استراتيجية "الانفصال".. حروب الحوثي ضد اقتصاد المناطق المحررة

تقارير - Tuesday 28 February 2023 الساعة 07:15 am
عدن، نيوزيمن، عمار علي أحمد:

أعادت الضجة التي أحدثتها تصريحات رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي مؤخراً حول القضية الجنوبية، حديث نخب شمال حول مصير الوحدة اليمنية في ظل تمسك الجنوبيين وإصرارهم على استعادة دولتهم والعودة إلى ما قبل عام 1990م.

وكعادته ينحصر الخطاب الصادر عن نخب الشمال باختلاف موقفها من الحوثي ومن الصراع الدائر، في محاولة تصوير أن مطلب فك الارتباط هو مطلب سياسي خاص بالمجلس الانتقالي الجنوبي يحاول فرضه بقوة السلاح، وأن قناعة أبناء الجنوب لا تزال مع الوحدة.

انشغال نخب الشمال في محاولة تأكيد "الوحدة" جنوباً، يتجاهل حقائق السلوك "الانفصالي" الذي تمارسه جماعة الحوثي خلال السنوات الماضية لترسيخ دولة خاصة بها في الشمال، واستهداف المناطق المحررة التي يشكل الجنوب غالبيتها، اقتصادياً بعد عجزه عن العودة لها.

فصول هذا الاستهداف، تم تلخيصها في إحدى فقرات تقرير لجنة الخبراء حول اليمن التابعة لمجلس الأمن والصادر مؤخراً، حيث تتحدث عن اعتماد الحوثيين لخطة استراتيجية لاستهداف المقدرات الاقتصادية للحكومة الشرعية، وقالت بأنها أدت إلى عدم الاستقرار الاقتصادي بالمناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية في اليمن.

ومن هذه التدابير التي اتخذها الحوثي –وفق التقرير– حظر العملة المحلية الصادرة عن البنك المركزي في عدن واعتماد سياسات لتقسيم القطاع المصرفي والاقتصادي، ومهاجمة أصول شركات الاتصال التي تتخذ من عدن مقراً لها، وتهديد ومهاجمة الموانئ والسفن العاملة في تصدير النفط، وإقرار قانون جديد لحظر الفائدة على المعاملات المصرفية والتجارية.

يؤكد التقرير أن هذه "العقبات الاقتصادية إلى جانب الهجمات العسكرية التي يشنها الحوثيون، تشكل تهديداً خطيراً للسلام والأمن والاستقرار في اليمن"، وأن ذلك "يتطلب تدخلاً دولياً عاجلاً"، كما ترى لجنة الخبراء، التي تطالب في توصياتها من أطراف الصراع في اليمن إلى التوقف عن كل ما يعزز الانقسام الاقتصادي والمصرفي، مطالبة جماعة الحوثي في هذا الصدد إلى القبول بالعملة الصادرة عن البنك المركزي في عدن.

ولكون تقرير لجنة الخبراء متعلقاً بفترة زمنية محددة وهي العام الماضي (يناير- ديسمبر 2022)، فإن التقرير لم يتضمن أحدث فصول خطة الحوثي الاستراتيجية لاستهداف اقتصاد المناطق المحررة والذي شرعت في تنفيذه منذ مطلع العام الجاري، بهدف ضرب نشاط الموانئ التجارية في هذه المناطق عقب شهرين من استهدافها للموانئ النفطية.

حيث أقدمت جماعة الحوثي على منع شامل لوصول البضائع المستوردة من الموانئ والمنافذ بالمناطق المحررة إلى مناطق سيطرتها، وإجبار التجار والشركات على توقيع التزام بتحويل عملية الاستيراد نحو موانئ الحديدة الخاضعة لسيطرتها، بعد فشلها في تحقيق ذلك لسنوات عبر فرض جمارك إضافية على هذه البضائع.

منع جماعة الحوثي لم يقتصر على البضائع المستوردة، بل وصل مؤخراً إلى منعها لدخول مادة الاسمنت المنتجة من المصانع العاملة في المناطق المحررة إلى مناطق سيطرتها، بهدف إجبار التجار على استيرادها من الخارج، ما يكشف شراسة الحرب الاقتصادية القذرة التي تشنها ذراع إيران في اليمن.

حرب اقتصادية قذرة تشنها الجماعة بطابع "انفصالي" واضح تجاه كل ما له علاقة بالمناطق المحررة وبالعاصمة عدن، دون أن تقابل بردة فعل مشابهة من الطرف الآخر، فمنتجات الشمال تجد طريقها سالكاً نحو عدن والجنوب دون أن تعامل كمنتجات قادمة من دولة أجنبية، ولا يزال الجنوب والمناطق المحررة سوقاً مفتوحة لكل شركات "صنعاء" من بنوك ومصارف واتصال.

حقائق تقدم المشهد الراهن في اليمن على حقيقته لجنوب لا يزال مرتبطاً مع الواقع الذي فرضته "دولة الوحدة" دون سلوك "انفصالي" حقيقي على الأرض يستهدف الشمال أرضاً وشعباً، وبين سلطة "انفصالية" تديرها جماعة الحوثي من صنعاء وتسعى باستمرار لاستهداف الجنوب عسكرياً واقتصادياً، بعد أن ضمنت قبضتها على الشمال الذي تحاول نخبه تصوير مشهد آخر وهمي من خلال ضجيجها الفارغ باسم "الوحدة".