بعد نهبهم مليون دولار.. الحوثيون يخفضون أرباح ودائع البريد إلى 14%

الحوثي تحت المجهر - Wednesday 28 April 2021 الساعة 10:59 am
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

تأكيداً للخبر الذي انفرد به (نيوزيمن)، الأسبوع الماضي، عن قيام مليشيا الحوثي، الذراع الإيرانية في اليمن، باستقطاع مبلغ يصل إلى مليون دولار (ما يعادل 600 مليون ريال يمني) من إيرادات وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات والمؤسسات والهيئات التابعة لها وصرفها كمساعدات وإكراميات لقيادات المليشيات الحوثية في محافظة صعدة.. أعلنت الهيئة العامة للبريد والتوفير البريدي، الأحد، عن توزيع أرباح صندوق التوفير البريدي للعام 2020، بنسبة متدنية لم تتجاوز 14% مقارنة بنسبة أرباح بلغت 60ر15 بالمائة في العام السابق له 2019 ونسبة 15.50% في العام 2018م.

وكانت الهيئة تفاخر بأنها توزع على مدى أكثر من عقد أعلى نسبة أرباح، لم تحققها المصارف والبنوك اليمنية وتجاوزت في بعض الأعوام نسبة 16% قبل أن تسيطر مليشيات الحوثي على مؤسسات الدولة عقب انقلابها المسلح في 21 سبتمبر 2014.

ويعكس هذا التخفيض، أن قيادة مليشيا الانقلاب نهبت ما يقارب 2% من فوائد عام 2020 المستحقة للمودعين لدى صندوق التوفير البريدي من المواطنين والشركات التجارية في عموم المحافظات اليمنية.

وجرى الإعلان عن هذه النسبة المنخفضة من الأرباح هذا العام بطريقة مغايرة عبر إعلان مقتضب على صفحات البريد ووزارة الاتصالات الإليكترونية، وفي وسائل التواصل الاجتماعية دون إعلان التقرير المحاسبي السنوي لنشاط البريد في حفل رسمي وعبر وسائل الإعلام الرسمية وفقا لما جرت عليه العادة سنويا وما تقضيه الشفافية المالية لنشاطات المؤسسات المصرفية بحسب القوانين النافذة.

وفي آخر حفل إشهار لأرباح العام قبل الماضي 2019 أوضح مدير صندوق التوفير البريد فائز سيف عبده أن صافي أرباح الصندوق القابلة للتوزيع للعام الماضي وصلت إلى 15 مليارا و63 مليونا و714 ألف ريال، بزيادة قدرها ملياران و455 مليونا و860 ألف ريال عن 2018.

ولفت إلى أن موجودات الصندوق بلغت 69 ملياراً و184 مليوناً و293 ألف ريال بزيادة قدرها ثمانية مليارات و824 مليونا و470 ألف ريال عن 2018، فيما بلغت الإيداعات الجديدة ثلاثة مليارات و923 مليونا و449 ألف ريال بزيادة 920 مليونا و382 ألف ريال عن ذات الفترة.

ويأتي هذا التكتم سعيا نحو التستر على حجم الإيرادات الحقيقية حتى لا تتضح النسبة القانونية التي كان يفترض توزيعها على المودعين في صندوق البريد ولاخفاء الاختلاسات التي قامت بها مليشيا الحوثي ممثلة بوزير الاتصالات في حكومة الانقلاب مسفر عبدالله النمير ونائبه الدكتور هاشم الشامي وهما قياديان حوثيان يتسابقان في نهب موارد الوزارة وتسخيرها للمجهود الحربي لمليشيا الانقلاب ولاستثمارات شخصية لقيادات حوثية، حسب مصادر نيوزيمن في وزارة الاتصالات. 

وكانت تلك المصادر كشفت لنيوزيمن عن قيام مليشيات الحوثي، بصرف مبالغ مالية كبيرة من إيرادات الوزارة كمساعدات وإكراميات لقيادات المليشيات الحوثية في محافظة صعدة.

وقالت تلك المصادر لنيوزيمن: إن عملية الصرف التي تمت بتوجيهات من الوزير ونائبه جاءت بعد تلقيهم أوامر من زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي بضرورة قيام الوزارة بواجبها في دعم ومساندة من سماهم مجاهدي صعدة وشهدائها وجرحاها والوفاء لتضحياتهم من خلال صرف إكرامية رمضانية لهم باسم زعيم المليشيات.

