة تقليديا، وهذا ما تقوم به الجماعة وعناصرها، فالسلالة المزعومة هي الدولة والدين والوطن، ومن أنكرها نفوا وطنيته ويمنيته وإسلامه، هل هذه هي دولة عبدالملك وشركاه؟!!

إذا تحدث اليمنيون عن المرأة، قال لهم الحوثي: المرأة فاطمة جدتنا، وهي القدوة وعليكم الخضوع لنا لأننا أحفادها وهي بنت الرسول، وأي ولاء لغيرها يخرجكم عن ديننا!!

إذا تحدثوا عن البطولة، قال لهم الحوثيون: البطل هو الحسين ونحن أبناؤه وعليكم الخضوع لنا!!

إذا تحدثوا عن الحقوق، قال لهم: الحكم حقي أنا ولا حق لكم غير طاعتي!!

إذا تحدث اليمنيون عن التعددية والانتخابات كوسيلة للوصول إلى السلطة بموجب الدستور اليمني، قال لهم: حديث الغدير هو الدستور، والولاية هي الانتخابات!!

إذا تحدثوا عن الأحزاب، قال لهم: نحن مسيرة قرآنية ولسنا حزبا، ولا حزب إلا حزب الله، ومع ذلك يتحدث عن الشراكة!!

إذا تحدثوا عن المرتبات، قال لهم: المرتبات ليست مهمته، وإنما مهمة حكومة هادي، وهو لا يعترف بهذه الحكومة أصلا إلا عند المطالبة بالمرتبات!!

يتحدثون عن عدم حقه في تحصيل رسوم الضرائب والجمارك، لأنها من وظائف الدولة التي تدفع المرتبات للموظفين، وتوفر الخدمات، فيقول لهم: أنتم مرتزقة، ونحن في حالة حرب نحميكم ونحافظ على سيادة البلاد، فهل الحماية تستدعي اعتقال المواطنين من أي طفل حوثي، وهل السيادة تقتضي نهب أموال المواطن والتنصل من حقوقه؟

يتحدثون عن الفساد وانتشار آخر موديلات السيارات الفارهة بين أتباع الحوثي، في ظل انتشار المجاعة بين الشعب، فيقول لهم: نحن في حالة حصار، وكأن السيارات تهطل مع الأمطار الموسمية ولا تدخل من المنافذ!!

يتحدثون عن الإهانة وكيف أن مشرفي الجماعة يجبرون محطات الوقود عن خلقهم أي أزمة فيها، أن يعملوا لساعات محدودة فقط كل يوم، وأن يقوموا بتشغيل طرمبة تعبئة واحدة في المحطة حتى يطول طابور السيارات وزمن الانتظار، وتعب السائقين، فيقولون لهم: أنتم مرتزقة تخدمون (العدوان)، وهل هناك عدوان أكبر وأشد وضوحاً مما تقوم به الجماعة؟!

فما هي الدولة التي يتحدث عنها وهو يهد كل أركانها من المواطنة المتساوية إلى أبسط الحقوق الأصيلة كحق الحياة بكل واجباته!!

كان صالح هبرة أبرز الوجوه السياسية للجماعة، ووافق على تحولها إلى حزب سياسي بموجب الدستور اليمني في اتفاقية الدوحة 2008، واليوم يقبع تحت الإقامة الجبرية بعد إزاحته من كل مناصبه وصفاته، وبدلاً من كونه أحد أبرز مؤسسيها، تحول إلى منتقد لممارساتها الفاسدة والعنصرية كيمني اكتشف خطأه متأخراً!!

كان محمد عزان شريك حسين الحوثي في تأسيس تنظيم الشباب وأبرز المنظرين الفكريين للمذهب الزيدي، فتعرض للمضايقة والملاحقة حتى فر من البلاد، بعدما رأى أن الجماعة خرجت عن كل خطاب منطقي وبلغت ممارساتها درجة كارثة من العنصرية التي تدمر اليمنيين وتزيف الخطاب الديني وأحاديث النبي ذاته، بعد أن اكتشف خطأه متأخراً أيضاً، فتعرض لحملات تشكيك وتخوين من تلاميذه ذات يوم!!

فإذا كنت ستتخلص وتقمع من يعارض رأيك وممارساتك ولو كان من داخل جماعتك، فكيف ستتعامل مع باقي المواطنين، وأين أنت من دستور دولة حفظ حق كل مواطن في التعبير عن رأيه؟

ما هي الدولة التي يريدها عبدالملك وشركاه، في ظل كل هذا؟

هل يمكن لعصابة منظمة بأفكار عنصرية طائفية، وسلاح موجه إلى صدور اليمنيين، أن تتحول إلى دولة، أو حزب سياسي يخضع لقوانين دولة اليمنيين؟

لا يوجد عاقل قرأ ورقة واحدة من التاريخ يتوقع ذلك، أو يصدقه.

إن فكرة (الولاية) وحدها، عدوان كامل على كل حق لليمنيين بعدها، لأنها تقسم اليمنيين إلى سادة وأتباع، وما ينتج عن هذا الادعاء الزائف مجرد تفاصيل.

إن السيطرة على السلطة بقوة السلاح وحدها، عدوان كامل على كل حق لليمنيين كفله الدستور والقانون، وما ينتج عنها من ممارسات مجرد تفاصيل.

حتى الاحتيال باسم الدولة، وأداء اليمين الدستورية من قبل من يعينهم الحوثي في مناصب الدولة اليمنية خيانة كاملة الأركان للدستور والقانون، فليس لهذه الجماعة صفة دستورية، إلا كجماعة طائفية مسلحة يعتبر الانتماء إليها خيانة كبرى وجريمة يعاقب عليها القانون.