تنازلات الحكومة تقسم الشارع اليمني.. ماذا قدّمت المليشيات الحوثية من تنازلات من أجل السلام؟

تقارير - Saturday 14 May 2022 الساعة 11:11 am
عدن، نيوزيمن، خاص:

أثار استمرار الحكومة اليمنية، المعترف بها دولياً، تقديم التنازلات لميليشيا الحوثي الإرهابية، ذراع إيران في اليمن، غضب الشارع اليمني الذي انقسم بين مؤيد لدواعٍ إنسانية وأخلاقية ومعارض طرح تساؤلات عدة حول التنازلات التي قدمتها الميليشيات حتى الآن.

وأعلنت الحكومة اليمنية، الخميس، رسمياً، السماح بالسفر عبر مطار صنعاء بجوازات صادرة من محافظة صنعاء والمحافظات الأخرى، بعد أربع سنوات من قرار يقضي بإلغاء التعامل مع الجوازات الصادرة من مناطق الميليشيات.

وبررت الحكومة قرارها بتعاطيها الإيجابي مع مبادرة مكتب المبعوث الأممي وتعهداته بخصوص تسيير رحلات طيران اليمنية من مطار صنعاء إلى المملكة الأردنية الهاشمية خلال فترة الهدنة لإتاحة الفرصة للشعب اليمني الذي وقع رهينة للحوثيين.

أسباب التنازل.. ياسين يجيب

وفي حين تساءل البعض عن أسباب هذه التنازلات المفاجئة في ظل تعنت الميليشيات الحوثية، أجاب سفير اليمن لدى المملكة المتحدة، الدكتور ياسين سعيد نعمان "أن تنازل الحكومة إثبات على أنها أحرص على مصلحة اليمنيين باعتبارها مسئولة سياسياً وأخلاقياً ودستورياً عن مصالح اليمنيين ورعايتهم"، مشيراً إلى أنها لا تقدم التنازلات للمليشيات المغتصبة لحاضر ومستقبل اليمن حينما تخطو تلك الخطوات الميسرة لحل عذابات اليمنيين في مواجهة التعنت الذي تبديه هذه المليشيات وإنما تعمل على مراكمة المزيد من عوامل انضاج فرص السلام، وإنهاء الحرب وتعرية الموقف السياسي والأخلاقي المشين للمليشيات.

وقال "إلى هنا نستطيع أن نقنع أنفسنا بصحة هذه المواقف بما في ذلك الخطوة الأخيرة الخاصة بالسماح للمسافرين من مطار صنعاء استخدام الجوازات التي تصدرها المليشيات في صنعاء على الرغم مما تحمله من دلالة على اقتراب الحلول المقترحة من المجتمع الدولي من حدود القرار السيادي الذي هو حق للحكومة الشرعية وحدها فقط دون المليشيات المغتصبة للسلطة، وهو ما يخشى أن يجعلها، أي هذه المليشيات، تشعر بأن مثل هذا الحل يمنحها قدراً من المشروعية يمكنها من التمادي والاستمرار في غطرستها والتمسك بالحرب كوسيلة لفرض خياراتها".

وأضاف "إن المجتمع الدولي، الذي يجد أن من السهل عليه الضغط على الحكومة لتمرير مثل هذه الحلول بتوظيف حرصها على تمثيل مصلحة اليمنيين كافة، لا بد أن يدرك انه يتعامل مع مليشيات انقلابية لا يمكن لها أن تنظر إلى مثل هذه الحلول إلا على أنها انتصار لخياراتها وليست تسوية لمصلحة المواطنين على طريق سلام عادل".

واستدرك "أما الحكومة اليمنية فلا بد أنها واعية لهذه الحقيقة بعد كل التجارب التي خاضتها مع هذه المليشيات، وتدرك أن السيادة التي تمثلها لا يجب أن تتحول إلى منبر للتبرع بها أو بجزء منها لصالح المجهود الدولي الذي لا يعرف له نهاية حتى الآن، كي لا تجد نفسها وقد دفعت ثمن حرصها على السلام لصالح هدنة مضطربة وغير مستقرة، أو كما قال أحدهم: إذا كانت الجوازات هي ثمن الهدنة فما هو الثمن الذي سيدفع مقابل السلام".

المحامية والناشطة الحقوقية هدى الصراري، أيدت ما طرحه الدكتور ياسين، وقالت "فرق شاسع بين تعامل الدولة وبين تعامل المليشيات، تقديم التنازلات شجاعة للتخفيف على المواطن في أي منطقة جغرافية في اليمن هو من واجب ومسؤولية الدولة، وهذا ما لم تفهمه المليشيات الذي تتخذ وتقتنص كل الأزمات الإنسانية جراء الحرب لصالحها وتتخذ الإنسان اليمني مجرد اداة للضغط وتصنع الأزمات".

