تحليل: إخوان اليمن وهادي.. مخططات إيقاع السعودية في الفخ

السياسية - Wednesday 30 June 2021 الساعة 07:50 pm
نيوزيمن، اليوم الثامن:

وصل عبدربه منصور هادي، الرئيس اليمني المنتهية ولايته في فبراير (شباط) 2014م، إلى الولايات المتحدة الأمريكية لإجراء فحوصات طبية -حسب بيان وكالة سبأ الرسمية- الأمر الذي أعاد الحديث عن الحالة الصحية لرجل تجاوز منتصف العقد السابع من العمر.  

هادي الذي يعاني من عدة أمراض، من بينها أمراض القلب، حظي بعناية سعودية فائقة خلال أزمة كورونا (كوفيد 19)، خشيت من ان يصاب بالوباء الفتاك، فالرياض وفرت له الحماية الطبية بما ساهم في منع اصابته بالفيروس الذي ضرب العالم اجمع. وكان هادي قد غادر العاصمة السعودية الرياض، في الـ11 من أغسطس (آب) العام 2020م، نحو الولايات المتحدة الأمريكية لإجراء فحوصات طبية اعتيادية، قبل ان يعود إلى الرياض مرة أخرى، غير ان سفره الأخير تشير مصادر عديدة إلى انه قد يعود الى مدينة جنوبية محررة، محافظة المهرة على الأرجح، لكن هذه العودة تقول تقارير إخبارية انها مرتبطة بموافقة السعودية التي تقود تحالفا عربيا لدعم حربه ضد الحوثيين. 

لا شك ان زيارة هادي الى الولايات المتحدة الامريكية لا تتعلق باي أجندة سياسية، فهي زيارة للعلاج والفحوصات الروتينية، فالرجل خسر الكثير بفعل تحالفاته الحزبية داخل اليمن، والتي فقد بسببها الكثير من الأوراق السياسية، حتى خرج مبعوث الرئيس الأمريكي، تيم ليندركينغ، ليعلن على ان الحوثيين الموالين لإيران والذين اطاحوا بهادي من السلطة في صنعاء، قد أصبحوا طرفا شرعيا في اليمن.  

ورغم ان هذه التصريحات قد نسفت "معنى الشرعية اليمنية"، الا ان هادي وحلفاءه تنظيم الإخوان يسعون الى "تكييف هذه المواقف"، على انها تصب في خانة وجود حوار "بين الإخوان كممثلين لهادي، والحوثيين"، وهو ما يعني اقصاء جميع الأطراف اليمنية الأخرى، بما فيها الطرف الجنوبي وحزب المؤتمر الشعبي العام والقوات الوطنية التي يتزعمها طارق محمد عبدالله صالح، والمتواجدة في الساحل الغربي. 

كما أن الأزمة الصحية لهادي، قد تفتح الباب امام التكهنات حول مستقبل "الرئاسة والحكم في اليمن"، لكن مع ذلك يظل الجنرال الإخواني علي محسن الأحمر "الخيار البديل لهادي"، بالنسبة للإخوان والقوى المتحالفة معهم.  

فالأحمر الذي تقول تقارير إخبارية انه ساهم في انقاذ الحوثيين الموالين لإيران من هزيمة ساحقة، يسعى لتكرار سيناريو وصول هادي الى سدة الحكم، حيث تحمل الأحمر وزر فشل القوات اليمنية في اختراق دفاعات الحوثيين والوصول الى صنعاء، على اعتبار انهم "اقلية زيدية"، يرى ان هزيمتهم "هزيمة للزيدية السياسية". 

ويرى الأحمر ان تجربة تنصيب هادي، رئيسا بديلا للرئيس علي عبدالله صالح، الذي قتله الحوثيون أواخر العام 2017م، قد تتكرر معه، فهادي وصل الى سدة الحكم، اثر مبادرة خليجية لنقل السلطة من صالح، الذي تعرض للإصابة في قصف شنه الاخوان على مسجد الرئاسة في صنعاء، في العام 2011م، وقتل بعض معاوني الرئيس اليمني، وأصيب هو بجراح بليغة قبل ان ينقل للعلاج في السعودية ليعود ويسلم السلطة لهادي. 

وقد تشجع الحالة الصحية لهادي، الأحمر على "لعب دور رئيس توافقي"، بالنسبة للحوثيين والإخوان، فـ"هو زيدي وإخواني"؛ وهذا ما يعني ان مؤشر إزاحة هادي من السلطة قد اقتربت كثيراً، خاصة في ظل حديث قوى سياسية حليفة لحكومة هادي، على ضرورة تشكيل مجلس رئاسي لإدارة الملف اليمني، بدعوى ان الرياض ترفض عودة الرئيس الى المدن المحررة. 

وهذا المبرر ربما وفر إمكانية عودة "هادي" الى محافظة المهرة –الحدودية مع سلطنة عمان- والتي تنشط فيه الاذرع المحلية لقطر وتركيا، وفيها تتواجد السعودية بثقلها العسكري والمخابراتي. 

كل ذلك يحدث في ظل سعي الحوثيين لاستكمال السيطرة على جغرافيا اليمن الشمالي، واقتربوا كثيرا من المعقل الأخير "مدينة مأرب"، والسيطرة عليها يعني امتلاك الاذرع الإيرانية لكل جغرافيا اليمن، الشمالي، وهو ما يعني ان ملف التفاوض سيكون على الجنوب، نحو ما يمكن ان يسمى "مشروع التقاسم بين الأقطاب الثلاثة: إيران في اليمن الشمالي، وقطر وتركيا في الجنوب، وهو ما تفصح عنه حكومة هادي التي تحصل "المفاوضات بينها وبين الحوثيين"، دون اشراك أي قوى سياسية أخرى بما في ذلك الجنوبيون وطارق صالح. وهذا السيناريو يوحي بان المخطط ليس هدفه التقاسم ودعم الحوثيين للإخوان للسيطرة على الجنوب، ولكن فخ يراد نصبه للسعودية التي تقود التحالف العربي، والتي تريد لها هذه الأطراف اليمنية الخروج من "مولد اليمن بلا حمص". ينبغي على السعودية ان تعمل على تقوية الحلفاء الآخرين "المجلس الانتقالي الجنوبي، والمكتب السياسي اليمني في الساحل الغربي".   

فالتهميش الذي تتعرض له "القوى السياسية المناهضة للحوثيين والإخوان"، تتعرض للتهميش السياسي والعسكري، لكن محاولة إقناع السعودية بـ"أن طرفي الصراع في اليمن، "هم الحوثيون والإخوان"، تعني الوقوع في الفخ، الذي يعني الهزيمة في نهاية المطاف، فالاحتفاظ بحلفاء من خارج الاذرع المحلية لقطر وتركيا، وهو المطلوب للسعودية، التي يفترض عليها ان تعمل على دعم هذه القوى التي قد تصبح الورقة الرابحة في ظل معرفة سابقة للأجندة الإخوانية في اليمن. 

إذا سمحت السعودية بذلك، فهذا قد يعزز من النفوذ القطري والتركي، وقد يقوي نفوذ هذه الأطراف في مواجهة الرياض التي ترى انه من المهم اليوم الخروج بتسوية سياسية "تضمن لها على الأقل حماية حدودها ومصالحها من أي تهديدات مستقبلية".