تحليل أميركي: أزمة المياه في إيران زلزال سياسي قادم

العالم - Wednesday 11 August 2021 الساعة 07:28 pm
نيوزيمن، ذا هيل:

توقع نائب رئيس المجلس الأمريكي للسياسة الخارجية إيلان بيرمان، أن تشكل أزمة شح المياه زلزالاً سياسياً للنظام الإيراني خلال الفترة القادمة.. مشدداً على أن الإيرانيين عطشى.

وقال في تحليل نشرته صحيفة "ذا هيل" الأمريكية، الأربعاء: "تجسد التظاهرات الأخيرة في إيران قفزة نوعية عن تلك التي شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية، بالرغم من أن السبب المباشر للحركة الاحتجاجية الحالية هو أزمة شح المياه". 

وأضاف "طوال سنوات، أدت الانقسامات الأيديولوجية والخلافات السياسية إلى عرقلة اتحاد المعارضة وتحولها إلى تيار مستدام، لكن خلال الأسابيع القليلة الماضية، نزل الآلاف إلى الشارع في المدن والبلدات الإيرانية للاعتراض على الأزمة المائية المتفاقمة وعلى إبداء النظام سوء تعامل مزمن معها". 

ووفقا للتحليل، فمنذ أواسط يوليو الماضي، انفجرت التظاهرات في محافظة خوزستان الغنية بالنفط بسبب نقص المياه الذي تسببت به ظروف الجفاف وسوء الإدارة الحكومية لها.. ومنذ ذلك الحين، انتشر الاضطراب في أنحاء البلاد. والمشكلة أكبر من ذلك للمتظاهرين الكثير ليغضبوا بشأنه.

 أما في خوزستان وحدها، يقال إن أكثر من 700 قرية تعاني من إمكانية الوصول إلى المياه، ويضطر العديد من السكان للاعتماد على تسليم المياه عبر الشاحنات الحكومية.

 لكن المشكلة أكبر من ذلك بحسب بيرمان.

ووفقاً للإحصاءات الرسمية الصادرة عن الحكومة الإيرانية، اضطرت 110 مدن في إيران إلى تطبيق شكل من أشكال تقنين المياه أو عانت من اضطرابات خلال هذا الصيف وحده. 

وتعكس هذه الظروف استياء شعبياً أعمق وأطول مدى.

وأسست عقود من أنظمة الزراعة والري التي عفا عنها الزمن، إضافة إلى إدارة سيئة وتخصيص موارد بشكل أسوأ، أزمة مائية على نطاق وطني.

إفلاس مائي

ونتج عن كل هذه الأسباب، بحسب كاوه مدني من جامعة ييل، تحول إيران إلى دولة "مفلسة مائياً"، حيث يتفوق الطلب على الإمداد.

 وقد استخدمت إيران مواردها المائية بشكل غير مستدام، وهي مشكلة حذر منها الخبراء طوال سنوات. 

وفي 2018، قال رئيس مركز الزراعة الاستراتيجية والإدارة المائية محمد حسين شريعتمدار، إن إيران "على بعد خمسة أعوام فقط من كارثة مياه شاملة نتيجة خمسة عقود من سوء الإدارة".

وفي السنة نفسها، استقال 18 مشرعاً من محافظات فقيرة مائياً وسط إيران اعتراضاً على ازدياد التوزيع غير العادل للموارد المائية داخل البلاد.

 وفي رسالة مفتوحة، طالب البرلمانيون الحكومة بلعب دور فاعل لضمان حصول مختلف المناطق الإيرانية على حصة عادلة من المياه. 

ويظهر هذا الأمر كيف أصبحت المياه قضية بارزة في السياسات الإيرانية الداخلية.

عواقب وخيمة

أشار بيرمان إلى أن معهد الموارد العالمي، وهو مؤسسة رأي بيئية رائدة مقرها واشنطن، صنف إيران في 2019 على أنها واحدة من أكثر دول العالم معاناة من الإجهاد بسبب النقص المائي.

 ووفقاً لدراسة المعهد، تستهلك إيران 80% من مواردها المائية المتاحة كل سنة. 

وحذر المعهد في حينه من أن صدمات الجفاف حتى الضئيلة –والمتوقع أن تزداد بسبب التغير المناخي– يمكنها أن تنتج عواقب وخيمة.

هذه التداعيات متجلية في شوارع طهران ومدن أخرى مع إعراب الإيرانيين عن غضبهم. 

رد النظام الإيراني بالشكل المتوقع.. تم إيقاف أكثر من مئة محتج وقُتل بضعهم في صدامات مع القوات الحكومية. 

وتحرك النظام سريعاً لقطع الاتصالات والإنترنت معتمداً على عمليات القمع في الجولات السابقة من الاحتجاجات خلال السنوات القليلة الماضية.

أكثر من مجرد إزعاج

ويقول بيرمان إن ثمة سبباً وجيهاً للاعتقاد بأن التظاهرات الحالية أكثر من مجرد إزعاج عابر لآيات الله. 

وطوال سنوات، أدت الانقسامات الأيديولوجية والخلافات السياسية إلى عرقلة توحد المعارضة وتحولها إلى تيار مستدام.. لكن بدأ هذا الأمر يتغير مؤخراً.

ولفت إلى أنه في وقت سابق من هذه السنة، نشأت حملة مدنية جديدة وحدت مئات الناشطين والوجوه الثقافية والشخصيات السياسية ضد النظام تحت شعار "لا للجمهورية الإسلامية".

ويجمع المحللون أن بإمكان المياه أن تبقي القوى المعارضة المختلفة مصطفة إلى جانب بعضها البعض.

ووفقا للتحليل يعود هذا إلى أن الأزمة التي خلقتها عقود من سوء الإدارة الرسمية هي مشكلة لجميع الإيرانيين بجميع شرائحهم الاجتماعية بما فيها تلك التي لم تشارك في جولات التظاهر السابقة ضد النظام. 

وببساطة، وفرت ندرة الماء نقطة تجمع مشتركة بين جميع الإيرانيين كما بين من يعانون من ظلم النظام.

ويخلص بيرمان إلى القول، لهذه الأسباب، قد تجد السلطات في إيران صعوبة في تبديد التظاهرات الحالية.