أجساد لا تقوى على التحمل.. الشتاء يفاقم معاناة النازحين في اليمن

تقارير - Monday 04 December 2023 الساعة 10:26 am
مأرب، نيوزيمن، خاص:

يشكل البرد القارس أحد أهم التحديات الإنسانية التي تضاعف معاناة الأسر النازحة في مخيمات الإيواء في اليمن. حيث تواجه الأسر صعوبة في التأقلم مع الأجواء الصعبة في ظل نقص المساعدات المنقذة للحياة.

وتواجه الأسر أوضاعاً معيشية مأساوية ومتردية، فهي تعاني من نقص كبير في المواد الرئيسة والبنية التحتية في مخيمات النزوح؛ فجميع الأسر المتواجدة في المخيمات خصوصاً في مناطق محافظة مأرب تسكن في خيام وأنواع من المأوى المتهالك غير المجهزة لمقاومة الظروف الجوية الصعبة.

مع دخول فصل الشتاء لهذا العام 2023 تتكرر المعاناة، فأجساد الأطفال وكبار السن والمرضى لا تقوى على تحمل البرد القارس المميت؛ ما دفع بالبعض إلى استخدام وسائل تدفئة غير آمنة مثل النيران المكشوفة داخل الخيام، مما يزيد من خطر الحرائق وحالات التسمم بسبب الأدخنة.

خطر كبير 

تعد محافظة مأرب من المناطق اليمنية التي تمتاز بمناخ قاسٍ وطبيعة صحراوية شديدة البرودة. وهذا ما يعرض الأسر القاطنة في مخيمات النزوح لمخاطر عدة جراء انخفاض درجة الحرارة وقلة المساعدات الشتوية المقدمة لهذه الشريحة.

يتواجد في مأرب 204 مخيمات للنازحين موزعة على عدد من المناطق، معظمها في مناطق "مأرب الوادي"، ويسكن في تلك المخيمات 63674 أسرة، بعدد أفراد يزيد عن 445 ألف نسمة، من بينهم أكثر من 43 ألف طفل ما دون الخامسة، و184 ألفا ما بين 6 - 18 عاماً. في حين يبلغ عدد كبار السن ما فوق 60 عاما نحو 9 آلاف شخص.

ووفقاً لقائمة الاحتياجات الشتوية المعلنة من قبل الوحدة التنفيذية لمخيمات النازحين في مأرب، يحتاج أكثر 95 بالمائة من النازحين إلى ملابس وحقائب شتوية ودفايات، و83 بالمائة إلى مأوى انتقالي أو إعادة تأهيل أو إصلاح وصيانة.

وأشارت القائمة إلى أن نحو 89 ألف أسرة نازحة في مأرب سواء في المخيمات وخارجها تحتاج إلى سلل غذائية خلال فصل الشتاء، وأكثر من 270 ألف أسرة للمياه الصالحة للشرب والاستخدام؛ وأكثر من 32 ألف أسرة لمشاريع سبل العيش.

في قطاعي الصحة والتغذية، أوضحت قائمة الاحتياجات الشتوية للنازحين في مارب أن هناك 48 ألف طفل يعانون من أمراض سوء التغذية ويحتاجون إلى مساعدات خلال فصل الشتاء. إلى جانب احتياج مخيمات النزوح 99 عيادة ثابتة لتقديم الخدمات الطبية والعلاجية اللازمة لسكان المخيمات.

كارثة إنسانية 

تأخر وبطء الاستجابة الإنسانية الشتوية يتسبب بكارثة إنسانية في ظل تفاقم احتياجات المأوى الدافئ وإمدادات الغذاء والدواء ولوازم الشتاء في تلك المخيمات، بحسب تقرير الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في مأرب.

وأوضحت الوحدة التنفيذية أن كل المؤشرات تنذر بخطر وشيك في ظل تضاؤل وتقلص المساعدات الإنسانية، وقالت: "في العامين الماضيين فقد عدد من سكان المخيمات وخاصة الأطفال وكبار السن والمرضى حياتهم بسبب مضاعفات البرد المميت".