ووفقاً للمصادر فإن الوزير ونائبه، وهما قياديان حوثيان، قاما باستقطاع مبلغ يصل إلى مليون دولار (ما يعادل 600 مليون ريال يمني) من إيرادات قطاعات الوزارة المختلفة التي تجني أرباحا مالية كبيرة نظير تقديمها لخدمات الاتصالات الهاتفية السلكية (الهاتف الثابت)، وخدمات الاتصالات الدولية (تيليمن)، وخدمات الهاتف النقال (يمن موبايل) وخدمات الانترنت والبريد.

ووفق تلك المصادر فإنه تم تحويل المبلغ إلى حساب خاص في بنك التسليف التعاوني والزراعي المركز الرئيس في العاصمة صنعاء، والذي قام بدوره بتحويل المبلغ إلى حساب خاص لفرعه في محافظة صعدة بغرض تسهيل استلام من سيحصلون على المساعدات المالية لها في مدينة صعدة نفسها، مشيرة إلى أن المستفيدين من المساعدات وحجم المبالغ التي يتحصلون عليها تتم وفقا لكشوف مرسلة من مكتب زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي تحت مسمى المكرمة الرمضانية لأبناء صعدة.

وحسب المصادر، فإن عمليات الصرف تتم لأسر وشخصيات معينة جميعهم من أسرة وأقارب زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي، وهاشميي صعدة المقربين من زعيم المليشيات والذين يتولون إدارة جهازه الأمني والاستخباراتي.

وأكدت المصادر أن هذا الأمر يتم بسرية تامة خوفا من ردة فعل احتجاجية قد يقوم بها منتسبو وموظفو وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات وقطاعاتها المختلفة بسبب ما يتعرضون له من مصادرة وهضم لحقوقهم من قبل قيادة الوزارة الحوثية، ورفضها صرف أي مساعدات أو اكراميات رمضانية لهم، ناهيك عن احتجاج وامتعاض بقية أبناء المحافظات الأخرى الخاضعة لسيطرة المليشيات الذين سيرون أن تفضيل أبناء صعدة عليهم من قبل قيادة المليشيات يكشف عن حقيقة النظرة العنصرية والمناطقية التي تمارسها المليشيات من زعيمها إلى أصغر قيادييها المنتمين لصعدة تجاه أبناء المحافظات الأخرى حتى ولو كانوا من قيادات وتابعي ومقاتلي هذه المليشيات.

وتأتي عمليات النهب التي تمارسها مليشيات الحوثي للأموال التابعة للقطاع العام في وقت تواصل فيه المليشيات رفض تسليم مرتبات الموظفين شهريا في مناطق سيطرتها منذ نحو خمسة أعوام، واقتصارها على صرف نصف مرتب كل نصف عام، فيما تؤكد المصادر أن الجبايات التي تمارسها المليشيات بشكل قانوني أو غير قانوني تصل إلى مبالغ خيالية سنويا.

وسبق وأكدت تقارير دولية سيطرة ونهب المليشيا الانقلابية لما يصل إلى قرابة ملياري دولار من الإيرادات والجبايات وصرفها لصالح قياداتها ولصالح ما تسميه بالمجهود الحربي.

الجدير بالذكر أن ثمة صراعاً متصاعداً بين المحسوبين على أسرة زعيم المليشيات وهاشميي صعدة ضد هاشميي المحافظات الأخرى وعلى رأسهم صنعاء وذمار وإب حيث بات أقارب زعيم المليشيات والهاشميين من صعدة يسيطرون على معظم إن لم يكن كل مناصب ومفاصل مؤسسات الدولة في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرتهم خصوصا المؤسسات ذات الطابع الإيرادي، فيما تم إقصاء كثير من الهاشميين من أبناء المحافظات الأخرى الذين تصدروا مشهد مساندة المليشيات منذ انقلابها على السلطة وسيطرتها على مؤسسات الدولة بالقوة في 21 سبتمبر 2014م، بعد أن كانت قيادة المليشيات قد أوكلت إليهم إدارة بعض الوزارات ومؤسسات الدولة لفترة محدودة.