جميل عون أستاذ الفلسفة عاملا في مصنع للطوب.. التسول المهنة الأبرز لموظفي الدولة

إقتصاد - Sunday 15 April 2018 الساعة 06:43 pm
صنعاء - نيوزيمن - خاص:

"بلدي يشبهني تماماً" بهذه العبارة يبدأ التربوي أبو عبدالله حديثه عن وضعه البائس، ويقول إنه أمضى أكثر من ثلاثة عقود في خدمة العملية التربوية، إلا أنه وجد نفسه بدون راتب شهري، ولا يستطع تأمين قوته الضروري، لذا فهو يرى أنه وجه من أوجه هذا الوطن الذي يتنكر له الجميع.

للعام الثالث على التوالي وموظفو القطاع العام بدون رواتب، الأمر الذي أجبر الكثير منهم إلى بيع كل مدخراته، وآخرون إلى امتهان أعمال لا تناسبهم من بينها الشاقة والتي تتطلب جهداً بدنياً والبعض لجأوا إلى بيع القات.

بيع الحطب.. مهنة جديدة في اليمن

عبدالكريم سيف كان يتقاضى راتباً شهرياً لا يقل عن مئة ألف ريال، إلا أنه وجد نفسه بدون دخل ويعيش حالة من الذل أمام هيمنة المؤجر كونه يسكن في بيت بالإيجار، وبعد أن تراكمت عليه إيجارات المسكن لمدة تزيد عن سنة ونصف ومطالبات المؤجر المستمرة له بإخلاء الشقة، بدأ يفكر في عملٍ يدر عليه ولو إيجار المنزل، ليستفيد مؤخراً من أزمة الغاز المنزلي، وبدأ بجلب الحطب من المناطق الريفية المجاورة للعاصمة صنعاء وبيعه.

ويقول إنها مهنة شاقة إلا أنه بدأ يجد نفسه في هذه المهنة التي يراها أنه لن تخذله يوماً كما خذلته الدولة التي قدم لها أجمل سنيين عمره، لينتهي أمرها في براثن الفساد.

موظفون يتسولون في المساجد

كثيرون من باتوا اليوم يمدون أيديهم للناس، وتجد أغلبهم من موظفي الدولة لكن الحاجة وغياب فرص العمل أجبرتهم على ذلك، وفي ذات السياق يقول أحد أئمة المساجد بالعاصمة صنعاء الشيخ صالح، إن التسول في المساجد بات ظاهرة تحتاج إلى معالجة وأصبحت مزعجة للمصلين. ويضيف: "بعد كل صلاة يقف على
الأقل شخصان أو ثلاثة أمام المصلين ويطلبون المساعدة وأغلبهم يقولون إن غياب الراتب أجبرهم على الوقوف، ولا يريدون مالاً بل يريدون شيئاً من الغذاء لسد جوعهم".

هذه الظاهرة يراها الشيخ صالح أنها زادت حدتها مع غياب الرواتب وانعدام فرص العمل، ويشير إلى أن الحرب التي يعيشها البلد فسحت المجال أمام العبث بمقدرات الدولة وأكل حقوق الناس، ووجد أصحاب النفوس المريضة شماعة لتبرير فسادهم.

أكاديميون يعملون في مهن شاقة وبيع القات

لا يختلف الأمر بين موظف كبير أو صغير في الدولة فالجميع يعيشون حالة الفقر المدقع، وشريحة الاكاديميين هي الأخرى بات منتسبوها يصارعون الجوع، الأمر الذي دفع بعضهم إلى امتهان مهن وحرف لا تتناسب مع مكانتهم العلمية والمجتمعية، وللسبب ذاته فقد عزم أستاذ الفلسفة بجامعة صنعاء الدكتور جميل عون- على أن ينسى درجته العلمية ويبحث عن مصدر للعيش، وانتهى به المطاف للعمل في مصنع للطوب، وهي مهنة شاقة إلا أنه فضل التعب الجسدي على الموت جوعاً، ويبين الدكتور عون أن غياب الراتب الشهري جعله أمام خيارين أحلاهما مر، إما أن يفني ما تبقى من قوته وجسده في مهنة شاقة أو أن يستسلم للموت جوعاً فاختار الأول وأن يعيش ما تبقى من عمره بكرامة.

أكاديمي آخر لجأ إلى بيع القات، ويقول أستاذ علم الاجتماع والأنثروبولوجيا بجامعة صنعاء -الدكتور عبد الله الحكيمي- معتذراً لطلابه إنه وجد نفسه مجبراً على العمل في هذه المهنة لكنه يعدهم بأنه سيصبح مقوتاً ناجحاً.

وكان مهندس التنقيب عن النفط محمد علوان الذي يُعد صديقاً للدكتور الحكيمي قد سبقه للعمل في بيع القات وسيعرفه على أسرار مهنتهم الجديدة، وعلوان الذي كان يعمل في إحدى الشركات النفطية الأجنبية وأوقفت
أعمالها في اليمن لجأ إلى حجز دكانة صغيرة في أحد أسواق العاصمة صنعاء وبدأ بممارست بيع القات.

1.25 مليون موظف ينتظرون الراتب

يبلغ عدد موظفي الدولة وفق بيانات حديثة لوزارة التخطيط والتعاون الدولي 1.25 مليون موظف جميعهم ينتظرون صرف مرتباتهم، ويعولون حوالي 6.9 ملايين نسمة، وفقاً لبيانات وزارة التخطيط، وتشير الوزارة إلى أن فاتورة المرتبات والأجور تبلغ حوالي 75 مليار ريال شهرياً.