وأكد تقرير الوحدة أن إمكانيات السلطة المحلية في مأرب والتزاماتها تفوق الاحتياجات التي تتضاعف في ظل الضغط المستمر على الخدمات الأساسية"، داعياً المنظمات الإنسانية والجهات المانحة لتوفير مأوى آمن ودافئ وملابس ومعدات تدفئة للنازحين، وتحسين الهياكل التحتية في المخيمات لضمان مقاومتها للظروف الجوية القاسية. وكذا توفير وسائل تدفئة فعالة وآمنة وتلبية احتياجات النازحين وضمان حياة كريمة وآمنة لهم خلال هذا الوقت الصعب".

تحذيرات أممية

مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أطلق في نوفمبر الماضي تحذيرا من أن نقص التمويل سيترك مئات الآلاف من اليمنيين من الفئات الأكثر ضعفاً؛ خاصة النازحين، في 12 محافظة يمنية، عرضة لمخاطر الشتاء القاسية في الأشهر القادمة.

وأوضح المكتب الأممي "أن 421 ألف شخص ينتمون إلى نحو 60,200 أسرة من الفئات الضعيفة؛ بمن فيهم النازحون والعائدون والمجتمعات المضيفة، سيكونون معرضين لظروف الشتاء القاسية خلال الأشهر الأربعة المقبلة". وقال إن مجموعة المأوى تلقت حتى الآن 16% فقط من إجمالي التمويل المطلوب والبالغ 9.8 مليون دولار، ما يترك فجوة كبيرة تصل إلى 8.2 مليون دولار، "وبدون مبلغ إضافي وعاجل لسد هذه الفجوة التمويلية فستترك عشرات الآلاف من الأسر دون الحصول على المساعدة الحيوية التي تحتاجها بشدة لمواجهة صدمات الشتاء".

وأشار إلى أن استراتيجية استجابة مجموعة المأوى لفصل الشتاء تهدف إلى الوصول إلى حوالي 81,300 أسرة من الأسر الأكثر ضعفاً والمنتشرة في 68 مديرية تتبع 12 محافظة، خاصة تلك التي تواجه أعلى مخاطر الطقس الشتوي القاسي، وتزداد تحدياتها تفاقماً مع استمرار الصراع والأزمات الاقتصادية وزيادة تكاليف المعيشة وفقدان سبل العيش.

وذكر التقرير أن الأمطار الغزيرة والفيضانات التي شهدتها اليمن هذا العام تنذر بشتاء أكثر برودة وأشد قسوة في معظم أنحاء البلاد، ومن المتوقع أن يؤثر ذلك على 134 ألف أسرة تتكون من أكثر من 900 ألف شخص، بمن في ذلك النازحون داخلياً والعائدون والمجتمعات المضيفة، خلال أشهر الشتاء الممتدة بين نوفمبر وفبراير".

مضاعفات متعددة 

التحذيرات الأممية والمحلية من خطور فصل الشتاء أعادت إلى الأذهان وفاة عدد من الأطفال في مخيمات النزوح في محافظة مأرب، نتيجة موجات البرد الشديدة. ومع التغيرات المناخية المتواصلة التي يشهدها اليمن تزيد المضاعفات والمخاطر التي تهدد حياة وصحة اليمنيين خصوصا النازحين.

وخلال الأشهر الماضية، شهدت اليمن تقلبات جوية متطرفة سوء من الفيضانات والأمطار الغزيرة في غير موعدها أو ارتفاع درجات الحرارة والأعاصير والعواصف؛ هذه التقلبات المتطرفة خلفت آثاراً واسعة وتبعات متعددة على حياة وصحة المواطنين وأدت إلى الكثير من الوفيات.

بحسب بيانات وتقارير صادرة عن منظمة الصحة العالمية، فإن التقلبات الجوية والتغيرات المناخية تزيد من انتشار الأمراض والأوبئة التي تسبب الوفاة وتعطل النظام الغذائي... وغيرها من المشكلات الصحية والنفسية.

واليمن، بحسب تقارير خبراء المناخ، من المناطق الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية وأقل البلدان في مواجهة هذه الآثار والمتغيرات لقلة وضعف البنى التحتية وتدهور الخدمات الأساسية في مقدمتها القطاع الصحي. وخلال العام 2023 تسبب الطقس القاسي نتيجة التغيرات المناخية بنزوح أكثر من 200,000 ألف شخص، غالبيتهم نازحون، حيث سبق وأن نزحوا بسبب حرب المليشيا الحوثية ضد أبناء اليمن.