قوى النفوذ تُعطل القطاع البنكي لصالح مكاتب صرافة غير قانونية

إقتصاد - Wednesday 16 May 2018 الساعة 10:52 pm
عدن، نيوزيمن، تقرير خاص:

يعاني القطاع البنكي في اليمن من تحديات مختلفة قادته إلى التخلي عن الكثير من مهامه لصالح محلات وشركات الصرافة.

غياب السلطة النقدية الموحدة

تعود جذور هذه المشكلة إلى جملة من التحديات التي فرضت نفسها على الواقع، وفي ذلك يقول الباحث في الجانب المالي فؤاد عامر لـ"نيوز يمن"، إن القطاع البنكي في اليمن يعيش حالة من الفتور والتدهور الذي قاده إلى غيابه عن القيام بأدواره، ويأتي غياب السلطة النقدية الموحدة والفاعلة على رأس هذه التحديات، حيث أسهم هذا التضارب بين سلطتين نقديتين في صنعاء وعدن في خلق حالة من التشتت والذي أسهم في تجميد أنشطة البنوك المحلية وعدم قدرتها على تحويل مبالغ من أرصدتها إلى حساباتها في العمل لتتمكن من تغطية احتياجات التجار المستوردين للبضائع المختلفة إلى اليمن، وهذا بدوره فسح المجال أمام شركات الصرافة التي تمكنت من التحرر من هذه القيود والقيام بدور البنوك في تغطية حاجيات المستوردين.

البنوك الخارجية لا تتعامل مع البنوك اليمنية

ويشير عامر إلى أن هناك تحديات أخرى خارجية سحبت البساط من تحت القطاع البنكي لصالح شركات الصرافة، ويتمثل ذلك في إحجام البنوك الخارجية عن التعامل مع البنوك اليمنية عند التحويل بنفس العملة ويتم تحويلها بالريال اليمني.

بدورها وزارة التخطيط والتعاون الدولي تقول في نشرة المستجدات الاقتصادية، التي حصل "نيوزيمن" على نسخة منها، إن البنوك الخارجية تُحجم عن فتح حسابات للبنوك اليمنية، الأمر الذي يجردها عن الكثير من مهامها.

خلل كبير في الرقابة

تتراجع مهام البنوك اليمنية في ظل التدهور الذي يعيشه البلد، حيث يقود غياب الرقابة على النشاط المصرفي إلى خلق الكثير من العوائق بحسب الباحث الاقتصادي عامر عبدالوهاب، ويشير لـ"نيوز يمن" إلى أن هناك خللا واضحا في الرقابة على الأنشطة المصرفية خاصة في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي.

تأثيرات قوى النفوذ

ويؤكد عبدالوهاب أن الانتشار الكبير والواسع وغير القانوني لمحلات الصرافة يدلل على وجود أطراف لها نفوذها في صناعة اختلالات وتغييب للسلطة النقدية، الأمر الذي يتيح لهذه المحلات المضاربة بأسعار العملات الأجنبية وممارسة الابتزاز القائمة على التلاعب بأسعار عملات الدولار من الفئات القديمة للأعوام 1996، 1999، 2001 ، 2003، مما يترك أثراً في عزوف العملاء عن الإيداع في البنوك وإبقاء الدولار خارج البنوك.

العالم: اليمن منطقة ذات مخاطر مرتفعة

من جانبه أحد خبراء الاقتصاد، فضل عدم ذكر اسمه، يقول لـ"نيوز يمن"، إن الانتشار الكبير لمحلات الصرافة وأغلبها غير مرخصة، يؤكد على أن هناك ممارسات غير قانونية تتمثل في غسل الأموال الذي تقوم به جماعات لها غطاء وحماية وتسعى إلى الثراء على حساب الإضرار بمصالح الناس وتدمير الاقتصاد الوطني.

وفي ذات السياق ينظر العالم إلى اليمن بأنها منطقة ذات مخاطر مرتفعة، الأمر الذي يقود البنوك الخارجية إلى الإحجام عن فتح حسابات للبنوك اليمنية أو التعامل معها في الحوالات بعملة الدولار بسبب عدم وفاء اليمن بالأنظمة الدولية المتعلقة بغسيل الأموال وتمويل الإرهاب.

مكاتب وشركات صرافة غير مرخصة

بدورها وزارة التخطيط والتعاون الدولي تقول في أحدث إصداراتها والتي حصل "نيوز يمن" على نسخة منها، إن مكاتب وشركات الصرافة باتت تتصدر أنشطة التحويلات الخارجية وتمويل الواردات على حساب القطاع البنكي الذي أصبح عاجزاً عن القيام بذلك، وتؤكد الوزارة أن مكاتب وشركات الصرافة انتشرت بصورة ملفتة للنظر، حيث يُقدّرُ عددها في العام 2017 بأكثر من 1350 مكتبا وشركة صرافة منها 800 تعمل بدون تراخيص، وهذا يدلل على تمكين كيانات غير رسمية على حساب القطاع البنكي الرسمي، وبالتالي تنامي أنشطة المضاربين في العملات الأجنبية، خاصة في ظل ضعف الرقابة على أنشطة الصرافين، ووفقاً للمعلومات فإن اللاعبين في سوق الصرف يُقدّرون بحوالي 5 صرافين.

تحويلات المغتربين خارج إطار البنوك

لا تتوقف التحديات التي تهدد القطاع البنكي في اليمن عند هذا وتنعكس سلباً على الاقتصاد الوطني والوضع المعيشي للمواطن، حيث يؤكد الخبراء الماليون أن تحويلات المغتربين التي تنأى عن القطاع البنكي لها آثارها السلبية على هذا القطاع، حيث تتم حوالات بطرق غير رسمية وعن طريق المسافرين، وعلى شكل سلع عينية.

ووفقاً للبيانات الرسمية للعام 2017 فإن 12.9% من المغتربين اليمنيين يرسلون تحويلاتهم المالية عبر الأقارب والأصدقاء، وأن ما نسبته 83.8% من المغتربين عبر شركات تحويل الأموال (محلات وشركات الصرافة) بينما شكلت التحويلات عبر البنوك 2.9% فقط.