صنعاء.. مخالفات وجبايات المرور صورة لفساد حوثي منظم

تقارير - Monday 21 November 2022 الساعة 09:36 am
صنعاء، نيوزيمن، تقرير خاص:

"إنهم ينهبوننا مرتين"؛ بهذه العبارة أكد سائق سيارة أجرة متوقفة منذ سنتين عندما اكتشف أن سداده للمخالفات خلال الأعوام الماضية لم يصل حتى للخزينة.

جاء الكشف على خلفية إعلان إدارة مرور صنعاء التابعة لوزارة الداخلية الواقعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية تمديد فترة سداد قيمة تجديد كروت المركبات بكافة أنواعها مقابل دفع مبلغ مالي مقطوع بنحو (13000) ريال على كل عملية تجديد بغض النظر عن سنوات عدم التجديد التي مرت على الكرت، لكن ذلك مشروط بضرورة قيام مالك المركبة بدفع قيمة كل المخالفات التي عليها بشكل كامل مهما كان عددها ومهما كان المبلغ الذي يجب عليه دفعه.

وقالت مصادر في مرور صنعاء لنيوزيمن: إن تمديد فترة تجديد كروت المركبات وتسديد المخالفات تمت بعد أن تمكنت فروع إدارات المرور في صنعاء وبقية مناطق سيطرة المليشيات الحوثية، ذراع إيران في اليمن، من جباية مئات ملايين الريالات جراء عمليات تجديد كروت المركبات وتحصيل رسوم المخالفات المرورية لكافة المركبات بمختلف أنواع أرقامها.

وأضافت المصادر، إن هذه الإجراءات مكنت المليشيات الحوثية من جباية مبالغ ضخمة خصوصا تلك المبالغ الخاصة بسداد قيمة المخالفات المرورية على مختلف لوحات المركبات التي يبلغ عدد أنواعها (13) لوحة (خصوصي- اجرة- نقل- حكومي- هيئة سياسية- إدخال جمركي- إدخال مؤقت- أمم متحدة – دراجة نارية –شرطة- جيش- هيئة قنصلية- اليمن دولي).

وحسب المصادر المرورية فإن المبالغ الخاصة بالمخالفات المرورية كبيرة جدا لأسباب كثيرة منها أن هذه المبالغ تشمل قيمة لنحو (131) نوعاً من المخالفات التي يقرها القانون والتي ترتكب من قبل السائقين في معظم الأحيان بدون علم لنوعيتها ولقيمتها من جهة ومن جهة ثانية أن عملية تحصيل قيمة المخالفات التي تقوم بها مليشيات الحوثي تخص السنوات الماضية بعضها من أكثر من عشر سنوات وتحديدا منذ العام 2011م.

وتشير المصادر إلى أن مرور الأمانة ومرور صنعاء لوحدهما تحصلا على ما يقارب مليار ريال من قيمة تجديد كروت المركبات بواقع (520) مليون ريال لعدد (40) ألف مركبة تم تجديد كروتها مقابل 13 ألف ريال لكل تجديد، و(468) مليون ريال لعدد (36) ألف مركبة تم تجديد كروتها وكل هذا خلال فترة التخفيض الأولى التي بدأت من 13 أبريل 2022م ثم تم تمديدها لمرتين.

إنهم ينهبوننا مرتين

ما تحدث به رجل المرور لنيوزيمن أكده ملاك مركبات تحمل أرقام أجرة في صنعاء حيث قال أحد مالكي سيارات الأجرة وهو مغترب في إحدى دول الجوار، قررت تجديد رخصة السيارة ذهبت للإدارة وجدت مخالفات كثيرة ومبلغا ماليا كبيرا.

يضيف لنيوزيمن: السيارة لا تستخدم في غيابي إلا نادرا وحين طلبت توضيحا بالمخالفات رفض الموظف القائم على الكمبيوتر منحي ذلك وأنا أعرفه جيدا من خلال التعامل معه وتسديد مخالفات سابقة.

ويقول: قررت الذهاب إلى المدير العام غير أن ذلك الموظف أمسك بي وطلب مني عدم الذهاب قبل أن يقوم بإعطائي مبلغا من جيبه بالاتفاق مع زميل له بواقع 70% من قيمة المخالفات وباقي المبلغ عليّ تسديده.

يختم: تم مصادرة السند السابق وتقطيعه أمامي وحدثت مشكلة معه بعد أن أدركت أنهم ينهبون الرسوم دون توريدها ويبقون المخالفات تتراكم كما هي، وهذا ما حدث معي بالضبط، لكني أخبرته أنني أحتفظ بصورة من السند السابق ويمكنني محاسبته، وانتهى الأمر على ذلك.

أحد رجال المرور أخبر السائق أن القائمين على إدارة المخالفات مجموعة من الموظفين تم وضعهم بعناية من قبل نافذين من أجل تنفيذ مهمات فساد ونهب واضحة، وأن هناك من يحميهم في ظل عدم إدراك بعض السائقين لما يتم نهبه، مؤكدا أن السنوات الماضية تم سرقة أصحاب المركبات بتلك الطريقة ملايين الريالات دون أن يحاسبهم أحد في ظل الفوضى وتخوف مالكي السيارات من رفع أصواتهم خوفا من ردة فعل سلبية تجاههم.