تساؤلات مشروعة

هذا التنازل الذي تطلق عليه الحكومة "مبادرة" جاء بعد أسابيع من إصرار الحكومة اليمنية على تنفيذ قرارها الصادر في العام 2017 بشأن إلغاء التعامل مع الجوازات الصادرة من مناطق الميليشيات، والذي بسببه تم إلغاء أول رحلة كانت متجهة من مطار الملكة علياء في الأدرن إلى مطار صنعاء في 24 الشهر الماضي.

وطرح نشطاء يمنيون تساؤلات أخرى حول ما قدمته الميليشيات الحوثية من تنازلات شبيهة ما قدمته وتقدمه الحكومة على طريق تحقيق السلام، حيث يقول الناشط اليمني، عابد الحميري "الحكومة اليمنية توافق على السماح لحاملي جوازات السفر الصادرة من صنعاء بالسفر خارج اليمن عبر مطار صنعاء.... هل سيكون هذا مقابل فتح منافذ تعز....؟ أم تعز ستكون خارج كل الاتفاقات؟".

فيما قال الأكاديمي والإعلامي، نشوان العثماني، "لماذا تطلب الأمم المتحدة دائمًا تنازلات أكثر من الجانب الحكومي، فيما يرفض الحوثيون كثيرًا من مبادراتها، وقد ظلوا رافضين حتى استقبال مبعوثها إلى اليمن؟ ولماذا لا تمارس الدور نفسه ضد الحوثيين في حملتهم المأساوية والمتكررة كل مرة في مأرب كما مارسته ضد التحالف الحكومي في الحديدة؟!".

أما السياسي، عبدالسلام محمد، فقال "انتظرنا من الدولة سحب الاتصالات والطيران المدني والعملة من الحوثيين، سلموا لهم الجوازات!"، وأضاف "على الأقل وضع شروط مثل فك حصار تعز أو إطلاق سراح المختطفين والأسرى أو تسليم خرائط الألغام أو إيقاف هجماتهم أو ما نصت عليه اتفاقية استكهولم على الاقل"، لافتاً إلى أن الحكومة استجابت لرسالة المبعوث بدون مقابل!

مَن الأقوى؟ 

الصحفي ماجد الداعري، اعتبر رضوخ الشرعية وقبولها بسفر ركاب اليمنية من صنعاء بجوازات سفر صادرة من سلطات الحوثي، دليلا على قوة الأخير واستكمالا لشرعنة دولة مليشياته الانقلابية بضغط دولي ومباركة أممية، إلا أن العثماني كان مخالفاً له، فهو -العثماني- يرى أن الحكومة اليمنية ليست ضعيفة حاليًا ولا يمنعها من استعادة العاصمة صنعاء إلا انتظار أن يلوح سلام حقيقي في الأفق.

وقال "تذكروا أن قوات العمالقة لوحدها تستطيع مقارعة الحوثيين وهزيمتهم وقد فعلَتها كل مرة، فما بالكم والفرقاء قد توحدوا بالفعل. فمن المنتظر أن تقوم الأمم المتحدة بدور منصف وعادل".

جواز الحوثي ينتهي بالأردن

نشطاء آخرون في تعليقهم على إعلان الحكومة، أشاروا إلى تشديدها وتأكيدها على أنه لا يترتب على هذا التنازل أي تغيير في المركز القانوني للحكومة اليمنية ولا يعتبر ذلك اعترافا من أي نوع بالمليشيات الحوثية وأنه لن يؤسس كذلك لأي سابقة رسمية ولن تتحمل الحكومة اليمنية أي مسؤولية عن أي بيانات تتضمنها الوثائق الصادرة من محافظة صنعاء والمحافظات الأخرى وأنها وجهت سفارتها في المملكة الأردنية الهاشمية بتسهيل إصدار جوازات شرعية على نفقة الحكومة لكافة المواطنين المسافرين في هذه الرحلات وفقا للإجراءات القانونية المتبعة.

ويرى النشطاء أن هذه الفقرة تعني أنه تم السماح بالسفر بجوازات الحوثيين فقط عبر رحلة الأردن ولمدة الهدنة فقط، ما يعني أنه بعد الأردن يعتبر هذا الجواز مزورا ولا تستطيع السفر به.

يقول الصحفي أحمد شبح "الجوازات الحوثية مسموح السفر بها عبر مطار صنعاء إلى الأردن فقط وخلال فترة الهدنة فقط وفقط"، وأضاف "للمواطنين الواقعين رهائن لدى مليشيا الحوثيراني يمكنكم السفر عبر مطار صنعاء إلى الأردن، وهناك سيكون موظف السفارة بانتظاركم للحصول على جوازات شرعية بكل سهولة وعلى نفقة حكومتكم الشرعية".