ذراع إيران تدفن القضايا بالتحكيم.. حقوق ضائعة لضحايا الأخطاء الطبية بصنعاء

السياسية - Thursday 19 November 2020 الساعة 11:01 am
صنعاء، نيوزيمن جلال محمد:

أصبحت قضية الأخطاء الطبية هاجساً مقلقاً للمرضى بصنعاء بعد تزايد معدلاتها بتشجيع الذراع الإيرانية والتي تضغط على ذوي الضحايا لقبول تحكيم المستشفيات من أجل دفن القضايا.

واطلع "نيوزيمن" على تفاصيل واقعة تعود للمواطن أحمد قاسم، محافظة المحويت، والذي كان يعاني من مرض القلب والسكر وأسعف إلى كبرى المستشفيات الخاصة في العاصمة صنعاء.

بعد تعرضه لـ "كومة سكر" حادة، دخل في غيبوبة، وبعد مرور أسبوع بدأ يستعيد وعيه ويتحسن قليلاً، ليتفاجأ ابنه "كمال" بدعوته إلى إدارة القسم ليخبروه أن والده فارق الحياة.

يقول كمال "أبلغني المستشفى الألماني الحديث أن والدي توفي، وعليه تكاليف، تقدر ب 800 ألف ريال، ولكن سرعان ما فضح أمرهم عندما اخبره أحد الممرضين وهو من المعروفين لديه، أن والدي تعرض لخطأ طبي سببه حقنه بإبرة خاطئة لا تتناسب مع مرض القلب الذي يعاني منه، وأن الممرض "فهم توجيه الدكتور" بصورة خاطئة.

وأضاف: بعد أن عرفت رفضت إخراج جثة والدي وطالبت بتشريحها لمعرفة سبب الوفاة، وتم استدعائي لإدارة المستشفى وتهديدي بأنني سوف أتحمل مصاريف الثلاجة ورد اعتبار للمستشفى، إلا أنني أصررت على موقفي وأبديت استعدادي لتحمل الأعباء.

ودفع الأمر بإدارة المستشفى لمحاولة اختلاق الاعذار وأنه خطأ غير مقصود وأنه سوف يتم احالة الممرض للتحقيق، ويتم إعفائي من بقية التكاليف ويتحملون مصاريف نقل الجثة والعزاء، ولكن رفضنا ذلك واتجهنا للمحاكم لرفع القضية على المستشفى.

ولأن المستشفى يقع تحت سيطرة الذراع الإيرانية تدخل أحد مشرفيهم من أجل التحكيم وضغط بقوة على الأسرة للتنازل بحجة "الممرض عاده متدرب وجل من لا يسهو".

والد صفوان علي سعيد -مواطن من أبناء تعز- تعرض ايضا لخطأ طبي في مستشفى العلوم والتكنولوجيا الخاضع لسيطرة ذراع إيران في صنعاء، عبارة عن نسيان "شاش" داخل بطنه.

يقول صفون، إن الأطباء قرروا إجراء عملية استئصال المرارة، ورغم المبلغ المالي الذي طلبوه ظل الوالد يعاني من الألم، وعند العودة بعد شهر من العملية طالب الدكتور عمل كشاف للوالد ليتضح جسم غريب في بطن والدي، عبارة عن "قماش شاش".

وبكل وقاحة تكفل المستشفى بالعملية الثانية وطلب منا التنازل عن المحضر الذي كنا قد عملناه في قسم شميلة ضد المستشفى، بحجة أنها قد "فصلت الدكتور".

وأبدى عدد من المواطنين استياءهم من تكرار الأخطاء الطبية في مختلف المستشفيات، لافتين إلى أن بعض الأخطاء تصل إلى حد الوفاة أو الإعاقة الدائمة، بسبب قلة الخبرة لدى الأطباء وضعف التجهيزات لدى المشافي الخاصة.

وزادت الأخطاء الطبية بشكل كبير منذ سيطرة الذراع الإيرانية على صنعاء، دون وجود قانون يحمي حقوق المرضى من ذوي الحالات الحرجة التي تخضع للعمليات.

ولم تسلم عمليات الولادة الطبيعية والقيصرية من الأخطاء الطبية، حيث إن نسبة الأطفال المصابين إما بتشوهات ازدادت كثيراً نتيجة الأخطاء الطبية أو عدم وجود الخبرة لدى الأطباء للتصرف مع حالات الولادة بشكل كاف.

ووجد نيوزيمن عند حديثه مع مجموعة من المواطنين الذين أخذ رأيهم في تقرير حول "الأخطاء الطبية" أن أغلب المرضى ليس لديهم أي معلومات أو وعي بحقهم القانوني في حال تعرضهم لخطأ طبي قد يتسبب بضرر لهم.

