مجاهد القب يكتب عن محمود العتمي: سيكون أقوى

تقارير - Saturday 01 January 2022 الساعة 08:31 pm
عدن، نيوزيمن:

في العام 2021، لم أكن أعلم أن هذا العام سيحوي في طياته أعظم حدثٍ أثر في مسار حياتي، حادثة محاولة اغتيال الصحفي محمود أمين، الجريمة التي كانت سبباً في ارتقاء عقيلته رشا الحرازي، شهيدة مع جنينها، رحمهما الله.

يربطني بمحمود رفقة عمر امتدت من قبل أن نكون زميلين في قسم الإعلام في كلية الآداب جامعة الحديدة.

محمود بالنسبة لي ليس الصديق والزميل فقط، محمود اسم يعني لي الأخ الحنون، الأخ الذي يعيشني وأعيشه. محمود يفهمني، يقرأ ما أفكر به وما يمكن أن أذهب إليه لاحقاً.. 

هناك ما يربطني بمحمود، أراه فيّ وأراني فيه..

عشنا معاً شهور رعب وأيام فرح، جعنا وشبعنا معاً، تجمعنا ذكريات قلما تجمع رفاقاً آخرين أو قد يكون ذلك حسب ما عرفته من قصص الرفاق التي عرفتها أو اقتربت منها حولي.

يتميز عني محمود أنه شديد القلق عليّ، بينما أنا شديد الحزن عليه.. نعم هو دوماً قريبٌ مني، يستنفر بل يثور لأجلي وأصاب بالانهيار الواهن لأجله..

حقيقةً شعرت بزلزال هز كياني، الأرض مادت بي وأنا أقف عند ساقي محمود، مساء ثلاثاء ال9 من نوفمبر في طوارئ مستشفى الجمهورية، محمودٌ كان ملفوفاً بقصدير، لأول مرة كنت أراه يبكي بصمت، كان خطا الدموع أحمر قانياً يخضب وجنتيه.. 

احسست أن القدر اختطف أخي مني، بالفعل كنت شبه منهار أمام حقيقة أبو جواد القوي العنيد صعب المراس، دائماً كما عرفته في حياتي، محمودٌ كان ذلك المساء على نقالة.

ليلتها كان عقلي يستعيد كل ذكرياتنا، كل مشاهد قربه من الناس، محمودٌ كان جداً قريبا من الكثيرين من ضحايا الحرب، هو أكثر إيماناً مني بأن الله يحب الناس وأن الله يحب من يحب الناس..

طوال الأيام التي تلت الواقعة وحتى اللحظة كان يسأل الجميع عنه. 

جيرانه، الأشخاص في الأماكن التي يرتادها، حتى من يمسحون سيارته، من يقصدهم نازحين، ضحايا، كلهم كلهم ما زالوا  يسألون عنه.. 

مع انقضاء 2021، وأنا أستعيد الأحداث التي عشناها على امتداد ما يزيد عن 11 عاماً، كنت أنصت للمحيط بي وأسمع صدى اسمه يتردد محمود محمود.. 

قطع صدى اسمه، وأنا أقف مشدوهاً اتصال من ابني حسن كرر سؤالي مع إخوته عن عمهم محمود..

رفعت رأسي إلى السماء، إلهي لم كتبت هذا الشقاء في مسار حياتنا، أنت تحب من يحب الناس، عتاب أرسلته للسماء... ثمة إحساس ممزوج بالسكينة اجتاحني، خطاب ملخصه أن محمود اختصه الله أن يكون أعظم من ضحى في مشوار حياته، أن يهتف الجميع باسمه ليكون له بعد ثلاثاء نوفمبر2021 شأن آخر، أكثر وأكثر تأثيراً مما مضى..

رغم بعد المسافات التي تفصلنا الآن إلا أنه ظل الأقرب لي، كما هو لم تحل المسافات أو تبدل قلقه الدائم لأجلي.

9 نوفمبر 2021 لم يكن الحدث الفارق في هذا العام المنقضي، بل في حياتي كلها.

تصنع الأحداث والتضحيات الشخصيات العظيمة، وكلما عظمت التضحية تضاعف نضوج الشخص الذي يعيشها، وتكسبه قوةً أكثر.

محمود سيكون أقوى وأشد، أنا جداً أثق بأن 2022 سيكون لمحمود شأنٌ آخر في مسار حياته ومسار كل من وهب حياته لهم.


عام جديد، وسعيد لجواد ولمحمود ولكل من أحبه أو سمع عنه وحزن لأجله، عام أقل حزناً للبلاد ولكل الشعوب التي تعاني ويلات الحروب والكوارث.