أزمة الغاز في مولد النبي.. حصة حوثية سنوية

السياسية - Saturday 16 October 2021 الساعة 09:50 am
صنعاء، نيوزيمن، تقرير خاص:

تعد مادة الغاز المنزلي واحدة من أهم الخدمات الحياتية اليومية التي حولتها مليشيات الحوثي، الذارع الإيرانية في اليمن، إلى سلعة تستخدمها في تحقيق أجندات سياسية، وأرباح مادية، ووسيلة لممارسة عمليات إهانة وابتزاز بحق المواطنين في صنعاء ومناطق سيطرتها.

وشهدت صنعاء ومناطق سيطرة المليشيات أزمة غاز منزلي منذ ما بعد عيد الأضحى المبارك، حيث عمدت المليشيات إلى افتعال الأزمة بمبرر منع التحالف لسفن الغاز من دخول ميناء الحديدة. إذ وصل سعر أسطوانة الغاز المنزلي في السوق السوداء إلى ما يقارب 18 ألف ريال، فيما قلصت نسب توزيع كميات الغاز القادمة من شركة صافر بمارب والتي يتم توزيعها عبر عقال الحارات بحيث بات المواطن يحصل على أسطوانة غاز واحدة فقط خلال شهر ونصف في معظم حارات مديريات صنعاء، في مقابل حصول بعض الحارات على حصة أكبر لأسباب متعلقة بمدى ولاء عقال الحارات للمليشيات وبذلهم مجهودات أكبر في تحشيد الشباب للجبهات، ودفع الناس لحضور فعاليات المليشيات، وجمع التبرعات للفعاليات المذهبية والسياسية الخاصة بالحوثيين.

وعلى غرار ما تمارسه المليشيات كل عام بالتزامن مع ترتيباتها للاحتفاء بالمولد النبوي تتحول مادة الغاز المنزلي إلى وسيلة لممارسة ابتزاز بحق المواطنين الذين يرغمون على حضور فعاليات الاحتفاء التي تقام على مستوى الحارات بحضور قيادات المليشيات أو ربط الحصول على أسطوانة الغاز بتقديم تبرع مادي تحت مسمى تجهيز قافلة المولد النبوي.

ومع اقتراب موعد ميلاد الرسول أعلنت شركة الغاز الخاضعة لسيطرة المليشيات عن وصول سفينتين محملتين بالغاز، الأولى بتاريخ 22 سبتمبر المنصرم محملة بـ(8868) طنا متريا من مادة الغاز، والثانية بتاريخ 3 أكتوبر الجاري محملة بـ(8437) طنا متريا من مادة الغاز، ومع ذلك عمدت المليشيات الحوثية إلى تأجيل إنزال الغاز إلى المحطات لبيعه سواء للمركبات أو للمواطنين حتى تاريخ 10 اكتوبر الجاري أي بعد مرور 18 يوما على وصول السفينة الأولى إلى ميناء الحديدة.

وقالت مصادر في شركة الغاز الخاضعة لسيطرة الحوثيين لنيوزيمن: إن قرار التأخير في توزيع الغاز لأكثر من نصف شهر منذ وصول السفينة الأولى له أسباب سياسية بحتة مرتبطة باستغلاله سياسيا وماديا بالتزامن مع فعاليات  الاحتفاء بالمولد النبوي وبالتالي الاستفادة من ذلك في تسهيل تحشيد الناس للمشاركة في الفعاليات التي تنظمها المليشيات عبر مختلف مؤسسات الدولة، وكذا المؤسسات الأهلية والخاصة، أو في تحقيق أكبر عائد مادي لتغطية تكاليف الفعاليات الاحتفائية التي تنظمها المليشيات تحت مسمى الاحتفاء بمولد الرسول (صلى الله عليه وسلم).

وتضيف المصادر، إنه ومنذ اليوم الأول لبدء بيع الغاز عبر المحطات للمركبات يوم الأحد 10 أكتوبر الجاري، شهدت المحطات عملية ازدحام شديدة بسائقي المركبات (المساربين) لتعبئة مركباتهم بالغاز الذي حدد سعره بـ(342) ريالا للتر الواحد أي ما يساوي مبلغ (6840) ريالا لأسطوانة الغاز 20 لترا، وهو ما كان يفترض بأن يواجه بزيادة عدد المحطات المخصصة لبيع الغاز للمركبات في اليوم التالي لحل الأزمة التي امتدت لقرابة ثلاثة أشهر متتالية، إلا أن الجميع فوجىء بتعمد الشركة إيقاف بيع الغاز للمركبات والبدء بعملية البيع للمواطنين عبر المحطات بالسعر الجديد (6840) ريالا أي بفارق (2140) ريالا عن سعر الأسطوانة التي يتم توزيعها عبر عقال الحارات، وبفارق آخر يصل إلى (3140) عن سعر الأسطوانة التي يتم توزيعها للمواطنين عبر عقال الحارات في خمس مديريات فقط داخل صنعاء تحت مسمى البيع بنظام الشركة.

