يخبئ وجهها بغربال “سلطة أمر واقع”.. العالم كله يتحدث عن دور إيران في اليمن إلا جريفيث

تقارير - Tuesday 19 January 2021 الساعة 08:44 pm
عدن، نيوزيمن، أمين الوائلي:

على مدى ولايته مبعوثاً أممياً (دولياً) إلى اليمن، لم يسمع العالم لمارتن غريفيث كلمة واحدة فضلاً عن تصريح تجاه مسؤولية إيران في اليمن. هذه ليست مصادفة أو ما شابه، ولا هي حتى مفارقة، السلوك هذا منسجم تماماً مع خط ونهج المبعوث الذي كرس عمله ونفسه لإقناع العالم بحتمية الاعتراف بحقيقة الأمر الواقع الذي يقول إن المليشيات الإيرانية بات اسمها "سلطة الأمر الواقع في اليمن"، هكذا. هذا ما قالته إحاطات الرجل في مجلس الأمن، ونسجت على منواله المنظمة الدولية خطابها تبعاً للنهج المكرس.

لم يعد أحد في مجلس الأمن أو خارجه لا يقر بدور وتورط إيران في الحرب والصراع والأزمة اليمنية. وحده مبعوث مجلس الأمن والأمم المتحدة إلى اليمن دان وعرّض بالشرعية والتحالف غير مرة، لكنه لا يذكر المليشيات الحوثية (الإرهابية) والذراع الإيرانية في إحاطاته، إلا في مقام الشكر (للسيد الحوثي بالصفة والاسم)، فما بالك بسيد الحوثي وراعيه وصانعه ومصدر كل هذا الشر والإرهاب في المنطقة.

إيران غاضبة جداً من القرار الأمريكي المتأخر كثيراً بتصنيف مرتزقتها في اليمن منظمة إرهابية، أكثر حتى من الحوثيين أنفسهم. لكن غير المفهوم تماماً هو أن غريفيث غاضب بنفس القدر أيضاً، وجند الأمانة العامة والوكالات الدولية والمنظمات الأممية معه وخلفه في مسلسل من الضغوط والتحركات التي لم تهدأ ولن تتوقف حتى بعد دخول القرار حيز التطبيق.

من يستطيع أن يستخرج للمبعوث الأممي سطراً واحداً من موقف أو نصفه بعد الإعلان عن وصول الإرهابي الإيراني والضابط في الحرس الثوري حسن إيرلو إلى صنعاء بتلك الطريقة المثيرة للتكهنات، حتى إن واحدة من أهم الفرضيات تقول إنه وصلها على متن طائرة أممية بعلم وتيسير المبعوث. وعندما كان مضطراً للتعليق، صدرت تغريدة قصيرة باسمه ينفي فيها ما يشاع ويدعو وسائل الإعلام إلى تحري الحقيقة. والحقيقة هي أن المبعوث الأممي لم يجد حتى، في مناسبة مدوية وحدث خطير كهذا يغذي الصراع ويجاهر بالتورط الإيراني، مناسبة لذكر إيران ولو من باب الاستخلاص وموقع الوسيط.

غريفيث كان هو ممثل وسفير إيران بالأصالة في مناسبات عدة ومفصلية، لعل أبرزها وأكثرها صراحة وتأثيراً في الصراع ومسار الحرب برمتها تجسد في الحديدة وإنقاذ وكلاء وذراع إيران ومنع استكمال تحرير المدينة والموانئ. وفي ستوكهولم اكتمل قوس الولاء والخدمات الجزيلة لإيران. وإلى اليوم.

ومنذ ذلك اليوم، أفرغ غريفيث كل شيء من القيمة، الحرب والسلام والمشاورات والوساطة والمهمة الأممية في الحديدة وستوكهولم، وحصل عيال إيران على وقت طويل لإعادة الاستقواء وشن الحروب والهجمات في كل اتجاه وجبهة ومراكمة المكاسب العسكرية والميدانية.

خلال سنوات ولاية مارتن غريفيث ترتص الأحداث والتطورات في صف واحد مترابط ومتتابع الحلقات. مهمة غريفيث لم تكن أبداً إنهاء الحرب بل التمكين لإيران وحماية نفوذها والحيلولة دون اجتياح واكتساح ذراعها الحوثية. عوامل كثيرة ساهمت في تمديد الأزمة والحرب والمعاناة، على رأسها مارتن غريفيث ومن ورائه المملكة المتحدة، بالإضافة طبعاً إلى موقف الشرعية نفسها، فلولاها لما أمكنه أن يفعل كل ما فعل وكل ما يمكن أن يستمر في فعله.

والآن فإن غريفيث سوف يستمر في العمل مع الجماعة الإرهابية، وربما قابل حسن إيرلو في إحدى زياراته إلى صنعاء. قال لمجلس الأمن مؤخراً إنه مستمر في العمل مع (أنصار الله) بالتصنيف أو بدونه. لكن الشرعية اليمنية وحدها معنية بالإجابة على السؤال: إذا عُرف عذر غريفيث، فما عذرك أنت لاستمرار العمل والتعامل والتعاون مع الجماعة الإرهابية برعاية غريفيث وواسطته امتناناً للإيرانيين؟!