ذكرى فبراير.. ماذا تبقى من الربيع العربي في اليمن

تقارير - Wednesday 09 February 2022 الساعة 07:08 am
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

سيكتفي البعض ممن انضموا للساحات بدعم من أحزاب "اللقاء المشترك" بقيادة التجمع اليمني للإصلاح؛ في الاحتفال بذكرى "الربيع العربي"؛ بتغيير بروفايلات حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي بالشعار (11 فبراير) كتعبير عن دعم تلك الثورة وإقامة بعض الفعاليات.

معظم هؤلاء لا ينظرون للمكاسب والخسائر بقدر ما يسعون وراء تحميل كل تبعات الفوضى نظام الرئيس الراحل علي عبد الله صالح. بالإضافة لتكريس ذواتهم التي يشعرون بأنها تعرضت لما يشبه الخديعة أو السّرِقة إن جاز التعبير؛ من قِبل شلة من المتمصلحين ممن ما زالوا غارقين في الفساد لليوم، وهم معروفون بالاسم والكيان.

تأتي الذكرى واليمن يعيش أسوأ مراحله على كافة المستويات السياسية والإنسانية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية. فالشمال يغرق في أتون حرب كرستها مليشيا الحوثي المدعومة من إيران منذ اجتياح صنعاء أواخر العام 2014، كما يعاني من قطيعة مع العالم بشكل أو بآخر.

موارد منهوبة بالمليارات

غياب المشتقات النفطية أو تحويل 80% منها لسوق سوداء، زاد من معاناة الأفراد وحول حياتهم إلى حلقة مفرغة.

كما أن إجبارهم على دفع إتاوات تحت مسميات عدة، منها إقامة المناسبات الدينية الطائفية على مدار العام ودعم المجهود الحربي، ضاعف من صعوبة الحياة.

ناهيك عن الموارد الرسمية كالضرائب والزكاة والواجبات وصناديق النظافة والتي تنتهي في خزائن المشرفين، دون وجود أي رقابة أو محاسبة. إضافة لخصخصة الكهرباء وبيعها بأسعار خيالية ما يضاعف الأعباء على كاهل المواطن.

وتشكل قطاعات مثل: العقارات وأراضي الدولة، وشركات الاتصالات، وجمارك السلع المستوردة والمنتوج المحلي ورسوم التعاليم بكل مستوياته وغيره من المصادر؛ دخلا سنويًا بالمليارات. 

انقطاع الرواتب

استغلت ذراع إيران قرار حكومة الشرعية بقيادة الرئيس هادي رقم (119) الذي قضى بنقل البنك المركزي إلى العاصمة عدن في عام 2016، حيث بدأت بالتنصل من كثير من الالتزامات إن لم يكن كلها تجاه المواطنين وموظفي الدولة.

استمر الأمر رغم الإمكانيات الهائلة وزيادة رسوم الضرائب وغيرها من الموارد التي ابتكرتها المليشيا يصل إلى 200% وأكثر، منها السلع الضرورية كالغاز والبنزين.

انعكاسات الحرب

ما عكسته الحرب الدائرة، وانهيار النظام بشكل كلي أواخر العام 2014، والذي أتى كامتداد لمدخلات 2011؛ فاق كل التوقعات، فخلال عشر سنوات بالتحديد حسب التقارير سقط من 350 إلى 400 ألف مواطن بين قتيل وجريح.

كما تم رصد وإحصاء ملايين من النازحين في الداخل والخارج. يتكرر الأمر بصورة سيئة كلما اشتد الصراع في مكان ما، كما هو حال محافظات مأرب والحديدة وحجة وصعدة والبيضاء وأجزاء من تعز والضالع.  

على المستوى الاقتصادي ذكرت تصريحات حكومية أخيرة وعلى لسان وزير التخطيط بأن الاقتصاد اليمني خسر 126 مليار دولار، إضافة إلى تدهور سعر صرف العملة لأكثر من 300%.

