كوقود حرب لا نهاية لها.. تقرير دولي: الحوثيون استغلوا صرف المساعدات الأممية لتجنيد الأطفال

تقارير - Sunday 05 February 2023 الساعة 10:16 am
عدن، نيوزيمن، خاص:

أوضح تقرير نشره المركز العربي واشنطن "دي سي" أن أطفال اليمن يدفعون ثمناً باهظاً بسبب استثمار ميليشيا الحوثي -ذراع إيران في اليمن- لهذه الشريحة منذ اندلاع الصراع عام 2014.

وأوضح المركز أن الأطفال دفعوا إلى الخطوط الأمامية بمكائد القادة المستثمرين، والحاجة المالية، والتضامن القبلي، وأن هذا الثمن سوف يستمر في التراكم لسنوات قادمة وسيؤثر على المجتمع اليمني بأسره.

وأضاف التقرير، الذي أعدته الباحثة في المركز أفراح ناصر، إنه وبصرف النظر عن كون تجنيد الأطفال جريمة حرب بموجب القانون الدولي، فإن استخدام أطفال اليمن كوقود لحرب لا نهاية لها على ما يبدو سيحرمهم ويحرم بلدهم من فرصة بناء اقتصاد ودولة ذات سيادة.

وقالت الباحثة: عند السير في أي شارع في صنعاء، التي تسيطر عليها جماعة الحوثي المتمردة (المعروفة رسميًا باسم أنصار الله)، يلاحظ المرء بسرعة ملصقات وصورًا ملصقة على الجدران وأكشاك إعلانية تُظهر جنود الجماعة الأطفال الذين قُتلوا في الحرب. وكلهم يرتدون الزي العسكري. موضحة أن جماعة الحوثي المسلحة قامت بتجنيد واستخدام آلاف الأطفال في القتال.

وبحسب إفادة مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان (OHCHR) في عام 2017 بأن غالبية التقارير التي تلقاها عن تجنيد الأطفال ارتكبتها اللجان الشعبية التابعة للحوثيين، أفادت منظمة حقوق الإنسان اليمنية المحلية، سام للحقوق والحريات، بالاشتراك مع المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، في عام 2021 أن البيانات التي جمعتها تظهر أن جماعة الحوثيين وحدها جندت 10،333 طفلاً منذ عام 2014. على الرغم من تراجع القتال النشط بعد سلسلة من الهدنات العام الماضي، وعلى الرغم من تعهد الحوثيين للأمم المتحدة في أبريل/ نيسان بإنهاء تجنيد الأطفال، تواصل الجماعة تجنيد الأطفال.

وأشار تقرير المركز العربي واشنطن "دي سي": عادة ما يشارك الأطفال الذين يعملون كمقاتلين في الجماعات المسلحة والميليشيات في الحروب بطرق متنوعة، بما في ذلك القتال والتجسس وزرع الألغام والعمل عند نقاط التفتيش الأمنية. 

وأوضح التقرير: "يتواجد الأطفال في اليمن بوفرة دائماً، ما يقرب من نصف السكان في اليمن البالغ عددهم 34 مليون نسمة دون سن 18. ونظرًا للأزمة الاقتصادية العميقة التي يواجهها البلد حاليًا، فقد وقع الأطفال ضحايا للاستغلال الاقتصادي وسط الفقر المتزايد". لافتا إلى أن غالبية الجنود الأطفال في اليمن ينحدرون من أسر ومناطق فقيرة ويتم استدراجهم بالمال. 

وأشار التقرير إلى أن الحوثيين يقومون باستدراج الأطفال بسهولة من خلال الوعد براتب قدره 20000 ريال يمني، وإمدادات يومية من القات، والتبغ، وفوائد أخرى. وهو ما يجعل الطفل يشعر أنه سيكون في وضع اقتصادي أفضل قريبًا وسيكون قادرًا على تحويل بعض الأموال إلى أسرته وبالتالي تحسين وضعه الاقتصادي أيضًا.

