رحلة في بلاد المقابر.. الحوثي يدفن الشمال في مساحات مغلقة

تقارير - Saturday 11 December 2021 الساعة 10:10 am
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

من تعز إلى صعدة لا يمر يوم إلا ويسقط قتلى وجرحى ومعاقون من كل محافظات الشمال. بالكاد تستريح أنفاس الضحايا الجدد لفترة وجيزة قبل أن توارى الثرى عقب دورات تدريب قتالية وثقافية مكثفة.

تقول لهم ذراع إيران إنهم يقاتلون أمريكا وإسرائيل وإنهم سينتصرون لا محالة، وأن لا سيد ولا ولي إلا عبد الملك بن بدر الدين، وهو خيار من خيار.

تحشدهم لقمة سائغة لصواريخ الطيران ومدافع الجيش، يموتون فتعزز من جديد بدُفعٍ أخرى كأننا أمام مشهد من قرون غابرة.

لا يتركون لديهم مجالًا للتفكير، فالجنة تنتظرهم يستلمون مفاتيحها في غرف مغلقة ثم ينطلقون صوب معركة الخلاص معركة اللا عودة. 

جنازات ومواكب

جنازات عسكرية يصاحبها زغاريد زائفة وإطلاق رصاص في وداع جثامين بائسة كانت أحق أن تعيش حياتها بصورة مختلفة، يتبعها كيسان من القمح وسلة غذائية وحفنة من المال إن وجد وإلحاقهم بكشوف الشهداء التي تشرف عليها مكاتب الزكاة.

كل ذلك يبدأ بترديد الصرخة وينتهي بسكرات الموت، وأحيانا ينتهي أشلاء لا يعرف منه إلا علامات أو يترك في الشعاب حتى يتحلل.

لا أحد يستطع إيقافهم، المَلازم وحدها المحشوة في الجماجم ترشد الضحايا إلى زوايا الموت المفتوحة معززة بخطاب شاب أقل ما يمكن وصفه بالمراهق المعتوه. 

تقول التقارير إن أكثر من 1000 قتيل فقط سقطوا من مديرية منبه الحدودية مع المملكة العربية السعودية في غضون وقت قصير وهي من أصغر مديريات صعدة عددًا في السكان.

استطاع الحوثي حشد الناس بالتعبئة الطائفية وقد وجد في استمرار الحرب واطالتها فرصة لفتح مزيد من المقابر ونصب المزيد من الشواهد حسب العرق والسلالة والنسب.

شهود عيان من تعز إلى صعدة

مؤخرًا تم تشييع 25 قتيلًا في موكب جنائزي على طريقة حزب الله اللبناني، وكذلك يفعلون في معظم الأوقات.

لدى المليشيا مقبرة واسعة في مدينة تعز منطقة الحوبان مغلقة لجثامين الذين يسقطون في معاركها مع الجيش والمقاومة.

ولديها أكثر من مقبرة في محافظة ذمار إحداها على الشارع العام تحتوي على مئات الجثث التي سقطت خلال سنوات الحرب ال7 والتي خاضتها المليشيا لتثبيت حكمها في الشمال.

يقول أحد الفنيين ممن زاروا مدينة الصالح للقيام ببعض الأعمال: "حدثني أحد المشرفين عن مزايا وأهمية مدن الصالح السكنية التي بناها الرئيس السابق في بعض المحافظات ومنها تعز وعن المخطط الشكلي لكل مدينة".

يضيف، وجدت وضعا يشبه عالما لم يسبق أن رأيته، عشرات المعتقلين بتهم لا تحصى أشفقت عليهم تخيلت نفسي واحدًا منهم وتساءلت إلى متى هذا الحال؟

ومما ذكره لي المشرف، حسب قوله، حاول ذات مرة أحد المعتقلين الهروب عبر سلك الدش المتدلي وحين وصل نقطة معينة انقطع به، سقط المعتقل وأصيب بكسور عديدة قبل أن يتم نقله إلى المستشفى.

صعدة عشرات المقارب

حرصتْ مليشيا الحوثي على تحويل صعدة إلى مدينة مليئة بالمقابر. يقول أحد شهود العيان من محافظة تعز، زرت صعدة بعد إصابة أخي الذي ترك الجامعة وذهب يقاتل مع الجماعة.

يضيف، مجرد ما تعافى عاد من جديد فزرتها مرة أخرى ولكن لغرض التعرف على جثته ونقلها إلى مسقط رأسه للدفن.

ويشير إلى أنه تفاجأ من حجم وعدد المقابر التي تحتضنها المحافظة، ومعها تحتضن آلاف الأرامل واليتامى والمكلومين والمعاقين.

سبع سنوات لم يتغير شيء للأمام، فقط تم تعبئة مساحات كانت فارغة بجثث المئات من ضحايا الحرب.


يحاول الحوثي دفن الشمال كله في مساحات ضيقة كي تحيا جماعته ومشروعه الذي لا يخدم سوى المد الإيراني، أو هكذا أراد.