وسط تحذير دولي.. أزمة الصومال تتعمق بتدخل الإخوان وسحب الثقة من خيري

تقارير - Sunday 02 August 2020 الساعة 09:36 am
نيوزيمن، وكالات، تقرير:

دخلت الصومال منعطفا جديداً من أزمتها السياسية إثر إيعاز الرئيس الصومالي، فرماجو، لمجلس الشعب؛ بسحب الثقة من  رئيس الوزراء، حسن خيري، السبت الماضي بطريقة مخالفة للدستور مما اثار ردود افعال رافضة داخليا وتنديد اقليمي ودولي واسع .

وجاء القرار في وقت تشهد فيه البلاد أزمة سياسية حادة بين الحكومة الاتحادية، برئاسة فرماجو، والأقاليم الصومالية، التي تمتع باستقلال كبير، وفق نظام الدولة الفيدرالي.

وتدور الأزمة السياسية في الصومال حول نظام الاقتراع، وموعد الانتخابات  الرئاسية والبرلمانية المقبلة.

ففي شهر(ديسمبر) من العام الجاري، تنتهي ولاية البرلمان الصومالي، بغرفتيه الشعب والشيوخ، وتنتهي ولاية الرئيس، في فبراير العام المقبل.

ويسعى الرئيس فرماجو، الذي يتمتع بدعم قطاع واسع من النواب البرلمانيين، إلى تأجيل الانتخابات لمدة عامين؛ وهو أمر ترفضه كافة أحزاب المعارضة، والولايات، وكذلك المجتمع الدولي الداعم.

تعقيد المشهد السياسي

وجاءت إقالة رئيس الوزراء، حسن خيري، لتزيد المشهد في البلاد تعقيداً؛ حيث تعاني من اضطرابات أمنية وسياسية كبيرة، في ظلّ اتهام المعارضة للرئيس، فرماجو، بالسعي للاستئثار بالسلطة، على حساب استقرار البلاد.

وسبق إقالة خيري تأجيل مؤتمر وطني، يجمع الحكومة الاتحادية ورؤساء الأقاليم؛ للتباحث في الأزمة السياسية، وكان خيري من أشدّ الداعمين للتفاوض وحلّ الخلاف.

خلافات حول نظام الاقتراع

ولا تتفق القوى الصومالية على شكل الاقتراع المناسب للدولة؛ فبينما يريد فرماجو إقرار نظام الاقتراع المباشر، ترفض معظم القوى السياسية والولايات ذلك، وتطالب باستمرار نظام 4.5 العشائري؛ الذي بموجبه يتمّ تحديد المندوبين الذين سيصوتون لمجلس النواب، وتختار أقاليم البلاد أعضاءها للمجلس الأعلى، ويجمع هذا بين النظام العشائري التقليدي والتصويت الجغرافي.

وشاركت الحكومة والأقاليم في حوار وطني، في مدينة دوسمريب، عاصمة ولاية غلمدغ، التي تشهد أزمة كبيرة مع الحكومة؛ بسبب سياسات فرماجو، وبدأ التفاوض منذ بداية الشهر الماضي، وكان من المقرر افتتاح مؤتمر الحوار بشكل رسمي، الإثنين 21 يوليو، لكن تقرّر تأجيله إلى أجل غير معلوم.

تعليق خيري

من جانبه؛ أعلن خيري استقالته من رئاسة الحكومة، واتهم فرماجو بالإطاحة به لاطالة بقائه في السلطة، ودعا إلى العمل على إجراء انتخابات حرة ونزيهة في البلاد، والحفاظ على التداول السلمي للسلطة، وعدم جرّ البلاد إلى الأزمات السياسية والأمنية، وفق ما نقله موقع "الصومال الجديد".

رفض أحزاب المعارضة 

وفي السياق ذاته؛ دانت أحزاب المعارضة إقالة خيري، ووصفتها بغير الدستورية.