نهب وسرقات بأساليب جديدة 

وبالإضافة إلى ذلك فان المصادر تؤكد أن جباية المخالفات المرورية وإن شهدت تخفيضا بواقع تسديد مبلغ ألف ريال عن كل مخالفة إلا أن اشتراط إدارة المرور تسديد كل المخالفات مهما كان عددها ومدتها هو الذي مكن قيادات المليشيات من جباية مئات ملايين الريالات خصوصا وأن بعض مالكي المركبات عليهم مخالفات تمتد إلى نحو عشر سنوات وأكثر.

وأشارت المصادر إلى أن تعمد المليشيا الإعلان عن تخفيض رسوم المخالفات وغيره من فترة إلى أخرى هدفه توفير إيرادات بملايين الريالات لا أحد يعرف أين تذهب، حيث تقوم المليشيات على مدى الاعوام الثمانية الماضية بعمليات جبايات اشبه ما تكون بعملية فساد منظم يدر عليها مئات الملايين من الريالات.

وحسب أحد رجال المرور الذي تحدث إلى نيوزيمن، فإن أحد مالكي مركبات الأجرة في صنعاء (سائق باص نقل متوسط الحجم) بلغت قيمة المخالفات التي عليه نحو (800) ألف ريال بواقع (800) مخالفة ممتدة للسنوات التسع الماضية وانه اضطر إلى تسديد المبلغ كاملا.

وأضاف المصدر: إن المخالفات الخاصة بمركبات الأجرة هي الأكثر تحصيلا لأنها مخالفات مرتكبة بشكل يومي تقريبا بحكم عمل ملاك وسائقي هذا النوع من المركبات ولذلك فإن قيادات المليشيات الحوثية في المرور تركز على متابعة وجباية أموال المخالفات الخاصة بمركبات الأجرة أكثر من غيرها.

إلى ذلك قال أحد ملاك باصات النقل الصغيرة (يحمل لوحة أجرة) إن عمليات تسجيل المخالفات المرورية لملاك مركبات اللوحات الأجرة تختلف عن غيرها حيث يعمد رجال المرور إلى تسجيل مخالفات شبه يومية عليهم حتى لو لم يرتكبوها أحيانا.

وأضاف لنيوزيمن: رغم قيامي بتسديد المخالفات التي كانت على مركبتي وتصفير عدادها إلا انني فوجئت انه وخلال اربعة ايام رفعت علي مخالفات بقيمة (15) الف ريال دون علمي ودون ان اكون ارتكبت مخالفة باستثناء مخالفة واحدة هي الوقوف الخاطئ أو ما يسمونه في قانون المرور بعرقلة السير وقيمتها لا تتجاوز الف ريال.

وتابع: وحين استعنت بأحد الموظفين العاملين في مكتب المرور ليستفسر حول المخالفات التي رفعت على مركبتي كان رده مفاجئا لي حيث اخبرني بان المخالفات الخاصة بمركبتي تمت من قبل من يسمونهم (المرور السري) وهم مجموعة من منتسبي المرور من العناصر الجديدة الذين تم توظيفهم من قبل المليشيات الحوثية حيث يتم توزيعهم في بعض الشوارع بشكل يومي وهم يرتدون زيا عسكريا ويقومون بوضع مخالفات على معظم المركبات ولا يكاد يمر يوم دون ان يرفعوا مخالفات على المركبات بمختلف لوحاتها مع التركيز على المركبات التي تحمل لوحات اجرة.

إلى ذلك أكد مصدر في مرور محافظة صنعاء لنيوزيمن، أن موضوع المرور السري هو آلية جديدة تنتهجها قيادات المليشيات في اطار فساد كبير تمارسه من خلال عمليات جبايات اموال متعلقة بالمخالفات المرورية.

وأضاف: إن كثيرا من العناصر الحوثية التي تم تعيينها مؤخرا والتي لم تتمكن المليشيات من منحها اعمالا في إدارات المرور بعد ان استكملت عملية حوثنتها خلال السنوات السابقة اضطرت إلى منحها طريقة لجني المال عبر تكليفها برفع مخالفات على المركبات بشكل سري مقابل حصولها على نسب من قيمة المخالفات التي يتم تحصيلها خصوصا من مالكي وسائقي المركبات التي تحمل لوحات اجرة.

مختتما بتأكيد أن موظفي شرطة المرور في مناطق سيطرة المليشيات الحوثية يسري عليهم ما يسري على بقية موظفي الدولة، حيث يتسلمون نصف المرتب الذي تسلمه المليشيات لبقية الموظفين والذي لا يزيد عن مرتين أو ثلاث مرات في العام، وهو الأمر الذي يسهم في قيامهم بتسجيل مخالفات مرورية بشكل كبير وفي كثير من الأحيان بشكل غير قانوني بغية الحصول على نسبة من قيمة تلك المخالفات، ناهيك عن قيامهم بالحصول على رشى من ملاك وسائقي المركبات نظير إلغائهم مخالفات قانونية أو السماح لهم بالمرور بالمركبات التي لا تحمل لوحات أو تلك التي يمنع مرورها إلا بترخيص مسبق مثل المركبات التي تحمل البضائع والسلع المختلفة والتي تتنقل بين المحافظات.