تقرير أممي: نهب المال.. القاسم المشترك لأطراف النزاع في اليمن

إقتصاد - Monday 07 May 2018 الساعة 09:50 am
عدن، نيوزيمن: تقرير خاص:

جمع الثروة، وصناعة مزيد من الأموال، القاسم المشترك، بين الأطراف المتنازعة في اليمن، وهو ما يشكل عائقاً إضافياً أمام الحسم العسكري، والانتقال السياسي السلمي والتعافي.

وأوضح التقرير النهائي لفريق الخبراء المعني باليمن المقدم إلى رئيس مجلس الأمن في 26 يناير الماضي، أن الحكومة، والسلطات المحلية، والحوثيين، واصلت كلها، جمع إيرادات (الدولة) في المناطق التي تسيطر عليه، ولم يُجنِ المواطن منه سوى فائدة محدودة في شكل خدمات عامة وفرتها هذه الأطراف.

وأكد التقرير، أن تصرفات الأطراف المتنازعة تقوض أسس الاقتصاد الرسمي، وتخلق مشكلة سيولة، وهو ما يزيد احتمال انهيار النظام المصرفي والمالي اليمني.

وهناك الآن ظروف تُفضي إلى ممارسة غسل الأموال، وهو ما يشكل عائق إضافياً على طريق الانتقال السياسي السلمي والتعافي.

وتُحكم الحكومة قبضتها على مبيعات النفط الخام والقنوات المالية الإيرادية في شبوة وحضرموت وعدن ولحج وأبين، بينما محافظة مارب الغنية بالموارد تخضع كاملة لتصرف حزب الإصلاح، وتُجني ميليشيا الحوثي الأموال من المناطق الخاضعة لسيطرتها.

وبات الاقتصاد المتهالك، الرقم الصعب والورقة الرابحة، في أيدي كثير من المتربحين الجدد، الذين أنتجتهم ظروف الحرب، مع أفول الاقتصاد الرسمي، وغياب الدولة، وظهور الاقتصاد الخفي.

واشار التقرير الاممي إلى أن النظام المالي في اليمن منهار، فهناك مصرفان مركزيان متنافسان، أحدهما في الشمال يخضع لسيطرة الحوثيين، والآخر في الجنوب، ويخضع لسيطرة الحكومة، وكلاهما لا يعملان بكامل طاقتيهما، في حين تُجمع الضرائب، ويتعرض التجار للابتزاز، وتصادر ممتلكاتهم.

وأوضح التقرير، أن استمرار النزاع أسفر عن نشوء مجموعة جديدة من المتربحين، من الحرب في اليمن، وأخذت هذه المجموعة تحل تدريجيا محل الأنشطة التجارية التقليدية الموجودة في صنعاء وتعز، مؤكداً أن هذا سيؤدي إلى نشوء تحديات جديدة وظهور المزيد من المفسدين.

وأكد اقتصاديون أن المحتكرين للسلع، وقيادات في التنظيمات الإرهابية والجماعات المسلحة، وسماسرة شراء الولاءات والقادة الميدانيين، وتجار الوقود، وتجار البشر، والآثار، والمضاربون في سوق الصرف، وتجار السوق السوداء، شكلوا شريحة جديدة التحقت بمصاف الأثرياء، باعتبار أعمالهم في هذه الظروف الاستثنائية، اقتصاداً مضموناً وربحه سريع.

تقرير الخبراء أشار إلى أن بعض الممارسات التي يقوم بها بعض الأطراف تقوض أسس الاقتصاد الرسمي، وتخلق مشكلة سيولة، وهو ما يزيد احتمال انهيار النظام المصرفي والمالي اليمني. ووجدت ظروف تُفضي إلى ممارسة غسل الأموال، وهو ما يشكل عائقاً إضافياً على طريق الانتقال السياسي السلمي والتعافي.

التقرير الأممي بين أنه لا تُدفع المرتبات إلى أصحابها في كثير من الحالات في جميع أنحاء البلد، ما يعني أن الأدوية والوقود والمواد الغذائية، متى توافرت، غالبا ما تكون باهظة التكلفة، مشيراً إلى ان هناك تجارا جددا آخذون في الظهور بفعل هذه الحرب، وفي الوقت الحاضر تنذر الأمور بأن الغلبة ستكون للسوق السوداء على المعاملات الرسمية.

ويرى فريق الخبراء أن توزيع الوقود والمنتجات النفطية لايزال أحد المصادر الرئيسية لإيرادات للحوثيين، وفي يونيو 2015، أنهى الحوثيون احتكار شركة النفط اليمنية لاستيراد المنتجات النفطية وتوزيعها.

ودبّروا الحوثيون لذلك منافسة صورية في القطاع الخاص لتقديم عطاءات للتوزيع، وهو ما أتاح لهم الآن السيطرة على هذا القطاع، ولاسيما باستخدام موزعين في سوق سوداء يخضعون لسيطرتهم.

واوضح التقرير الاممي أن 11 شركة فقط استمرت في استيراد الوقود خلال عامي 2016 و2017، بينما يبدو أن 12 شركة توقفت عن الاستيراد إلى اليمن بعد 1مارس 2017، وظهرت 11 شركة جديدة منذ ذلك التاريخ. وهذا يدل على وجود استراتيجية لدى الحوثيين للسيطرة على واردات النفط، فيما حكومة هادي انهت احتكار استيراد النفط على شركة النفط في مارس 2018م.

ولم يواصل العمل على المستوى ذاته سوى مجموعة الحثيلي، بما لها من سجل سابق في ميدان صناعة النفط، فيما توقفت شركة الفلَك للملاحة، التي كانت تستخدمها شركة إخوان توفيق مطهر، التي ظلت تستورد الوقود إلى اليمن لصالح شركة النفط اليمنية في اليمن لعقود، عن العمل عبر الموانئ اليمنية على البحر الأحمر.

وينتسب جميع مستوردي النفط الحاليين العاملين إلى الحوثيين في شمال اليمن وشركة (عرب غلف) تستورد الوقود في عدن وبقية مناطق سيطرة الحكومة.

وأدت الحرب إلى حدوث خسائر مالية ومادية كبيرة لكثير من مؤسسات القطاع الخاص، ومع ذلك، حققت بعض الأنشطة الأخرى رواجاً غير مسبوق، إذ الأزمات بطبيعتها تسبب خسائر ولكنها في ذات الوقت تلد فرصاً لآخرين.

وتؤكد مشاهدات الواقع أن أهم الفرص الجديدة انتعاش تجارة الطاقة، وتجارة المواد الغذائية في المدن التي تشهد مواجهات مسلحة على الأرض، وكذلك اتساع أنشطة السوق السوداء.

من جانبه يقول الدكتور طه الفسيل- استاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء- أضحى العمل السياسي أحد المصادر الرئيسية للدخل والثروة مساهماً بذلك في توسيع دائرة المصالح والمنتفعين من السلطة بصورة أو بأخرى من خلال تعيين السلطة المنتميين للأحزاب والحركات السياسية والوجاهات القبلية والاجتماعية مناصب إدارية وسياسية في الجهاز الإداري للدولة.

فقد أتاح العمل السياسي الفرصة لكثير من السياسيين فرصة تحسين أوضاعهم المالية ومراكزهم الاجتماعية سواءً بصورة مباشرة من المزايا المالية التي تمنحها عملية التعيين، أو بصورة غير مباشرة من خلال العطايا المالية التي يحصلون عليها.