 واتهم منتدى الأحزاب الوطنية المعارض فرماجو بعرقلة قرارات مؤتمر "دوسمريب" التشاوري، والتمهيد للبقاء في السلطة بشكل غير دستوري، وفق ما نقله موقع "الصومال الجديد".

رفض اقليمي ودولي

في غضون ذلك، ندد المجتمع الدولي  بالكريقة التي اتبعها مجلس الشعب لسحب الثقة من رئيس الوزراء حسن خيري .

 جاء  ذلك في بيان مشترك وقعت عليه أكثر من عشر دول ومنظمات دولية بينها 

الأمم المتحدة، الإتحاد الأفريقي، الإتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، كندا، و الصين .

وحذرت الاسرة الدولية من تداعيات القرارات أحادية الجانب، مؤكدة أن تلك القرارات تفتقر إلى الشرعية.

وابدت الدول والمنظمات الموقعة على البيان قلقها البالغ في أن تؤدي التطورات السياسية الأخيرة بما في ذلك عزل مجلس الشعب  لرئيس الوزراء إلى تقويض الجهود المبذولة لخلق جو من التفاهم بين الشركاء السياسيين الصوماليين من أجل أن تكون الانتخابات المقبلة والمقرر إجراؤها قريبا في الصومال تحظي برضا الجميع.

وشددت الأسرة الدولية علي ضرورة توسيع المشاورات لتكون شاملة وذلك للتوصل إلي توافق بشأن نوع الانتخابات في الصومال نهاية العام الجاري وبداية العام المقبل.

ورحبت في ذات الوقت بالنتائج التي تمخض عنها مؤتمر دوسمريب التشاوري في 22 يوليو معتبرة أنها كانت تشكل خطوة مهمة نحو تحقيق ذلك الهدف.

وحث الشركاء الدوليون في بيانهم المشترك رؤساء الولايات الإقليمية وقادة الحكومة الفيدرالية علي احترام الاتفاقات التي تم التوصل إليها في مؤتمر دوسمريب والجداول الزمنية لعقد المزيد من المؤتمرات التي ستجمع بين الحكومة الفيدرالية والولايات الصومالية وقيادة البرلمان الفيدرالي والأحزاب السياسية وممثلي المجتمع المدني.

وأوصى المجتمع الدولي في بيانه الأطراف المعنية بالإسراع في تعيين اللجنة الفنية التي ستقدم توصيات تتعلق بنموذج ومسيرة الانتخابات في البلاد متعهدة بتقديم الدعم اللازم لذلك.

وكانت سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في مقديشو  أصدرت في وقت سابق بيانا حذرت فيه أن ما حدث من تصرفات الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو ومجلس الشعب في سحب الثقة عن رئيس الوزراء يزيد من التوترات السياسية في البلاد ويقوض عملية الحوار والمفاوضات الجارية بين حكومة الصومال الفيدرالية والولايات الأعضاء فيها وأصحاب المصلحة الرئيسيين الآخرين.

بينما أعرب الاتحاد الأوروبي عن خيبة أمله إزاء التطورات الأخيرة في الصومال التي شهدت  حجب الثقة عن حكومة رئيس الوزراء حسن خيري واصفا ما حدث بأنه خطوة غير دستورية.

وقال نائب رئيس الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل في بيان إن سحب الثقة من حكومة خيري يشكل انتكاسة للصومال، مشيرا إلي أن تلك الخطوة لم تستوف الحد الأدنى من المتطلبات القانونية .. منبها أنها تقوض ثقة الاتحاد الأوروبي في الصومال.

وأشار بوريل إلى أن تغيير الحكومة في مقديشو سيعرقل التقدم المحرز حتى الآن بما في ذلك الاتفاقات بين الحكومة الفيدرالية والولايات.

