بين فشل الشرعية وعبث الإخوان.. دعوة لتشكيل قيادة محلية لحماية مأرب

تقارير - Wednesday 05 May 2021 الساعة 11:00 am
مأرب، نيوزيمن، باسم علي:

لا تملك الشرعية تصوراً أو حتى صيغة عامة للسلام، ولا يوجد في حساباتها رؤية للحرب أو لإدارة ما تبقى من المعركة.

هناك هجوم لمليشيات الحوثي على مأرب وتراجع لقوات الجيش الوطني بدأ منذ العام الماضي حين سقطت نهم والجوف ومديريات في مأرب وصولاً إلى مساحة قريبة من عاصمة المحافظة.

في المقابل تقف الشرعية متفرجة على المشهد بانتظار سقوط مدينة مأرب، في وقت تتكدس القوات في حضرموت وشبوة دون أي مهام عسكرية باستثناء التموضع على خارطة يعدها قادة الشرعية الكبار هادي ونائبه عمقا للوحدة وقوة احتياط لمواجهة الجنوبيين.

قبل أيام خرج محافظ مأرب سلطان العرادة يعلن ما يشبه التعبئة العامة ويستنجد بمن يسكنون مأرب وأبناء بقية المحافظات للدفاع عن مأرب ضد هجوم الحوثيين، وتحدث أنه سيلتقي قيادات وزارة الدفاع اليوم التالي لظهوره وهو ما يعني أن موقفه هذا بعيد عن التنسيق مع قيادة الجيش وقادة الشرعية.

بعد دعوته للتعبئة أو الهبة دفاعا عن مأرب قالت مصادر مقربة من المحافظ إن العراده تلقى اتصالات من قادة الشرعية في الرياض تعاتبه على دعوته، كون الدعوه للتعبئة حق للرئيس ونائبه وأن حديثه أظهر الجيش في موقف ضعيف، وهو نصر معنوي للمليشيات، حسب توصيف هادي ونائبه.

بعد العرادة ظهر محافظ الجوف أمين العكيمي، داعيا للنفير أو معلنا التعبئة العامة لأبناء الجوف المتواجدين في مأرب استجابة لدعوة سلطان العرادة، غير ان العكيمي كانت دعوته كنازح لنازحين، وهو مؤشر على فشله في بناء عمل عسكري لتحرير محافظته.

ظهور العرادة بذات المحتوى لحديثه شكل إعلانا صريحا لفشل الشرعية في إدارة مسؤولياتها وعدم وجود جيش وطني يتم بناؤه منذ 6 سنوات.

هناك مقاتلون وجنود ومجاميع وقبائل يقاتلون مع مجموعة من القيادات والضباط المخلصين والوطنيين، غير أن الجيش الذي طال الحديث عن اعداده والويته كان كذبة لإخوان اليمن وقوام وهمي لوحدات يحضر أفرادها وقت تسلم المرتبات فقط.

منذ 6 سنوات وقيادات الإخوان المسلمين التي هربت إلى مأرب والرياض وتركيا تعبث بالجيش وبالدعم العسكري الذي يقدمه التحالف وكذلك تعبث بمستقبل شعب بكامله تعرضه للنكال أو القبول بالإمامة الحوثية والإمام الجديد عبد الملك الحوثي.

رفض الإخوان إشراك الضباط والقادة العسكريين المحترفين والذين كانوا ضمن تشكيلات القوات المسلحة اليمنية بحجة ان هذه القوات ولاؤها لعلي صالح وحزبه وصنعوا طبقة عسكرية هلامية من خريجي المعاهد العلمية والقطاع التربوي للإصلاح ومكنوهم من قرار وإدارة الجيش الوطني على مستوى المحاور والألوية وأجهزة الأمن وحتى المخابرات.

وبعد 6 سنوات من العبث ذابت كل التسميات والتشكيلات التي تكتظ بها كشوفات الراتب والاعتمادات وبقي في الميدان فقط من تم إقصاؤهم من تقلد مناصب قيادية في الجيش الوطني ومعهم مجاميع من كل المحافظات إلى جوار أبناء القبائل الذين يشكلون السند القوي للوجود العسكري للشرعية في مأرب منذ بداية الحرب إلى اليوم. 

ومع إدراك الشرعية فشلها الذريع في الميدان وفي ادارة الملفات سياسيا وخدميا وانسانيا تقف قيادة الشرعية كذلك عائقا أمام أي مبادرات أو مقترحات حلول لإسناد المقاتلين في مأرب وتعزيز جبهاتهم حيث تجاهلت عرضا بدعم عسكري من القوات المشتركة لجبهات مأرب كان سيشكل دفعة قوية لتغيير المعادلة على الأرض لصالح الشرعية والتحالف العربي.

وبعد هذا التراكم من الفشل والإفشال لكل الجهود الوطنية التي تهدف لتعديل مسار المعركة وكسر تقدم المليشيات الحوثية لم تظهر الشرعية أي ردة فعل حتى يمكن اعتبارها نتجت عن استشعار لخطورة ما يجري وضرورة تدارك الموقف.

ومقابل ذلك ما هي خيارات قبائل مأرب وكل القوى السياسية والوطنية لاستدراك ما تبقى من الوقت واستثمار ما أمكن من الأوراق.

ظهور العرادة وشفافية حديثه عن ضرورة مشاركة الجميع في الدفاع عن مأرب يمكن اعتباره موقفا جديدا للبناء عليه لتخاطب قبائل مأرب ومجتمعها المحلي شركاء المعركة ضد المليشيات بالمساندة لحماية محافظتهم من الاجتياح الحوثي.

إذا كانت قبائل مأرب قد تساهلت مع التفرد الإخواني في بناء الوحدات العسكرية والسيطرة على قرارها دون مشاركة المجتمع المحلي في بنية وبناء هذه الوحدات وقيادتها فإن خطر هذا التساهل يشكل اليوم خطرا وجوديا على هذه القبائل وإرثها التاريخي وتقاليدها وقوانينها العرفية السائدة منذ مئات السنين.

زعامات قبائل مأرب ونخبها السياسية وقادتها العسكريون وكل الضباط وخريجي المعاهد والكليات العسكرية مطالبون بتشكيل قيادة محلية تمثلهم تتكون من قبليين وضباط وسياسيين ورجال أعمال وشخصيات دينية للتحدث بلسان مأرب وإسناد محافظها الذي تحمل وزر فشل الشرعية وعبث الإخوان المسلمين بقرارها.

وما لم يتشكل إطار يمثل مأرب ومكوناتها ويستعيد قرار الدفاع والحرب في المحافظة ويبني تحالفات جديدة مع شركاء المعركة ضد الحوثيين فإن مصير مأرب يبقى مهددا بمخاطر لا تقل عن ما حدث في محافظة الجوف.