بائعات الخبز في تهامة.. قصص كفاح تمتد لعقود زمنية

المخا تهامة - Friday 03 June 2022 الساعة 09:39 am
الخوخة، نيوزيمن، خاص:

نشأت "نعمة محمد حسين"، في أسرة تمتهن صناعة الخبز التقليدي، وتعلمت هذه الصنعة، عندما كانت طفلة تساعد والدتها في إعداد الخبز، وبيعه لاحقا في أحد شوارع مدينة الخوخة الواقعة جنوب محافظة الحديدة.

وعندما رحلت والدتها استمرت في هذه المهنة المتواضعة حتى شارفت على بلوغ سن السبعين من عمرها، في مسيرة عمل تمتد لنحو ستة عقود زمنية.

تقول نعمة وهي حاليا في السبعين من العمر، لنيوزيمن، إنها تواصل العمل في هذه المهنة ل60 سنة، ولولا أنها تعمل لما كانت قادرة اليوم على التحرك.

تضيف، إن إعداد الخبز بالطريقة التقليدية، يمر بعدة مراحل، إذ يتم عجنه مساء كل يوم، ويضاف إليه شرائح من البصل مع تخميره بطريقة تقليدية.

في الصباح الباكر عندما يحين موعد إعداده، تكون العجينة منتفخة، ما يدل أنها وصلت لمرحلة التخمير، ثم يتم تجزئتها إلى قطع كروية صغيرة، قبل تفطيحها على شكل دوائر متوسطة الحجم، بحسب ما تضيف نعمة التي تواصل حديثها بالقول، قبل إدخالها إلى التنور الذي يوقد بالحطب، يجب أن يكون محمرا، وقد وصلت الحرارة فيه إلى درجة تسمح بنضوج الفطائر بشكل جيد.

يلزم تجهيز الخبز الاستيقاظ مبكرا بحسب تلك المسنة، من أجل إعداد كميات كبيرة من الفطائر، ثم نقلها إلى السوق وبيعها، لكن حاليا تبيع كل ما تصنعه داخل منزلها.

وتشير "الحاجة نعمة" إلى أن عملها، أسهم في إمداد جيلين من أسرتها باحتياجاتهم المالية، وإن كانت مردوداته متواضعة، نظرا لارتفاع أسعار الحبوب المحلية التي يصنع منها، فضلا عن ارتفاع أسعار الحطب.

مهنة الفقراء

يؤكد شقيقها "عبده محمد حسين"، أن إعداد الخبز وإنضاجه بالحطب يجعله ذات مذاق جيد، مقارنة بإعداده في أفران تعمل بالغاز، وهذا هو السر الذي يجعل الطلب عليه مستمرا.

وبحسب محمد ذات الأربعين عاما، أن هذه المهنة محصورة على النساء في الأسر الفقيرة، ويمثل إعداد وبيع الخبز، مهنة محصورة بهن، إذ تعد بمثابة نافذة الضوء لتلك الأسر، نظرا للمداخيل المالية التي تكفي لإعالة أسرهن.

ويرى أن أسرته تتوارث هذه المهنة، لأجيال، إذ ورثت والدته إعداد الخبز وبيعه لاحقا من والدتها، وحاليا انتقلت هذه الصنعة إلى شقيقته، وفي انتظار من يحمل راية الكفاح من بعدها. 

وبالرغم من أنه لا يوجد إحصاء معين بعدد النساء العاملات في هذه المهنة، إلا أن محمد يؤكد أن العديد منهن عملن طيلة العقود الماضية، بعضهن توفاهن الله، والبعض الآخر على وشك الرحيل، فيما تستعد شابات جدد في ولوج المهنة، نظرا لاستمرار الطلب عليه.

 وفي المخا، كغيرها من مدن الساحل اليمني، ما تزال أسرة "محمد علي الموزعي"، تعمل في هذه المهنة كآخر الأسر المتبقية ممن حافظت على بقاء هذه الحرفة مستمرة.

وانتقلت أسرة الموزعي، من مديرية موزع، وحافظت على بيع الخبز التقليدي، عند وصولها إلى المخا الساحلية.

وما يزال الطلب مستمرا على الخبز التقليدي المصنوع من الحبوب المنتجة محليا، إذ يفضل العديد من السكان الخبز التقليدي، عن الرغيف الذي يتم إعداده بالأفران الحديثة من حبوب القمح.

وفي محافظات يمنية عدة، ما يزال بيع الخبز المصنوع من حبوب الذرة، والشعير، والدخن، رائجا، ونظرا لطعمه الرائع يقبل الناس على شرائه، لكأنه تذكير بالبدايات، حيث تصنع كل أسرة حاجتها من الخبز في منازلها، قبل دخول الأفران الحديثة.