الرئاسة تتحدى المجتمع الدولي 

وعلى الرغم من الرفض المحلي والدولي .. واصل الرئيس الصومالي، فرماجو، اجراءته ووافق على قرار مجلس الشعب باقالة خيري وكلف نائبه، مهدي  جوليد، بتصريف مهام الحكومة، في خطوة تشبه قرار الرييس التركي رجب أردوغان بالإطاحة برئيس وزرائه، داود أوغلو، تمهيداً للانفراد بالحكم.

وبحسب مراقبين ستصبّ إقالة خيري،  مزيداً من الزيت على نار الفرقة في الصومال.

وتعليقاً على قرار إقالة خيري، يقول المستشار السياسي السابق لرئيس إقليم بونت لاند، عبد الفتاح محمد: "إقالة خيري جاءت على خلفية خلافاته مع الرئيس، الذي يتمسّك بسياسته الأحادية، ويريد الاستئثار بالسلطة، بينما خيري أقرب إلى تفهم مطالب الأقاليم".

ويوضح عبد الفتاح، لموقع "حفريات" الاخباري؛ أنّ "الرئيس، فرماجو، يريد الالتفاف على النظام الفيدرالي، وتقليص صلاحيات الولايات، والقبض على السلطة بيد من حديد، مثل أيّ ديكتاتور آخر عرفته البلاد من قبل".

  تركيا وقطر والاخوان تعمق ازمة الصومال

الصحفي الصومالي، المتخصص في الشؤون الأفريقية، عبد الفتاح موسى كشف ل"حفريات" ان : "هناك يد تركية، مع حليفتها الخليجية قطر ، في إدارة المشهد السياسي في الصومال، وخلق حالة الصدام؛ لتهميش قوى المعارضة التي لا تسير في فلكهما (التنظيم الدولي للإخوان المسلمين )".. موضحا  ان جماعة الاهوان تدير المشهد السياسي والامني عبر  فهد ياسين، مراسل "الجزيرة" السابق، الذي أصبح مديراً للمخابرات العامة.

وبين ان الرئيس فرماجو (المدعوم من تركيا وقطر والاخوان) يريد الالتفاف على النظام الفيدرالي، وتقليص صلاحيات الولايات، والقبض على السلطة بيد من حديد، مثل أيّ ديكتاتور آخر عرفته البلاد من قبل ،في وقت اصبحت سياساته تجابه برفض الولايات التي تحولت الى معارضة للحكومة الاتحادية، وباتت ترفض تولي فرماجو فترة ثانية، خصوصاً إقليمَي؛ بونت لاند وغلمدغ.

ويرجّح الباحث محمد عز الدين، في حديث لـ "حفريات"؛ أن تكون هناك توصيات من تركيا، ومن دولة خليجية حليفتها، لإقرار نظام الاقتراع المباشر في هذا الوقت؛ لضمان التحكم في الانتخابات، وحصول فرماجو على فترة رئاسية ثانية.

ويقول عز الدين: "في الاقتراع المباشر، ستحدّد الفئة القليلة التي ستتمكن من بلوغ صناديق الاقتراع مستقبل البلاد، بالطبع؛ ستكون في المناطق التي يسيطر عليها الجيش وقوى الأمن، الذين تتحكم بهم تركيا وحليفتها الخليجية قطر".

أخونة الصومال

ولا تنفصل الأحداث السابقة عن وجود تركيا، وحليفتها الخليجية، في الصومال؛ في ظلّ ارتباطهما بمصالح كبيرة مع الرئيس فرماجو وحزبه، والتي ستصبح مهدّدة في حال وصول المعارضة إلى الحكم.

القاعدة العسكرية التركية في الصومال


ويتهم الباحث عز الدين تركيا وحليفتها الخليجية بالسعي لأخونة الصومال، على حساب الوضع فيه؛ من أجل خدمة مصالح تركيا والإخوان.. مذكرا بان  تركيا كانت أنشأت قاعدة عسكرية كبيرة في الصومال، في 2017، وتتولى حاليا تدريب الجيش والشرطة في البلاد.