وأرجعت المصادر ذلك القرار إلى أن قيادة الشركة شعرت أن كميات الغاز المتوفرة باتت كبيرة بعد دخول سفينتي غاز عبر ميناء الحديدة خلال عشرة أيام فقط، بالإضافة إلى توفر كميات كبيرة من الغاز الذي يتم شراؤه من شركة صافر المحلية، وهو الأمر الذي جعلها تقرر استغلال ذلك في ادعاء تغطية العجز فيما يخص الغاز المنزلي للمواطنين وبيعه لهم عبر المحطات بسعر مضاعف وبواقع أسطوانة غاز واحدة عبر عقال الحارات.

وتابعت المصادر: أن كميات الغاز التي يتم بيعها عبر المحطات للمواطنين تفوق بكثير كميات المباع للمركبات، الأمر الذي يحقق عائدا ماليا ضخما وكبيرا للشركة ولقيادات المليشيات التي تخصص جزءا كبيرا من عوائد البيع لتغطية فعاليات الاحتفاء بالمولد النبوي، مشيرة إلى أن هذه الفعاليات باتت تستخدم من قبل قيادات المليشيات في الشركة لممارسة عمليات فساد وسرقات مالية من خلال استغلال مخصصات دعم احتفاليات المولد النبوي من جهة ومن جهة أخرى تخصيص مبالغ كبيرة لقيادات المليشيات بشكل شخصي تحت مسميات بدلات عديدة يتم اختراعها لهذا الغرض.

إلى ذلك وفي مشهد آخر من مشاهد الممارسات الحوثية الخاصة باستخدام مادة الغاز المنزلي كوسيلة لممارسة عملية امتهان وتفرقة بين المواطنين وفي محاولة لتجاوز ضغوط شركة صافر التي تبيع الغاز للمليشيات بتخفيض سعر بيع أسطوانة الغاز عن سعره الحالي البالغ (4700) ريال عمدت المليشيات إلى تخصيص خمس مديريات ثلاث منها في مدينة صنعاء هي (صنعاء القديمة – التحرير - الصافية) ومديرتين في محافظة صنعاء هي (بني الحارث – سنحان) وبسعر (3700) ريال للأسطوانة 20 لترا، واستبدال عملية التوزيع عبر عقال الحارات بوكلاء تابعين للشركة يؤدون نفس دور العقال كوسطاء بين المواطنين وشركة الغاز وتحت مسمى نظام شركة.

ووصفت المصادر في الشركة في حديثها لنيوزيمن، هذا الإجراء بأنه وبمقدار ما يمثل تهربا من ضغوط شركة صافر التي تبيع للحوثيين الغاز المنزلي بأسعار مخفضة، فإنه يعكس نوعا من ممارسة التفرقة والظلم وانعدام المساواة والعدالة، وهو ما يمكن التدليل عليه باختيار مديرية صنعاء القديمة التي تعد إحدى أبرز المديريات التي تتواجد فيها القيادات الموالية للمليشيات الحوثية.

وقالت المصادر: لكن الأهم من ذلك هو أن مليشيات الحوثي حرصت على اختيار المديريات بشكل يمكنها من تقليل خسائرها المادية الناجمة عن تخفيض سعر بيع أسطوانة الغاز بواقع (1000) ريال عن بقية المديريات باختيار مديريات ذات كثافة سكانية خفيفة كما هو حال مديرية صنعاء القديمة والتحرير والصافية مقارنة بالمديريات ذات الكثافة السكانية المرتفعة مثل مديريات معين والسبعين والثورة والوحدة، وهو ما تؤكده الأرقام والإحصاءات الخاصة بآخر تعداد سكاني وطني أجري عام 2004م. حيث يتم بيع أسطوانة الغاز للمواطن في بقية المديريات بواقع 4700 ريال.