واعتبروا استمرار الأخطاء الطبية عائدا إلى عدم وجود عقوبات مشددة تنفذ ضد الأطباء، أو بسبب اعتماد المستشفيات على أطباء غير أكفاء مقابل "رواتب بسيطة" في حالة من الجشع والإجرام وبتعاون "قيادات وزارة الصحة في صنعاء" الذين يهمهم كما أفاد المواطنون الحصول على "الإتاوات" والمجهود الحربي لصالح مليشيا الحوثي دون أي اكتراث بحياة المواطن وما يتعرض له.

ومن جهته قال محمد عبد الله الأديب -من أبناء القفر محافظة إب- نطالب الجهات المعنية تشديد الرقابة على مهنة "الطبيب" والتأكد من أنه قادر على التعامل مع الحالات المرضية التي تتردد على المستشفيات بشكل يومي، مؤكدا أن الأخطاء والمشاكل الطبية ما زالت مستمرة وبكثرة ويعود سببها إلى الإهمال الطبي، وعدم وجود عقوبات تقع على المتسببين من الأطباء أو غيرهم.

وأكد على أن بعض الأطباء في المستشفيات لدينا ما زالوا بحاجة إلى التأهيل، وأن خطة تأهيل وتدريب الأطباء في الوقت الراهن أصبحت "مستحيلة في ظل سلطة يهمها الزلط وليس أرواح الناس".

وقال إن المستشفيات تجبرك على توقيع ورقة قبل إجراء العملية بأن المستشفى غير معني أو مسؤول لأي أمور قد تحصل ويتعرض لها المريض في حال إجراء العملية له، ولو أن هذه المستشفيات على ثقة من الطاقم الطبي لديها لما لجأت لإلزام المريض التوقيع على تلك الورقة التي تسقط حقه في حال تعرضه لأي إصابة أو ضرر نتيجة أي خطأ طبي.

أين الخبرة وإتقان العمل المهني اللذان لا نراهما لدى بعض الأطباء؟ يتساءل محمد الكوماني في حديثه لنيوزيمن، وأضاف: سؤالي هذا لا يعني أن كافة الأطباء ليست لديهم خبرة وهم يتسببون بأخطاء طبية كبيرة في المستشفيات، بل هناك أطباء من ذوي الخبرة ويطلبهم المرضى بالاسم إما لإجراء عمليات لهم أو إجراء الفحوصات اللازمة وتشخيص حالاتهم المرضية وصرف العلاج المناسب لهم.

وأشار الكوماني إلى أن عدم وجود جهات عقابية أو مكتب للتحقيق في كل مستشفى يجعل مشكلة الأخطاء الطبية تستمر، مطالبا بوجود مكتب للتدخل الفوري والتحقيق مع كل طبيب يبدر منه أي تصرفات أو أخطاء علاجية تسبب ضررا للمريض، وبالتالي هذا الأمر يؤدي بشكل مباشر إلى تحسين مستوى وأداء الخدمات الطبية في كافة المستشفيات.

أنواع الأخطاء الطبية

وفي هذا الصدد يقول الدكتور عبدالملك علي -جراح عام- إن الأخطاء الطبية نوعان (مرفقي، وشخصي) فالخطأ المرفقي، وهو الخطأ الذي يتسبب فيه المرفق العام (مستشفى حكومي، مستشفى خاص، عيادة خاصة)، فعلى سبيل المثال ما يخص أجهزة أو أدوية مهمة وحيوية يفترض توافرها في كل مرفق صحي، كما في حالة توفير عناية مركزة تحتوي على جميع الأجهزة الأساسية وتوفير الجهاز البشري القائم على إدارتها وتشغيلها في اي مستشفى توجد به غرف عمليات.

أما الخطأ الشخصي فهو الخطأ الفعلي والثابت باليقين الذي يحدث من طبيب أو جهاز طبي مساند لأمر معين، ففي حالة الطبيب يعتبر الخطأ الذي يرتكبه هو الفعل الذي ينتج عن إهمال في تشخيص أو علاج لمريض بسبب الجهل بالأمور الفنية الواجب معرفتها في مثل درجته العلمية والوظيفية، مما يترتب عليه ضرر بالمريض.

وهناك أخطاء طبية شخصية مثل الخطأ العلمي، فقد يأخذ الطبيب من جانبه كل أنواع الحيطة ويكون في منتهى الحذر، ولا يفوته الاستفادة من جميع الوسائل العلمية الممكنة في الفحص، ومع ذلك فهذا لا يمنعه من الوقوع في الخطأ خصوصاً في التشخيص. وهنا يكون الخطأ ناتجاً عن خطأ علمي.