غني أفغانستان وهادي اليمن.. تقارب في السلوك وحتمية المصير

تقارير - Saturday 21 August 2021 الساعة 09:24 pm
عدن، نيوزيمن، خاص:

"الرئيس الفار الذي تحول إلى رمز لانهيار الدولة في أفغانستان"، بهذا العنوان تسلط وكالة الأنباء الفرنسية الضوء على الرئيس الأفغاني المستقيل أشرف غني كأحد أهم عناوين المشهد الدرامي الذي تابعه العالم منتصف الأسبوع.

مشهد درامي تسارعت فيه الأحداث بشكل لم تتوقعه حركة طالبان ذاتها، بأن تنتهي الأمور بشكل سريع وتصل إلى قلب العاصمة قبل أسبوعين من الموعد المحدد لإجلاء آخر جندي أمريكي من أفغانستان والذي كان محدداً أواخر الشهر الحالي.

أحد أهم أبطال هذا المشهد كان الرئيس الأفغاني أشرف غني الذي مثل هروبه من العاصمة كابل، إشارة النهاية لمشهد استمر 20 عاماً في أفغانستان، بدأ مع الغزو الأمريكي عام 2001م وقضى على حكم طالبان، لينتهي مع هروب غني كما بدأ بعودة طالبان للحكم.

وبعد ثلاثة أيام من المصير الغامض لغني، ظهر الرجل يوم أمس في خطاب مصور من الإمارات التي أعلنت استضافته وأسرته لأسباب إنسانية، ليبرر مشهد فراره بأنه "حقناً لدماء الشعب"، وتبرير صورته بعد أن بات "رمزاً لانهيار الدولة على الرغم من المساعدات الدولية"، بحسب تعبير الوكالة الفرنسية في تقرير لها عنه.

يقول التقرير بأن غني "تحول خلال سنوات إلى رمز لانهيار الدولة في بلاده رغم تلقيه المساعدات الدولية، وعرف عنه أنه شخصية انعزالية وتنتابه نوبات غضب متكررة وأنه شخصية مكروهة شعبياً حيث أنه متغطرس مع مواطنيه". "ورغم أنه سعى إلى إعادة بناء أفغانستان المنهكة من الحروب بالإصلاح ومكافحة الفساد، إلا أنه كرس في النهاية فشله في إدارة زمام السلطة"، كما يقول التقرير، وهي أحد أبرز السمات العجيبة لتناقض الرجل قبل وبعد توليه للحكم.

فالرجل الذي تولى منصبه في عام 2014، كان يُنظر إليه على أنه نظيف اليد ومحصن ضد الفساد وعملي إلى حد كبير، بل كان يجاهر بالنقد اللاذع للطريقة التي كانت تُهدر بها أموال المساعدات الدولية في أفغانستان، إلا أن ذلك لم يجد طريقه في فترة حكمه التي ظلت فيها أفغانستان تنافس على المراكز الأولى في ترتيب البلدان الأكثر فساداً في التقارير الدولية.

تشير الوكالة الفرنسية في تقريرها، إلى أن غني أثار في انتخابات 2014 صدمة العديد من الأفغان باختياره الجنرال عبد الرشيد دوستم للترشح لمنصب نائب الرئيس، حيث إن زعيم الحرب الأوزبكي متهم بارتكاب العديد من انتهاكات حقوق الإنسان.

وتختم الوكالة تقريرها بالقول عن الرجل: كان قد صرح قبل انتخابه رئيساً "لا أعتزم أن أعيش حياة انعزال"، إلا أنه في نهاية المطاف فعل العكس، حيث أصبح منعزلاً أكثر فأكثر في قصره مانحاً ثقته لقلة قليلة من مساعديه.

تقرير الوكالة الفرنسية يتشابه بشكل لافت مع تقرير أصدرته مجموعة الأزمات الدولية في إبريل من العام الماضي، تطرق في أحد فصوله إلى وضع الرئيس هادي والحلقة الضيقة التي تسيطر عليه.

حيث شبه التقرير وضع الرئيس هادي بوضع عبدالملك الحوثي زعيم جماعة الحوثي، مؤكدا بأن "يبقى منعزلاً عن العالم الخارجي"، مشيراً إلى أقامته في الرياض منذ عام 2015م، باستثناء فترات قصيرة قضاها في عدن وفي مستشفى بالولايات المتحدة.

وقال التقرير بأن هادي يعتمد على مجموعة صغيرة من أفراد أسرته وحلفائه السياسيين يقومون مقام عينيه وأذنيه، مؤكداً بأن هذه المجموعة تسيطر على الوصول إليه من قبل الأمم المتحدة والبعثات الدبلوماسية الأجنبية.

وأضاف التقرير بأن الحلقة الداخلية المحيطة بهادي تتكون من حلفاء من محافظة أبين مسقط رأسه في جنوب اليمن، بما في ذلك ابناه ناصر وجلال، إضافة إلى شخصيات مثل رئيس الوزراء السابق أحمد عبيد بن دغر ورشاد العليمي، بالإضافة إلى طاقم موظفين يتمتع بنفوذ كبير يضم أعضاء في حزب الإصلاح.

يؤكد التقرير بأن مهمة هذه الحلقة الداخلية لهادي بما فيها العديد من الوزراء، هو المحافظة على سلطة هادي الشرعية والامتيازات التي يستمدونها من منصبه.

بحسب التقرير فإن نائب الرئيس علي محسن الأحمر، ووزير الدفاع محمد المقدشي، مع كبار المسؤولين العسكريين السعوديين يشرفون على الشؤون العسكرية والأمنية التي تتركز في الشمال الشرقي، مأرب وفي تعز، في حين يدير نجل هادي، ناصر، وحلفاء رئيسيون آخرون من أبين معظم الشؤون العسكرية والأمنية في الجنوب بالتنسيق معهم.

التقارب في السلوك والأداء بين هادي وغني، لا يعني أن هادي يسير في طريق غني، بل يمكن القول إن غني هو من سار على طريق هادي، فمشهد غني وكابول أغسطس 2020م، يكاد هو ذاته مشهد هادي في صنعاء سبتمبر 2014م بسقوطها بيد جماعة الحوثي وفرار هادي منها لاحقاً ليتكرر ذات المشهد بعد أقل من 6 أشهر في عدن مارس 2015م.

وربما أن الفارق في المشهدين أن أمريكا ومن ورائها الغرب هم من قرروا نهاية غني وتجربة 20 عاماً من الرهان على الفساد والوهم وقررت البحث عن طريق للخروج ولو على حساب تسليم البلد لطالبان، في حين أن التحالف العربي وتحديداً السعودية ما تزال تمنح الحياة لشرعية هادي حتى اللحظة، مع مؤشرات واضحة بأنها على خطى أمريكا في خروج من المشهد اليمني دون تكرار مشهد أفغانستان.