مظاهر صادمة.. اتساع دائرة المتسولين في زمن الحوثي

تقارير - Friday 14 May 2021 الساعة 06:54 pm
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

تجويع وإفقار ممنهج تمارسه مليشيا الحوثي -الذراع الإيرانية في اليمن- بحق اليمنيين في مناطق تواجدها رفع معدلات الفقر والمجاعة والأمراض وسوء التغذية إلى مستويات قياسية وغير مسبوقة في تاريخ اليمن الحديث.

جرعات سعرية متتالية في أسعار المشتقات النفطية والمواد الغذائية وفواتير الكهرباء والماء، وتحويل المستشفيات والمدارس والجامعات الحكومية مجانية الخدمات وفقاً للدستور اليمني إلى إقطاعيات استثمارية خاصة بنافذين في صفوف الجماعة.

استمرار نهب مرتبات أكثر من مليون و200 ألف موظف يمني منذ نحو 5 سنوات ماضية، وسطو منظم على مخصصات الصناديق الخاصة ومعاشات المتقاعدين والضمان الاجتماعي، واستيلاء متواصل على أموال الأوقاف وإيرادات الضرائب والجمارك والواجبات الزكوية.

قرصنة حوثية لصدقات رمضان

لم تكتف مليشيا الحوثي بإنهاك المواطنين في مناطق تواجدها وقطاع التجار بفرض الجبايات والإتاوات المالية والعينية عند كل شاردة وواردة، ولا بالاستيلاء على مساعدات المنظمات الإغاثية وسرقة الغذاء من أفواه الجياع، بل تطورت أساليب تجويعها للمدنيين إلى قرصنة صدقات رمضان والمساعدات الخيرية التي كان قطاع واسع من رجال الأعمال والميسورين يقومون بها خلال شهر رمضان من كل عام.

فمن عام إلى آخر، ونتيجة للتدهور الاقتصادي والجبايات القسرية وعمليات القرصنة والنهب الحوثي للصدقات، يتعذّر على العديد من رجال المال والأعمال في صنعاء والمحافظات المجاورة لها تقديم مثل تلك الصدقات العينية والنقدية للأسر الفقيرة والمحتاجين في أحيائهم السكنية وفي القرى والعزل والمديريات المتباعدة على مستوى الرقعة الجغرافية للجمهورية اليمنية.

مقابل تنامي هذه الظاهرة الاجتماعية تتسع مقابل ذلك دائرة المتسولين، فبين شهر رمضان العام الماضي وهذا العام، تتزايد مظاهر التسوّل في أوساط المجتمع اليمني رجالاً ونساءً وأطفالاً وحتى بين فئة الشباب.

وفي سلسلة تغريدات له بهذا الصدد، يؤكد النائب في برلمان صنعاء ورئيس كتلة الأحرار، عبده بشر، ارتفاع نسبة الفقر من 35% عام 2014م إلى 95% عام 2021م.

مشيراً، في تعليق له لمن قال إنهم يتحدثون باسم الدين -في إشارة إلى خطابات ومحاضرات عبدالملك الحوثي الرمضانية- إلى أن "الدين لا يقبل أن يستمر الموظفون بدون مرتبات ويموتون جوعاً ويطردون، وأموال الشعب من الإيرادات تكدّس لدى البعض".

وقال البرلماني عبده بشر: "الدين لا يقبل بأن تجمع الزكاة ولا تصرف لمستحقيها من الفقراء والمساكين وفي مصارفها، الدين لا يقبل أن تستمر المشقة ومعاناة أبناء الشعب وحصاره وتجويعه وغلاء معيشته وفتك الأمراض والأوبئة بمعظم أبنائه".

مشاهد تسوّل صادمة 

الأسواق والشوارع العامة والمولات التجارية التي اعتاد سكان صنعاء ارتيادها خلال ليالي شهر رمضان وأيام عيد الفطر للتسوق وشراء احتياجات العيد من الملابس والحلويات، تبدو اليوم مكتظة بالمتسولين أكثر من المتسوقين" لا أحد يشتري فالاسعار مرتفعة ولم تعد في متناول المستهلكين"، يقول عبده مرشد -عامل في محل ملابس بصنعاء- لـ(نيوزيمن).

معتقداً أن الكثير من زبائنه (عملائه سنوياً) اقتصر شراء الملابس عندهم على الأطفال من صغار السن فقط، مضيفاً: "يا أخي، المتسولين اللي دخلوا المحل من الصباح أكثر من الزبائن. وهذه كارثة والله".

في شوارع عديدة بصنعاء ترتص هذه الأيام نسوة يمنيات يحضنّ أطفالاً لهن، تفصلهن بضعة أمتار عن بعضهن البعض، في سلسلة آلم ممتدة إلى أبعد مدى، ومشاهد تفطر القلوب، ينتظرن مساعدات المارة في الطرقات، مكسورات الظهر، شاخصات أبصارهن نحو القاع بأسى وغليان، كحال صنعاء حينما صورها الشاعر الكبير عبدالله البردوني في قصيدته الشهيرة (أبو تمام وعروبة اليوم) بقوله: 

وَفِـي أَسَـى مُقْلَتَيْهَـا يَغْتَلِـي يَمَـنٌ... 

                  ثَانٍ كَحُلْـمِ الصِّبَـا يَنْـأَى وَيَقْتَـرِبُ.