تجنيد الأطفال مقابل المساعدات

وكشف التقرير أن المساعدات الإنسانية الدولية لعبت دورًا مهمًا في عملية تجنيد الأطفال، وفقًا لتقارير عديدة من قبل وسائل الإعلام المحلية، حيث قامت جماعة الحوثي بسرقة المساعدات الإنسانية بهدف استغلال حاجة الناس لهذه المساعدات من أجل تجنيد أطفالهم. وقد وثقت عدة تقارير أن الجماعة حولت المساعدات لجهودها العسكرية.

وأكد تقرير الباحثة أفراح ناصر، أن لدى جماعة الحوثي المسلحة نظام تجنيد متقدم بالنظر إلى تاريخها الطويل في تجنيد الأطفال منذ التسعينيات، وهو نظام يشمل السماسرة والمشرفين الحوثيين والمدرسين وكبار الأحياء. موضحة أن الأطفال الذين تجندهم الجماعة يتوجهون إلى معسكر للأطفال، حيث يتلقون تدريبات عسكرية داخل ما يسمى المخيمات التي تحولت من مخيمات تقام خلال فصل الصيف إلى معسكرات مفتوحة طوال العام. 

وبحسب التقرير فإن الحوثيين قاموا بتحويل المدارس التقليدية لتصبح أقرب إلى تنظيم المعسكرات الصيفية القديمة. خصوصا بعد التغييرات المكثفة داخل المناهج الدراسية التي يشرف عليها ثاني أهم رجل بالميليشيات الحوثية المسلحة، يحيى بدر الدين الحوثي، شقيق زعيم الجماعة. 

تداعيات خطيرة 

وأكد المركز العربي واشنطن "دي سي" أن تداعيات تجنيد الأطفال، إذا لم يتم التعامل معها بعناية وبشكل شامل، سوف تؤثر سلبًا على جهود بناء السلام، لا سيما وأن العديد من الجنود الأطفال يعودون مرارًا وتكرارًا. موضحا أن العسكرة المتزايدة لشباب اليمن أحد العوامل التي تؤثر على احتمالية اندلاع الصراع مرة أخرى في المستقبل، حتى لو تحقق السلام على المدى القصير. 

وأضاف إن معالجة تجنيد الأطفال بشكل شامل اليوم ستساعد في التقليل غدا من فرص العودة إلى الصراع. موضحا أن تجنيد الأطفال في الحرب في اليمن ليس فقط قضية أساسية من قضايا حقوق الإنسان؛ إنما هي قضية سلام عميقة. لا يمكن لأي مجتمع أن يحقق السلام بتحويل أبنائه إلى جنود.

وشدد التقرير على ضرورة أن يتضمن أي اتفاق أو مفاوضات سياسية محتملة لإنهاء النزاع في اليمن بندًا يحظر تجنيد الأطفال واستخدامهم في أي شكل من أشكال الأعمال العدائية. يجب على الأمم المتحدة وأصحاب المصلحة الآخرين بعد ذلك وضع إجراءات مراقبة لتحديد الأفراد والجماعات التي تنتهك مثل هذه الاتفاقية. 

ودعا المركز العربي واشنطن "دي سي" في تقريره المجتمع الدولي أن يتبرع بسخاء لبرامج إعادة التأهيل وإعادة الإدماج التي تنظمها وتديرها منظمات المجتمع المدني اليمنية التي توثق تجنيد الأطفال في الأنشطة العسكرية. وكذا إعادة التفكير في تمويل مساعداته الإنسانية والحد من الطرق التي يمكن للجماعات المسلحة المحلية من خلالها التلاعب بالمساعدات لتغذية عملية تجنيد الأطفال، وضمان توزيع المساعدات بشكل مستقل ودون تدخل. 

بحسب التقرير: أطفال اليمن قريبًا هم من يبنون مستقبل بلدهم، ولكن من أجل القيام بذلك، يجب أولاً السماح لهم بالتمتع بطفولة حقيقية خالية من الاستغلال والعنف.