الحكومة توزع الإيرادات على النافذين وتراكم المشكلات على اقتصاد مدمر

إقتصاد - Monday 19 March 2018 الساعة 09:01 am
عدن، نيوزيمن، نادر الصوفي:

بمرارة يصف المواطن عبدالفتاح محمد وضعه المعيشي قائلاً: "أصبح صعبا للغاية.. ارتفعت الأسعار بشكل جنوني والراتب ٤٥ ألف وتجي متأخرة كمان، وارتفعت الإيجارات للشقق بحدود السبعين الألف. ناهيك عن زيادة أجرة المواصلات.. أما اللي عنده سيارة قده يحطها تحت البيت أفضل بدل الملاحقة للبترول بالسوق السوداء".

أما الطبيب وليد الفقيه فيقول: "المواطن الذي يعتمد على راتبه الشهري لم يعد يكفي لشراء متطلبات البيت في ضوء الزيادة الكبيرة في أسعار المواد الغذائية الضرورية .. أصبحنا نواجه صعوبة في شرائها، بل إننا في كل مرة نحاول أن نتخلى عن بعض المواد نظرا للغلاء الفاحش والتسعيرة التي يتخذها التجار، فما بالك بالمواطن الذي لا يملك راتبا أو لديه دخل يومي".

ويرى الخبير الاقتصادي سعيد عبد المؤمن، أن الوضع الاقتصادي في عدن هو نفسه في اليمن، من سيء إلى أسوأ.. فالأمر مرتبط بناتج محلي ﻻ ينمو بل يتراجع. واليمن أساسا يعتمد على إنتاج وتصدير النفط والذي يمثل خمس هذا الناتج ويمول ميزانية الدولة بما يقارب الثلثين، أما الصادرات الزراعية متوقفة والسمكية أيضا وﻻ مساعدات دولية وﻻ قروض وﻻ منح. المتبقي مما يدعم الاقتصاد قليلا هو تحويلات المغتربين وبعض الأموال التي تتدفق من دول الجوار وهي ليست بالكثير وفي طريقها للتوقف".

-اتهامات مفرغة أم سياسات فاشلة؟

في الشهر الفائت اتهم المحافظ السابق لعدن عبدالعزيز المفلحي حكومة الشرعية، خلال حوار أجرته معه "وكالة سبوتنيك" الروسية "سوء إدارة الحكومة لأعمال البنك المركزي بعد نقله إلى عدن، وعدم اكتمال الدورة المالية بشكل كامل من خلال البنك المركزي"، قائلا إن "هذا سيجرنا إلى إشكالية ارتفاع سعر الصرف والفوضى النقدية التي نعاني منها الآن، وتلك السياسة النقدية تمثل أحد الأسباب الرئيسية لفشل الحكومة الفاشلة بالأساس".

حديث محافظ عدن المستقيل يجد صداه عند الجندي ياسين ثوان: "خسرنا مصادر دخلنا وارتفاع الأسعار وانهيار العملة بينما حكومة الشرعية لم توفر للمواطن أبسط الخدمات الضرورية. يضيف ياسين: لم يعد المواطن يطيق التدهور الاقتصادي أكثر، فأسرنا تموت جوع في المنازل لا رواتب نغطي بهاء ثمن راشان البيت وان عطونا راتب 60 ألف في سبعة شهور أيش بتعمل فيه وارتفاع الأسعار قدها أضعاف مضاعفة من السابق".

- حلول الترقيعية لا تستعيد دولة

من بين الأسباب الرئيسية التي فاقمت تدهور قيمة الريال اليمني، طباعة وإصدار البنك المركزي بعدن عملة خلال 2017 دون غطاء إصدار، حيث تشير بعض المعلومات إلى أنها وصلت إلى أكثر من 420 مليار ريال، تم ضخ العملة للتداول في السوق خلال العام الماضي، مما زاد الطين بلة.

ومن جانبها واجهت الحكومة الشرعية أخطاء سياساتها النقدية من خلال تغيير الأشخاص عوضا عن تغيير السياسات. حيث أصدر الرئيس هادي قرارا جمهوريا قضى بتعيين ‏محافظ جديد للبنك المركزي اليمني "الدكتور محمد منصور زمام".

ويرى الصحفي قيس الشاعر، أن تغيير محافظ البنك المركزي لن يسهم في استقرار الاقتصاد اليمني لأن ذلك "يرتبط بالجانب الأمني ومدى قدرة الحكومة على إعادة تشغيل المرافق السيادية التي تدر أموال على خزينة الدولة والتسهيلات التي بإمكانها خلقها لرؤوس الأموال والاستثمارات، كما أن الحرب والمعارك الدائرة سبب رئيسي في التأثير على وظائف الاستقرار في الدولة وعلى الاقتصاد".

الدكتور سعيد، يرى أن استقرار "العملة اليمنية مرتبط بالاقتصاد والإنتاج الوطني وغياب الدعم الخارجي، ولذا ستستمر العملة بالتدهور، والحلول الترقيعية ﻻ تنفع، لان موارد العملات الأجنبية أصبحت شحيحة وﻻ تكاد تفي باستيراد الحاجات الأساسية يضاف إلى ذلك سوء الإدارة للموارد المحلية المتاحة وضعف الاستقرار في عدن والبنك المركزي ﻻ تصله الموارد المحلية مثل الضرائب وهو ما يعني استمرار التدهور وستصبح المشكلة أكثر تعقيداً مع كل عملية طبع ورق مالية ﻻ يقابلها ناتج محلي أو دعم خارجي".

-استمرار الحرب كفيل لتثبيت المأساة

يرجح المراقبون أن المحافظ الجديد للبنك المركزي الذي لم يزر العاصمة المؤقتة عدن حتى اليوم، أمامه مهمة بالغه الصعوبة، "لن يتمكن من ممارسة مهامه بإدارة البنك من ‎عدن نتيجة التوتر السياسي والعسكري التي تعيشه العاصمة المؤقتة"، ويعللون أن "العمل الاقتصادي وخلق سياسات نقدية سليمة لإنقاذ الاقتصاد اليمني يحتاج بيئة سياسية صحية تساعد في الاستقرار الأمني الذي ينعكس على الأداء الاقتصادي".

الدكتور سعيد عبدالمؤمن يربط عودة اسقرار سعر الصرف الريال اليمني وحل مشكلة الاقتصاد "بعمليات توريد العائدات المالية من المنافذ والمحافظات للبنك المركزي التي ستسهم في رفد الخزينة العامة وإعادة عجلة الاقتصاد اليمني ولو في أدنى مستوياته.

وبحسبه فان تعافي الاقتصاد مرهون بفرص السلام لان "الحروب ﻻ تسمح بالإنتاج والنمو الاقتصادي، بل تكون عامل خراب ودمار، وبجانب ذلك ﻻبد من اختيار فريق اقتصادي قادر على وضع سياسة اقتصادية تساعد على الخروج من الأزمة الحالية".

يضيف: "أمام كل يوم دمار يحتاج اليمنيون إلى ٦ أشهر للاعمار . لذا فانه يتيعن على المواطنين وإلى جانب همومهم اليومية أن ينشغلوا أيضا بحساب الحصاد المر لثلاثة أعوام من الحرب"..