هذه الأوضاع نتج عنها أزمة إنسانية خطيرة أضرت بحياة 80% من السكان، وارتفعت نسبة البطالة لأكثر من 35% والفقر إلى 78%، كما تدهورت معظم الخدمات كالتعليم بمختلف مراحله وكذلك الصحة والبنى التحتية.

مرحلة طاردة سببها المليشيا

على مدار سبعة أعوام وجماعة الحوثي تتصدر المشهد باعتبارها الوصي الوحيد من بين كل المكونات والأحزاب السياسية والكيانات؛ مدعية أنها تحافظ على السيادة وتحمي البلد من الخطر الأمريكي الإسرائيلي.

لم تع بعد أنها أفقدت البلد كل المقومات التي كان يتمتع بها، ليس على مستوى الاستقرار وحسب بل صادرت كل مظاهر الحرية، من إعلام وصحافة ومجتمع مدني ديمقراطي حتى مجلس النواب عطلت أعماله تماما.

ذلك بعض مما يعانيه البلد اليوم، مؤخرا أغلقت سلطات صنعاء ما يقارب 6 إذاعات خاصة، غير ذلك صبغت الإعلام المرئي والمسموع والمقروء بصبغة طائفية ممنهجة، ذات صوت واحد ورؤية واحدة.

أرقام في المهجر 

في الحرب الدائرة منذ 2014 حتى مطلع العام 2022 فقدت جامعة صنعاء لوحدها ما يقارب 115 من أعضاء هيئة التدريس، من مختلف الأقسام والكليات، أكثر من 30 منهم من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بأقسامها:  التاريخ، الآثار، العلوم، الاجتماع، الفلسفة، الجغرافيا، وعلم النفس.

هاجر ما يقارب 70 فنانا تشكيليا معظمهم من الشباب بين سن الثلاثين والأربعين، منهم من استقر في القاهرة والبعض في الرياض وأوروبا وآسيا وأمريكا وكندا وإفريقيا.

وهناك آلاف الأطباء غادروا البلد أو أنهم لم يعودوا إليها سواء ممن كانوا مؤهلين ويعملون في المستشفيات ولديهم عياداتهم الخاصة أو من الخريجين الجدد والذين كانوا مبتعثين وصرفت عليهم الدولة ملايين الدولارات.

كل تلك الأرقام والمليشيا ماضية في سياستها لا تتوقف أبدا عند واحدة من هذه المعضلات التي عطلت البلد وتسببت بكثير من المشكلات للأفراد.

الأمر الآخر، رجال الأعمال وشركات الاستيراد والتصدير والمصانع والمعامل التي توقفت تماما. غير ذلك مضايقة وقصف ما تبقى منها، وإلزام أصحابها دفع الملايين مقابل مَخارج كثيرة تم استحداثها مؤخرا؛ وهو ما أحدث شللا تاما في البنية التحتية الاقتصادية ورفع البطالة إلى مستويات غير مسبوقة.

نتج عن كل ذلك استثمار ملايين الدولارات في مجال العقارات والاستيراد وإنشاء المصانع والمقاولات في ماليزيا والقاهرة والرياض واسطنبول والإمارات.

تهجير الصحفيين والفنانين

تم التضييق على الصحفيين من قبل ذراع إيران؛ وبحسب الصحفي والحقوقي نبيل الاسيدي فإن ما يقارب من 1000 صحفي تم تهجيرهم خارج البلد أو إلى مناطق سيطرة حكومة الشرعية.

عشرات الممثلين غادروا إلى عواصم أخرى وكذلك الفنانين بعد أن وجدوا أن البيئة التي يعيشون فيها طاردة لا يستطيعون التأقلم فيها أبدا. معظمهم بين سن 30-40.

إننا نتحدث عن مأساة حقيقية تتسع كل يوم ولا أحد يتوقف عندها بشكل جدي وجريئ؛ إننا نعني بلدا كان يسمى اليمن السعيد.